Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 02/08/2013 Issue 14918 14918 الجمعة 24 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

قصة قصيرة
أسرار مع الشمس

رجوع

عندما تقترب الشمس للمغيب وتنثر شعرها الذهبي على أكتاف الأفق تودع محبيها تزفها آهاتهم ونظراتهم وعتمة الليل القادمة من الشرق إلى فجر جديد، اعتاد خالد أن يجلس كل يوم على أكمته الصغيرة ليعيش هذه اللحظات. يمكث حتى يتأكد أن آخر خصلة ذهبية من أشعة الشمس قد غابت، يترك المكان ويسحب قدميه بتثاقل إلى خيمته، ينظر بين الفينة والأخرى إلى جهة غروب الشمس يدقق بما بقي من حمرتها الضعيفة بقدر ضعفه، ينظر إلى ظلمة الليل الهائلة التي تكاد تحيط به يستجمع قواه يذهب ليتسامر مع أقرانه على ضوء النار، يتضاحكون ويتندرون وهو بينهم، لكن مشاعره مسافرة خلف الشمس وأحلامه متوقفة، بل ميتة تنتظر الفجر ليبث فيها الحياة من جديد. خالد يعيش هذه الحالة منذ سنوات، يضحك منه أقرانه وأحياناً يحزنون لحاله وهم يرونه يذبل بينهم لتعلقه بغروب الشمس وشروقها وما يخالجه من مشاعر وحزن لا يعرفون أسبابه، يظل خالد مستيقظاً حتى منتصف الليل متشبثاً ومفكراً بموعد استيقاظه فجراً يستيقظ قبل شروق الشمس، يشعل ناره يتهلل وجهه فرحاً برؤية احمرار الشمس وهي تزفها إلى أفق الشرق، تنتابه حالة جمود وهو يشاهد خيوط الشمس تغزل الضوء، يقف مكانه كأنه جزع شجرة يصارع الريح، يقف وهو في حالة انبهار وفرح، تتعطل جميع مشاعره الأخرى متضامنة مع صمته وجموده تظهر معشوقته تخترق السماء، يفتح خالد ذراعيه ويضمها وكأنه يعانق الشمس يطمئن على وجهها في كل أجزاء النهار حتى تذبل الشمس وقت الغروب، يذهب إلى أكمته الصغيرة التي ألفته ليجلس عليها ويشاهد غروب واختفاء معشوقته، فسر أحد أصدقاء خالد حالته انه ربما يحاول أن يعيش الفراق بغياب الشمس واللقاء بشروقها متمنياً ان تحاكي حياته وفراقه لحبيبته، غروب وشروق الشمس، ليعيش الأمل برجوع من يحب مع كل إطلالة فجر.. ربما.. ظل خالد مقدساً هذه الطقوس في كل ما مضى من أيام. وفي يوم جديد شرقت الشمس بهدوء لتفاجئ خالد، لكنها لم تجده ربما هو نائم أو انشغل بأمر آخر، طمأنت الشمس نفسها وكأنها لا تشرق إلا من أجل خالد، شقت الشمس السماء ببطء تبحث عن خالد الذي كان يرافقها في كل يوم، بحثت عنه في كل مكان طمأنت نفسها انه ربما نام ولكن حرصه منذ سنوات يمزق هذه الطمأنينة، قربت الشمس من المغيب تتشبث بظل الأشياء لتبطئ مسيرها ضعفت أضواءها خبا نورها، تبحث قبل موتها عن أي أثر لخالد كل شيء في مكانه الجبال الأشجار الأكمة إلا خالد لم يكن موجوداً شرقت من الد بحثت عن خالد في كل مكان، لم تجده منذ سنوات، حتى أصدقائه لا يعرفون سر اختفائه أو مكانه، ولكن يعرفون حتماً أنه بمكان لا يرى فيه الشمس.

- حصة الراشد

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة