Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSunday 18/08/2013 Issue 14934 14934 الأحد 11 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

يدهشني السعوديون في السفر، وأتمنى أن أجد دراسة ميدانية جادة لمعرفة ميولهم في السفر، وأهدافهم منه، وهل بالفعل هم يستمتعون أثناء سفرهم، ويعيشون الاستجمام والراحة فعلاً؟ أم هم خلاف ذلك؟

كان الأثرياء منهم يتباهون قديماً بأنهم سافروا إلى لبنان ومصر، ويتحدثون عما شاهدوه وعاشوه هناك، وتحتفظ ألبوماتهم بصور عتيقة بالأبيض والأسود عند صخرة الروشة وكورنيش المنارة في بيروت، وعند الإهرامات في الجيزة بمصر، لكن الأمر تغيّر الآن كثيراً، وذلك من جوانب عدّة، فلم يَعُد السفر للأثرياء فحسب، بل نال متوسطو الدخل ذلك، وطار القرويون منهم إلى مختلف قارات العالم، وأصبحوا يسدِّدون فواتيرهم بالبطاقات الائتمانية بدلاً من العملات النقدية، بل إنّ بعضهم أصبح يبحث عن بلاد لا يرتادها السعوديون، لأنّ الاستمتاع بطقس «الهايدبارك» وطبيعتها لا يختلف عن حديقة «السويدي» بسبب كثرة العرب، والسعوديين بشكل خاص، ورغم ذلك لا يمكن أن يصل السائح إلى أي بقعة في العالم حتى يجد رفاقه أو جيرانه أو أقاربه!

لديّ شعور كبير أنّ معظم هؤلاء لا يسافرون بهدف المتعة والترويح عن النفس، بقدر المباهاة على طريقة «شوفونا»، فلم تًعُد تكفي عبارات «يوم كنا في سويسرا ....» التي يتباهى بها الآباء والأمهات في مجالس العائلة والأصدقاء، بل أصبح الصغار في العائلة يشعلون صفحاتهم في «الانستجرام» بصورهم عند معالم المدن ومطارات العالم، حتى أنهم لا يفعلون أي شيء دون تصويره وبثِّه، ما عدا لحظة النوم، فحتى الأكل في المطاعم يجب التقاط الصور له قبل تناوله، بهدف إشهاره أمام الملأ، والإعلان عن المطعم الفلاني في الجزيرة الفلانية!

صحيح أنّ كثيراً من السعوديين لا يملكون مسكناً خاصاً، ويعانون من مصاريف رمضان والعيد والمدارس وغيرها، لكنهم رغم ذلك، لا يتردّدون في السفر إلى مختلف بلدان العالم، حتى أصبحت بعض الوجهات، كدبي وماليزيا، لا تكتمل سياحتها من غير هؤلاء، حتى تجاوز إنفاقهم على السفر 60 مليار ريال سنوياً، وأصبح ما يقارب نصف الشباب السعودي ينفقون أموالهم على الهواتف النقالة والسفريات، ولا يعرفون مصطلحاً اقتصاديا اسمه «الادخار»، فما يعرفه معظم هؤلاء أنّ المال هو للإنفاق على مختلف الوجوه، حتى لو كان على السلع الكمالية، وعلى الاسترخاء والسفر!

في الدول المتقدمة يعلِّمون الأطفال في مراحل مبكرة من التعليم على الادخار، وحتى لدينا قديماً، كان الآباء والأمهات يعلِّمون أبناءهم على ذلك، قبل أن تلتهم المظاهر والمباهاة جيوب الأجيال الجديدة من السعوديين!

هكذا تحوّل السفر من الخاصة والأثرياء، إلى العامة، فلم يَعُد كما يردِّد الشاعر الشعبي

«يا قرب واشنطن ولندن وباريس

حذفة عصا للي رصيده ملايين»

بل أصبحت حذفة عصا لمن رصيده بطاقة ائتمانية جاهزة للاستخدام، ولمن تنام في جيبه بطاقة فيزا مطيعة!

نزهات
حذفة عصا لحامل الفيزا!
يوسف المحيميد

يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة