Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 05/08/2013 Issue 14921 14921 الأثنين 27 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

الذين شاهدوا اليوتيوب القصير عن ما يحدث في أيام رمضان عند بداية العمل في جوازات الرياض، سوف يستنتجون ما أعنيه بالبيروقراطية المتوحشة، أي ما تستطيع البيروقراطية المتجردة من المسؤولية فعله بالناس المضطرين الخاضعين لقواعدها الاعتباطية وتحويلهم إلى وحوش. إنها تحولهم إلى مجموعات تتصرف بلا عقول ولا كوابح أو أحاسيس، تجعلهم يتصرفون بأنانية بدائية وبعقلية أنا أولا ً ومن بعدي الطوفان.

البيروقراطية المكتبية في اتخاذ القرار في الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية. دون حصر عاقل وحكيم وعلمي للمشكلات التي تسببها للناس، هذه المركزية المكتبية في اتخاذ القرار هي الأم القبيحة التي تلد لنا بيروقراطية أشد قبحاً.

جوازات الرياض جزء رئيس من توابع وزارة الداخلية الموقرة، التي هي إحدى الوزارات السيادية، وهي الوزارة المسؤولة عن النظام وتطبيقه والإشراف عليه في أهم شؤون الحياة المدنية والأمنية. وزارة الداخلية بمواصفاتها هذه ماهرة وشاطرة ومحترفة في تطبيق العقوبات المالية المؤلمة على من يتجاوز السرعة المحددة، وفي جني الغرامات على المتهاون في تجديد التراخيص من كل نوع، وعلى المتاجر عند ثبوت مخالفات عليها، ومنع مغادرة البلاد لمن يحاول العبث بالأمن العام. وهذه كلها حقوق للوزارة بقدر ما هي واجبات عليها، ولا اعتراض على ذلك إلا في حدود الشرع والنظام.

لكن هذه الوزارة مسؤولة بالقدر نفسه والميزان الشرعي والقانوني عن مؤسساتها ومنسوبيها عندما يرتكبون الأخطاء والمخالفات، فهل هي تقوم بذلك بالوضوح نفسه الذي تتعامل به مع العقوبات والغرامات؟

من أسوأ أنواع القيادة في الشوارع السعودية سيارات الليموزين وسيارات المرور. لكن ما لنا ولسائقي الليموزين، فهؤلاء أكثرهم عمالة أجنبية نظامية وغير نظامية تعمل بشروط استخدام وتبادل منافع ظاهرة وباطنة، وقد جفت آلاف الأقلام بسبب الكتابة عنها وعن مشكلاتها المرورية والأخلاقية والأمنية. إذاً علينا من سيارات المرور كمثال يومي على تساهل وزارة الداخلية مع ممارسات منسوبيها، حين لا يستخدمون مؤشر توضيح الاتجاه عند الالتفاف والدوران والوقوف، ولا يلتزمون بمتطلبات وقواعد المرور الآمن عند المشاركة فيه، لا في الالتزام بالمسار ولا بالوقوف النظامي ولا بالحد الأدنى من السرعة بحيث يتمكن الآخرون من تجاوزهم لقضاء حاجاتهم. هذه الجزئية عن المرور مجرد ملاحظة عابرة تضاف إلى غيابه شبه الكامل عن التقاطعات الحرجة وفقدان الهيبة أمام قطاع الإشارات والطرق المتهورين، والتعامل السلحفاتي في الوصول إلى الحوادث. أقول هذه مجرد ملاحظة جزئية، لأن أصل هذا المقال هو الفوضى المستعصية على الوصف أمام وداخل جوازات الرياض أثناء دوام شهر رمضان.

جماهير غفيرة من كل الأجناس وتراكم بشري من أهل البلاد مع مختلف جنسيات الأرض تملأ كل الشوارع المحيطة بمبنى الجوازات، وهو مبنى سيء الموقع قديم التصميم ولم يعد يفي بحاجة العاصمة لا من الداخل ولا من الخارج. ثم وكأنما نفخ أحد صافرة الانطلاق لسباق ماراثوني عند فتح الأبواب إيذاناً ببدء العمل في الجوازات، فتندفع الجماهير من فوق الأسوار، ومن فوق وتحت بعضهم البعض، فيسقط من يسقط ويتعثر من يتعثر، ويكسب الشباب والأقوياء ومحترفو مصارعات التحدي، فيندفعون إلى الداخل مخلفين وراءهم المجروحين والمرضوضين والمكلومين من الكبار والنساء وناقصي اللياقة البدنية.

النتيجة هي أن الإجراءات البيروقراطية النهائية لا يحصل عليها سوى البعض من أبطال المصارعة الحرة بسبب قلة العاملين، ثم ومن فجر الله في صباح اليوم التالي تتجمع الجماهير من جديد وتتكرر المشاهد القتالية وسباقات التوحش.

بناءً على ما سبق أوجه بعض الأسئلة:

* لماذا لا يعفى التعامل مع حاجات المواطن السعودي الذي لا علاقة له بشؤون العمالة المستقدمة من الحضور الشخصي لمبنى الجوازات الرئيسي، وتدار شؤونه إلكترونياً من فروع في الأحياء مرتبطة بالإدارة العامة. لدينا من خريجي الحاسب الآلي أعداد هائلة وعاطلة عن العمل لو تم توظيفها لتخلصنا من الكثير من المشكلات.

* لماذا لا تكثف الجوازات من أعداد شبابيك العمل المفتوحة والعاملين عليها أثناء الأزمات، علماً بأن الحاصل المشاهد في شهر رمضان الكريم هذا هو أن الأعداد العاملة كانت الأقل بين كل شهور السنة. إذا كان هناك تسيب في الحضور بسبب الصيام واضطرابات النوم لا تعلم عنه وزارة الداخلية فهي المسؤولة عنه وعليها أن تحاسب نفسها بشفافية أمام الجمهور وتعترف بالتقصير وتصحح الوضع.

* لماذا تكون الأولوية والأحقية في تطبيق الأنظمة والعقوبات على المواطن لوزارة الداخلية وتوابعها، ويسقط أو يضيع حق المواطن عند التضرر من المراجعات المتكررة والإرهاق وتفويت أوقات التجديد والتراخيص وتسديد الغرامات.. إلى آخر قوائم المتطلبات البيروقراطية الخانقة.

المفترض أن تتعرف وزارة الداخلية ميدانياً على ما يحصل في امتداداتها الطرفية قبل أن تضاف نواقصها إلى نواقص المطارات السعودية التي أصبحت معرة ومثلبة كبرى للدولة أمام العالم.

الرياض

إلى الأمام
توحش البيروقراطية على يوتيوب الجوازات
د. جاسر عبدالله الحربش

د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة