Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 07/08/2013 Issue 14923 14923 الاربعاء 29 رمضان 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

من ينظر في تاريخ الأمم المعاصر، أي التاريخ الذي يبدأ بمطلع القرن العشرين، يجد أن هناك من الشعوب التي كانت مقهورة بالاستعمار موبوءة بالجهل والمرض والفقر اصبحت اليوم في مقدمة شعوب الأرض ثراء وتقدماً وحضارة، ويجد أن شعوباً كانت ترفل بالنعم وتزهر بلادها بالفن والجمال قد بليت بالتخلف والفاقة واصبحت عالة على الأمم الأخرى، هذا الناظر في تاريخ الأمم لن يجد عناء في تبرير ذلك التقدم والتخلف الذي يصيب الشعوب، فالشعوب التي تتقدم، تتقدم بفعل حركة اجتماعية ضخمة تتظافر بها العقيدة الفكرية العامة والطموحات الفردية والحكمة القيادية، هذه الحركة الاجتماعية تعزز الثقة وتدفع لتغيير الواقع فالجاهل يسعى للعلم والمريض يستشفي والفقير يثور على فقره، والجميع يبحث عن النجاح، اما الشعوب التي تأخرت فقد بليت بالاستبداد والانقسام والطبقية الاجتماعية وقهر المجتمع بعضه لبعض وسيادة الكسل والجدل.

النمو الحضاري للشعوب لا يحدث ببواعث خارجية، او بوجود ثروات نفطية أو معدنية، ذلك النمو يحدث ببواعث داخلية كامنة في المجتمع، كل ما تحتاج هو إطلاقها ومجانستها وتنسيق فعلها، فتتحرك عجلة التقدم، هذه الكوامن تتمحور حول عقيدة المجتمع تجاه الذات وعزتها وتجاه الكرامة وحفظها وتجاه العدالة وصيانتها وتجاه التغييركحاجة. العقيدة الاجتماعية المؤسسة للنمو الحضاري تغمر الذات في بحر المسؤولية، فالإنسان وحده هو المسؤول عن واقعه وهو المسؤول عن تغييره، هذه العقيدة لا تبرر الفشل ولا تبرر الكسل ولا تبرر الضعف، فلا مكان فيها للقدرية المزرية ولا العذرية العاطفية، الشعوب التي تتأصل فيها مفاهيم هذه العقيدة في عقل ووجدان المجتمع، تمقت الكسل وتمقت الاتكالية وتمقت الطفيلية كأسلوب معيشة وتمجد العمل والكسب والإبداع، والعقيدة الاجتماعية المؤسسة للحضارة تقوم على تعزيز الكرامة الإنسانية، فلا تحتمل الاستبداد والاستعباد والقهر كنشاط إجتماعي ولا تحتمل الطبقية وسيادة عنصر اجتماعي على آخر، فالإنسان في مفهومها حر في إرادته حر في نشاطه عزيز في كينونته، هذه العقيدة ايضا تضع العدالة الاجتماعية في مرتبة قدسية، فالعدالة مفهوم قبل أن تكون سلوكاً, والمجتمع المتشبع بمفهوم العدالة شعبه متسامح متعاون متكاتف، والعقيدة الاجتماعية المسببة للحضارة ترى في التغيير حاجة لخلق واقع جديد يسعد المجتمع بصورة عامة، هذا التغيير هو السبب والنتيجة في تحريك عجلة التنمية، فالشعوب التي تريد التغيير لا تخاف منه ولا تتحجج عنه بالتخلي عن الخصوصية والإرث، التغيير لا يحدث إلا لمن يريد أن يغادر واقعاً لا يريد أنت ينتمي له بعد ذلك، والرغبة في التغيير لا تحدث الا عندما يسود في المجتمع الشعور برفض الواقع المزري.

الشعوب التي تركت التاريخ فقط يتحدث عن مآسيها الغابرة، هي الشعوب التي نجحت وانتجت وتغيرت وباتت في مقدمة الأمم عزة ورفعة، والشعوب التي ارتكست على موروثاتها البالية و كياناتها المصطنعة وعقيدتها الاجتماعية المريضة هي الشعوب التي لازالت تعيش الفاقة والقهر والانقسام، لم يسعفها معونة الآخرين ولم تنقذها ثروة الأرض التي ينتهبها منهم الطامعون.

بلادنا اليوم مؤهلة لتحريك عجلة التطور الحضاري وعقيدتها الاجتماعية قادرة على تحريك تلك العجلة الهائلة، كل ما نحتاجه هو مراجعة لمكوناتها بحيث ننبذ منها شوائب الاتكالية والطفيلية وأمور أخرى لا تساهم في بناء عقيدة صلبة قادرة على تحفيز البناء الحضاري.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
إذا الشعب يوماً أراد النجاح
محمد المهنا ابا الخيل

محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة