Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 23/08/2013 Issue 14939 14939 الجمعة 16 شوال 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

هل كان ما سمِّي بالربيع العربي ربيعاً وهل ما يزال..؟ أسئلة لا بد أن ترد كلّما أمعنا التفكير فيما يجري من أحداث وتداعيات أعقبت الربيع العربي بمرحلته الأولى، ومع بداية الربيع الثاني الذي بدا واضحاً في مصر وتتهيأ تونس وليبيا للحاق بها.

وقد اختلف مع من يذهبون إلى أن الربيع أو ما سمّي بالربيع ما هو إلاّ صيف حارق متقلّب الأجواء، فلو لم يكن من حسناته إلاّ إيقاظ المواطن العربي من سبا1ته، حتى وإن اتسمت هذه اليقظة بالعفوية والسذاجة أو شابها قصور في الوعي، مكّن من سرقة حلم الربيع وإحراق أزهاره، وأصبح معه المتباكون بالأمس على المواطن البائس أكثر فتكاً به، ودعوني أختلف مع كل هذا وأتفاءل بالخير القادم، وأنّ هناك ملامح فجر جديد للأمة تتكوّن تباشيره في خضم ما يجري.

وسأقف هنا مع مصر وما أدراك ما مصر وهي في ربيعها الثاني تكشف حجم المؤامرة على الأمة ومشاريع الكيد الغربية، التي تلقّفها من ملأوا الدنيا ضجيجاً وعويلا عبر سنوات خلت وربما عقود، بأنّ كثيراً من الجالسين على الكراسي أدوات للغرب ومنفّذون لمؤامراته، نجدهم اليوم وبصفاقة تخجل الصفاقة منها، يرتمون في أحضان الغرب ويستعدونه على شعوبهم التي كشفت خلب برقهم وزيف دعاويهم وتدليسهم، على الناس بأقدس شيء في حياتهم هو الدين.

ومصر الكنانة التي كشّر الأعداء عن أنيابهم في وجه تطلُّعها إلى حق شعبها وأبنائها في العيش بحرية وكرامة، في مواجهة استبداد تجاوز كلّ حدود الديكتاتوريات، تعيش محنة كشفت عن موقف العدو من الصديق والصادق من المزايد، ولا أبالغ إذا قلت إنّ فرصة ثمينة تنتظر العرب ممثلة في موقف المملكة العربية السعودية الصريح والواضح في دعم مصر، والوقوف إلى جانبها، لما تمثله من قيمة وما تعنيه مصر حرّة قوية لكلِّ العرب، بل ولكلِّ المسلمين، وعلى قاعدة التكامل بينها وبين المملكة العربية السعودية، ستنهض الأمة من كبوتها وسينقطع دابر المؤامرات التي تحاك بالأمة.

وحينما نسترجع التاريخ، نجد أنّ فرصة أمتنا العربية في أن يكون لها مواقف قوية ومتقدمة في الدفاع عن حقها، لم تحقق إلاّ على قاعدة التكامل بين مصر والمملكة، وهو موقف يدركه العقلاء والواعون من أبناء أمتنا العربية قاطبة، وليس في المملكة ومصر فقط، وقد يضيق الحصر عن إيراد أمثلة على هذا، لكن نشير إلى موقف المملكة في 74 مع مصر، وذلك الإنجاز الذي تحقّق ومواقف سابقة مثل إجهاض حلف بغداد التآمري وغيره.

إنّ موقف المملكة مع مصر ليس مبعثه إبراء الذمة تجاه أشقاء يتعرّضون لمؤامرة، لكنه موقف واعٍ ومدرك لمعنى ماذا سيحدث لو تركت مصر لوحدها، وما ذا سيحدث لو نفذ في مصر واحد من السيناريوهات التآمرية المتعددة ولو سمح الله، وأيضاً إدراك دور مصر القوية المتماسكة في صُنع مستقبل المنطقة بأسرها، لذا جاء إعلان المملكة قوياً، وأكاد أجزم من خلال متابعتي أنني لم أسمع هذه اللهجة القوية والصارمة من قِبل في المفردة السياسية والدبلوماسية السعودية، لكن الأمر مختلف هنا ويجسِّد حرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز المعروف بمواقفه المبدئية تجاه قضايا أمته، ويجسِّد موقف الإباء العربي الذي ظللنا نتوق إلى رؤيته حقيقة في واقعنا وحاضرنا، بتأكيده وبوضوح على أنّ العرب مستعدون لتعويض مصر عن المساعدات الأجنبية التي يلوّحون بقطعها لإذلال مصر، ولدى الأمة العربية الإمكانية لإغناء مصر الكنانة عن هذا الدعم.

وأقولها بثقة المؤمن بربه ثم بقدرة أمته على تجاوز واقعها، إنّ ما بعد انتصار مصر وتكاملها مع المملكة العربية السعودية والذي لا بديل عنه، ما بعد هذا سيكون مختلفاً تماماً، وإننا على مشارف عصر عربي جديد لن يعرف فيه العرب الارتهان لغيرهم.

وحسنة أخرى من حسنات الربيع العربي، وهي سقوط الأقنعة التي توارت خلفها زمناً طويلاً بعض القوى التي لا تؤمن إلاّ بذاتها وعلى المحك كان الفشل الذريع للإخوان المسلمين وليس للإسلام كما يحلو لهم أن يصوروه ولمن راهن عليهم، سواء الغرب الذي رأى فيهم أداة طيّعة لتمرير مشروع الشرق الأوسط، وهو المشروع الذي يهدف أساساً ولمن لا يعرف عنه، إلى استئصال شيء اسمه العرب أو الوطن العربي من الخارطة، عبر إلحاق عرب المغرب العربي بالسوق الأوروبية وبقية العرب في أفريقيا مثل مصر والسودان بأفريقيا، وإدخالنا نحن عرب آسيا في إطار مجموعة من الدول منها تركيا وإيران واليونان وإسرائيل، وبذلك يضمنوا أنّ حلم الوحدة العربية أو التكامل العربي ينتهي وإلى الأبد، ويصبح وجود العرب في إطار الميانات التي دخلوا فيها وجوداً ضعيفاً لا تأثير له على الإطلاق، وما تباكي الغرب على الشرعية الديمقراطية في مصر إلاّ تباكياً على هذا المشروع، بل وغيره من المشاريع الهادفة إلى مزيد من تمزيق العرب وتفتيتهم، وستكشف الأيام عن حقيقة تلك المشاريع.

وتكامل الموقف السعودي المصري، يمثل إفشالاً للمشروع وحصانة للأمة، بل سيقضي على كل الدعوات الضالة والفئات المضلّلة باسم الإسلام، والتي عانينا منها كمسلمين الأمرّين تخريباً وإرهاباً واستعداءً للآخر حتى ألصقت بالإسلام تهماً هو منه براء .. فليبارك الله كلّ الجهود الخيّرة من أجل عزّة وكرامة الإنسان العربي، ولا عزاء لحملة المشاريع الانتهازية، وليدرك الجميع أننا أمة عصيّة وقادرة على إفشال المؤامرات سواء أطلّت علينا بمسوح الرهبان أو قرون الشيطان.

قراءة في المشهد السياسي العربي مصر والسعودية وإفشال مشروع الشرق الأوسط الكبير
فيصل بن محمد العواضي

فيصل بن محمد العواضي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة