Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 21/08/2013 Issue 14937 14937 الاربعاء 14 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

كنت أقلب قنوات التلفزيون متابعًا ما يجري في (ميدان رابعة العدوية) و(ميدان النهضة) حال قيام الجيش المصري بفضّ الاعتصامات فيها، ومع أن الانحياز واضحٌ بين تلك القنوات لطرف من أطراف النزاع وخصوصًا القنوات الإخبارية التَّقْليدية، إلا أن ما شدّ انتباهي ليس ذلك الانحياز من قبل قنوات الأخبار، بل هو حجم التضخيم في أعداد القتلى والجرحى وتضارب مصادر الأحصاء، وقيام البعْض من المعتصمين بتمثيل الإعياء والإصابة التي سجَّلتها عدسات التصوير، هذا التَّزوير في الحقِّائق كان للتأثير في مشاهدي التلفزيون وخصوصًا المصريين الآمنين في بيوتهم، في محاولة للتجييش وجذب مزيد من النَّاس لميدان الصراع، وفتن النَّاس بعضهم ببعض. اعتصم الآلاف في ميدان رابعة العدوية وكذلك في ميدان النهضة ولمدة تزيد عن شهرين وكانت مطالبهم المعلنة هي عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل احتجاجات 30 يونيو، وحجتهم أن الديموقراطية قد اعتدي عليها بخلع الرئيس (مرسي) من قبل الجيش، لذا هم يتظاهرون طلبًا للديموقراطية، هؤلاء الآلاف لم يكونوا ديموقراطيين في سلوكهم معظم الوقت، فكانوا يعتدون على من يعارض مطالبهم من السكان المحيطين بساحات التظاهر، وكذلك يحرمون ذوي المصالح والمتاجر التي عطَّلها الاعتصام، وفي بعض الأحيان يقوم بعضهم بغارات عدوانية على مصالح ومؤسسات حكومية، وحين يقوم بعضهم بهذه الأعمال ينفي فريق آخر ذلك ويحتج بسلمية الاعتصام في صورة تغطية على جرائم البعض. الديموقراطية هي نتيجة للوفاق الشعبي على أسس اختيار نمط الحكم، الذي يوفر لجميع فئات الشعب المختلفة الحقوق الأساسيَّة في الأمن وتساوي الفرص والرِّعاية الاجتماعيَّة والحُرِّية الشخصيَّة وكذلك أسس اختيار من يتولى القيادة السياسيَّة، فالديموقراطية ليست شعارًا يرفع وتصبح البلاد ديموقراطية، إن أهم مقوم للديموقراطية هو العدالة الفكريَّة المستقرة في العقول، فالإِنسان المؤمن بالديموقراطية يجب أن يعتقد بالعدالة كمنهج تعامل وحياة، فهو عادل في رغباته وعادل في قدرته وعادل في حقوق من هم أضعف منه، العدل هو قيمة إِنسانيَّة سامية قبل أن يكون سلوك إِنساني فالإِنسان العادل، لا يعتدي عندما يتمكَّن من السطوة والإِنسان العادل يحفظ حقوق الآخرين كما يحفظ حقوقه، فهو يَرَى نفسه مكان الضعيف ويستشعر الإحساس بالظُّلم فيمتنع برغبته عن ظلم الآخرين. فالإِنسان العادل فقط هو الإِنسان الذي يقبل الديموقراطية ويلبها لنفسه ولغيره من المخالفين له. من يعتدي على النَّاس لكونهم يختلفون معه ومن يحرم النَّاس حقوقهم ويعيق مصالحهم، من يكذب على النَّاس ويستدرج عواطفهم ليلقي بهم في أتون الصراع الحزبي، من يقاتل الآخرين ليصل للسلطة، هو إِنسان ليس عادلاً لا مع نفسه التي رهنها للهوى والتحزُّب ولا مع النَّاس الذين اعتدى على أبدانهم ومصالحهم ومشاعرهم. هذا الإِنسان ليس ديموقراطيًّا ولا يفهم الديموقراطية إلا كشعار يحتمي به ليمارس دكتاتورية الفئة. اليوم وبعد أن ألهبت الحالة المصريَّة مشاعر العرب وبات كثير من النَّاس مؤدلجًا بصورة فئوية، يردّد كلام لا يعرف مدى حقيقته ويروي قصصًا لم يحضرها ويسخط على ناس لا يعرفهم ويبكي على آخرين لا يعلم برهم وفجورهم، اليوم بات واضحًا أن العدالة كقيمة سامية لا تسكن كثيرًا من العقول العربيَّة التي تطالب بالديموقراطية.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
العدل قبل الديموقراطية
محمد المهنا ابا الخيل

محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة