Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 16/08/2013 Issue 14932 14932 الجمعة 09 شوال 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

لقد عرَف العالم مصطلح الاقتصاد الأخضر باعتباره الجزء من الاقتصاد الخاص بخفض معدلات انبعاثات الغازات الدفيئة الضارة بالبيئة الناتجة عن استخدامات مصادر الطاقة إلى الصفر، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة النظيفة التي يتم توليدها بشكل طبيعي كالشمس والرياح والطاقة المائية.

هذا التعريف يُستخدم كنقيض لتعريف الاقتصاد التقليدي الأسود الذي يعتمد على الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم الحجري)، أو الاقتصاد الأصفر الذي - حسب تعريفي - يعتمد على الوقود الأحفوري المُحسن والتقنيات المتطورة التي تساعد على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة.

الكثير من المهتمين بقطاع الطاقة خصوصاً في الدول النفطية التي تعتمد اقتصادياتها على تصدير البترول يتفقون على أن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة إلى الصفر أمر غير عملي بغض النظر عن مصادر الطاقة المستخدمة سواءً كانت متجددة أو تقليدية.. وبالتالي أقترح هذا التعريف الجديد للاقتصاد الأخضر: هو الجزء من الاقتصاد القائم على تطوير مصادر طاقة صديقة للبيئة ويعالج ويهتم بالحد من ارتفاعات معدلات الغازات الدفيئة الناتجة عن استخدامات مصادر الطاقة التقليدية والمُحسنة والمتجددة.

ويشمل هذا التعريف الاستثمارات في القطاعات الداعمة لهذا التعريف مثل مشاريع كفاءة استخدام ونقل الطاقة والحفاظ عليها، وترشيد الطاقة، والبنية التحتية للمحافظة على البيئة مثل معالجة الصرف الصحي، وتقنيات تجميع الغازات الدفيئة الضارة والتخلص منها من خلال خلق نماذج اقتصاد مستدام، ونماذج أعمال تجارية ربحية لتطوير وصيانة وتقديم خدمات داعمة للاقتصاد الأخضر ومنتجاته.

عندما نلقي نظرة سريعة على خريطة الاقتصاد الأخضر العالمية، فإننا نجد الاستثمارات الضخمة التي تُقدر بمليارات الدولارات سنوياً في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا الغربية ومؤخراً في الصين، حيث تُصرف هذه الأموال على مشاريع لتوليد الطاقة النظيفة وإنشاء قطاع خدمي مساعد لها وأنظمة وقوانين تشجع القطاع الخاص للاستثمار، والأهم من ذلك لإنشاء مراكز بحوث وتطوير داعمة لهذه الصناعة.

عندما نقارن هذه الاستثمارات بما يُستثمر من قِبل دول العالم الثالث بما فيهم دول منظمة أوبك ومجلس التعاون الخليجي، فإننا نجد أن ما يتم صرفه لا يقارن البتة بما تستثمره هذه الدول الصناعية الكبرى، مما يُعد مؤشراً خجولاً لحجم الاقتصاد الأخضر في دول العالم الثالث مع استثناء بعض الاستثمارات من قِبل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر من خلال إنشاء بعض مدن ومشاريع الطاقة المتجددة.

أعتقد أنه من مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي ودول منظمة أوبك أن تلعب دوراً رئيسياً في بناء خريطة الاقتصاد الأخضر العالمية.. هذه الإستراتيجية التي يجب أن تتكون من ثلاثة مسارات متلازمة:

المسار الأول هو حماية حصتها في السوق النفطية حيث يمثل تصدير البترول والغاز النسبة الكبرى من دخلها من خلال تحسين الصورة السوداء لدى الغرب عن النفط واتهامه كمصدر رئيس لظاهرة الاحتباس الحراري وانبعاثات الكربون في الجو.. فيمكن تحقيق ذلك الهدف من خلال الاستثمار في الأبحاث والتطوير لتحسين كفاءة الاحتراق لمصادر الطاقة القائمة على النفط والغاز وتطوير تقنيات جديدة تتخلص وتحد من انبعاثات هذه الغازات الضارة. المسار الثاني يتمثل في تأجيل وقت نضوب احتياطياتها الهيدروكربونية الحالية من خلال الحد من ارتفاعات استهلاك الطاقة المحلية وتجنب زيادة الإنتاج الذي يؤدي إلى وجود فائض لا حاجة له في ميزانيات هذه الدول.

المسار الثالث هو تطوير وامتلاك تكنولوجيات الطاقة المتجددة والصناعات الداعمة لها للحفاظ على موقعها الرئيس كمصدر للطاقة بجميع مصادرها وتجنب الوصول إلى مرحلة استيراد مصادر الطاقة المتجددة في المستقبل بعد نضوب النفط.

بالرغم من هذه الجهود، أعتقد أن الدول الكبرى في منظمة أوبك ودول مجلس التعاون الخليجي لا تزال في بداية الطريق.

هذه الجهود المشكورة تتقدم ببطء خصوصاً في مجال إصدار القوانين التي تنظم هذا النوع من الاقتصاد الأخضر وتطور قطاع الخدمات والبنية التحتية الداعمة له.. كما تفتقر بعض دول مجلس التعاون الخليجي لوجود مراكز أبحاث ودراسات مستقلة، ووجود قواعد بيانات ودراسات يمكن الرجوع إليها بسهولة من قبل الباحثين والمهتمين بهذا النوع الخاص من الاقتصاد.

كذلك لا توجد إشارات واضحة لتطوير إستراتيجية خليجية متكاملة لهذا النوع من الاقتصاد، كما لا يوجد جهد ملحوظ تعاوني لإصدار معايير ومقاييس مشتركة، وأنظمة مشتركة لتنظيم وتوحيد الأسعار.. والأهم من ذلك لا يوجد نظام حوافز من شأنه أن يشجع القطاع الخاص للاستثمار في هذا النوع من الاقتصاد. فالجهود الحالية غير كافية ولا يوجد لها تأثير مباشر على اقتصاديات دول الخليج.

لذلك أرى أنه من الضروري أن تضاعف هذه الدول الجهود الحالية والاستثمارات ذات الصلة لتغيير خريطة الاقتصاد الأخضر العالمية ووصول دول الخليج العربي لدور قيادي مطور وداعم رئيس لهذا النوع من الاقتصاد بدلاً من الدور الحالي التابع للغرب والشرق.

www.saudienergy.net
Twitter: @neaimsa

دول الخليج والاقتصاد الأخضر
د.سامي بن عبدالعزيز النعيم

د.سامي بن عبدالعزيز النعيم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة