Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 22/08/2013 Issue 14938 14938 الخميس 15 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الثقافية

أكبر.. وتكبر معي همومي.. ولا شيء يتغير:

فلا زلت طفل أمي الصغير!

يكبر أطفالي دون أن أشعر بهم أو بنفسي أو بسرعة دوران عقارب الساعة!

في صالة المنزل حيث يلعبون، يتحلقون حولي، منهم من يتعلق برقبتي، وآخر يظنني طائرة شراعية فيصعد على كَتِفيّ ويصيح: طير يا بابا! والصغير يتمسك بركبتي يود الصعود، لكن بنيته الصغيرة تعيقه عن إكمال المهمة، يظل ممسكا بساقي لعله يحظى مع أخويه باللهو في الأب اللعبة!

وحين أهم بالوقوف أتعثر بالصغير، وحتى لا يتساقط البقية أرمي بثقلي على كتفي وأسقط على الأرض ممسكا بهم جميعا، فيتحول جسدي إلى مخدة كبيرة ذات ريش ..فلا يصاب أحد منهم بشيء!

تركض أمي بفزع، وتبعدهم عن جسدي المبعثر بالألم، وفيما الكبير يظل متمسكا بي صارخا: أعدها مرة أخرى يا بابا! تضربه أمي على يده، وتمسك بيدي تحاول النهوض بي، أخبرها أنني بخير، لكن ألم الكتف يفضحني فأداريه عنها، وألتفت ناحية زوجتي، لتبعد الأطفال!

تؤنبني أمي: قلت لك لا تدع الأطفال يلعبون بك!

كنت أسمع أنه (ما أغلى من الولد إلا ولد الولد) لكنه غير صحيح على الأقل لدى أمي، فهي ترى أن لا أغلى من أطفالها حتى ولو وهبوا الأولاد تلو الأولاد! يظل أطفالها وإن شابت أيامهم أو شابت بهم.. أطفالها الصغار!

لو تأخر أحد أطفالها عن زيارتها، تطلب مني الاتصال به، أحاول اختلاق الاعتذار لأطفالها فأقول لها مواسيا: ربما انشغل بعمله أو بأحد أطفاله! يتحول حاجبيها إلى ما يشبه شكل الرصاصة فتنطلق ناحيتي (حتى ولو.. عياله متعبينه الله يصلحهم). ثم تستعيد شيئا أخافها (لا يكون تعبان وما يبغى يعلمني). أمسك بالهاتف على عجل لأتصل بطفلها، ثم أناولها السماعة، دقائق معدودة فيتحول رسم الرصاصة على حاجبيها إلى ما يشبه الغيمة أو هو إحساس عصفور جائع يتطلع للبعيد وأمه تقترب نحو العش لتطعمه وتحضنه!

ألتقط السماعة من أمي مؤكدا: (ما قلت لك ما فيه إلا العافية!)

لا تدعني أكمل: (الله يكون في عونه.. الحياة تبي والآخرة تبي!)

أواسيها لأخفف ما بها من الهلع على أطفالها: (يا ميمتي ..ترانا صرنا شياب!)

تعود رسمة الرصاصة تحلق مرة أخرى فتنهي جملتها الشهيرة: (حتى ولو)!

في المساء، أطالع وجهي بالمرآة، ألاحظ تجاعيد تبرز، لم تكن موجودة عندما حلقت ذقني صباح أمس، هل تنمو فجأة دون سابق إنذار!

أم عشت مع خيالات أمي بأنني ما زلت طفلاً؟

هالة سواد تحت عيني، خصلات شعر بيضاء تطل على جانبي فروة رأسي!

هل كبرت دون أن أدري!

تمر بي زوجتي: (وش فيك)؟

أسحب جلد خدي وأريها: (شوفي .. تجعدات في وجهي)!

تضحك كما لم تضحك من قبل: (أهلي زوجوني شايب)!

أوزع نظري بينها وجسدي، ثم أشير مرة أخرة إلى التجاعيد: (صدق.. ناظري.. صرت شايب)!

تواصل ضحكها: (يعني.. تتوقع إنك ما تكبر)!

على سرير الغرفة، يحاول الأرق أن يرسم غمامة على سقف الغرفة، تبدو صورة رجل مسن، وقد بانت لحيته البيضاء، يبتسم لشيء أجهله!.. هل تراه يسخر مني؟

ماذا عن أمي؟ كيف تراني طفلها الصغير.. ولا ترى جسدي يكشف هذا الخيال!

كنت قد سألتها مرة، فأجابت بلغز آخر من ألغازها: عند ما يكبر أطفالك.. سترى بعيني ما كنت لا تراه الآن!

Tmadi777@hotmail.com
almadi_turki@

قصة قصيرة
خبز أمي..!
تركي إبراهيم الماضي

تركي إبراهيم الماضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة