Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 22/08/2013 Issue 14938 14938 الخميس 15 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

في خريف عام 1403 للهجرة سافرت لأسطنبول مع وفد شبابي ضمن برنامج نظمته الرئاسة العامة لرعاية الشباب ممثلة ببيوت الشباب، واختير من كل منطقة من مناطق المملكة شاباً واحداً فقط للسفر إلى هناك، وحتى اليوم لا أعلم ما قصة هذا البرنامج “كيف بدأ، وتحت أي شعار، ولمصلحة من، وما هو مصيره؟!”، عموماً كانت هذه هي الرحلة الأولى التي وطأت قدمي فيها الأراضي التركية، وكنت أيامها طالباً في المرحلة الجامعية، السنة الأولى.. بعدها سافرت ثلاث مرات للسياحة الصيفية مع أصدقاء أعزاء - رحم الله من مات منهم ووفق وسدد الأحياء لكل ما هو خير-، آخرها كان قبل خمسة عشر عاماً أو يزيد.. وفي العام قبل الماضي كان لي رحلة علمية خاطفة، زرت فيها مع وفد من جامعة حائل جامعة اسطنبول في مهمة رسمية صرفة، وفي وقت شديد البرودة، ولم تكن هناك فرصة للتعرف على أكثر من المجتمع الأكاديمي وفي جامعة واحدة فقط.

الصورة الذهنية التي بنيتها عن إنسان هذا البلد، وطبيعة تعامله مع الجنس العربي عموما والخليجي خاصة جعلتني بصدق أحجم عن تولية وجهي شطرها، وأخذ عائلتي لها، مع كثرة الفرص التي سنحت لي طوال فترة انقطاعي عنها.. وقبل خمسة أشهر تقريباً جمعني لقاء خاص بالزميل العزيز والصديق الوفي الكاتب العكاظي المعروف الدكتور رشيد بن حويل البيضاني بعد أن تشرفت بدعوته الكريمة للقاء محاضرة عن “التربية والتعليم بين عهدين...” في صالونه الثقافي بجدة، وفي هذا اللقاء استفاض أبو الوليد في الحديث عن هذا البلد وأهله والتغير الكبير الذي حصل بها في غضون عشر سنوات الماضية، والطفرة الاقتصادية التي تعيشها، والتعامل الإيجابي الذي يحظى به المسلم عموماً والجنس العربي على وجه الخصوص والسعودي بشكل أخص لما لمكة والمدينة من منزلة رفيعة في نفوس الأتراك.

وبفضل الله ثم بفضل هذا الرجل أعدت اكتشاف تركيا من جديد، وتغيرت الصورة الذهنية السلبية التي ظلت ملازمة لي طوال السنوات الماضية إلى صورة إيجابية حقها الإشادة والتوقف عندها وأخذ الدرس منها.

إن من الخطأ أن تظل نظرتنا جامدة في عالم سمته الأساس التغير والتبدل، وإن من العيب الذهني أن تثبت صورة ارتسمت قبل خمسة عشر عاماً عن بلد نسمع عنه ونرى منه التحول والتبدل من عالم لآخر، ومن نهج للنقيض، كما أن من الإجحاف في حق الحقيقة أن تكون الإسقاطات السياسية والمواقف الشخصية العارضة ومع فرد أو أكثر أو حتى شريحة من المجتمع هي من يوجه بوصلة أفكارنا ويضبط منهجية تقويمنا سلباً أو إيجاباً، فالعدل في القول مسؤولية فردية في ميزان الرب المعبود، ولا يليق فيها التعميم والشمول بصيغة القطع والجزم الذي لا مرية فيه ولا شك إن هذا البلد الإسلامي القوي استطاع أن يتقدم اقتصادياً وسياحيا وثقافيا وسياسياً واجتماعياً و....بشكل سريع وكبير، وأن يحقق قادته ومنظروه الرفاهية لأغلبية سكانه وقاطنيه جراء التزامهم بنهج اقتصادي مؤسس ومدروس، وفي ذات الوقت تمكن هؤلاء القادة الوطنيون قلب الموازنة من ارتماء بأحضان الغرب وكره لما سواه من أجل الانضمام للعالم الأوروبي إلى ثقة بالذات، وتطوير للقدرات، وبناء للمهارات، واعتزاز بالهوية، وشعور بالقوة، ومن ثم الانفتاح على الجميع وبمسافات متساوية، وخطوط متوازية، وحسابات دقيقة، وقراءات مستقبلية واعية.

إن القارئ في خارطة عالمنا العربي اليوم، المتمعن في تحركات الغرب المشبوهة الرامية إلى تطبيق مشروع “الفوضى الخلاقة” في ربوعه، الساعية بكل جدية لخلخلته، وتحريك رقعه، وإثارة القلاقل في داخله، وبث روح العداء والصراع بين فصائله الوطنية المختلفة المتحدة.. إن ما يقوم بهذا العمل الفكري التتبعي يدرك كم هو مهم أن نتبصر بمستلزمات ومتطلبات المرحلة القادمة، وأن نتعرف وعن كثب على مكامن القوة الداخلية، ومنافذ النصرة الخارجية، وسبل تعزيزها، والاستفادة من الروابط المشتركة من أجل توظيفها متى دعت الحاجة لذلك، فنحن في زمن لا يرحم، والأحداث فيه متسارعة، وبلادنا - حماها الله وحرسها من كل حاقد وحاسد وشرير- مستهدفة، دمتم بخير، وشكراً أبا الوليد، وإلى لقاء والسلام.

الحبر الأخضر
الصورة الذهنية عن تركيا «سلباً وإيجاباً»
د.عثمان بن صالح العامر

د.عثمان بن صالح  العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة