Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناSaturday 24/08/2013 Issue 14940 14940 السبت 17 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

إن حيدنا حوار(العقل والمنطق)، وإن رأى البعض أفضلية النأي والصمت والإعراض عن أحداث (مصر)، وكسرنا قاعدة (الساكت عن الحق شيطان أخرس).إذن لن يبق سوى البوح عن العواطف، نستتر خلفها، وليست أيّ عاطفة كذلك، بل هي العواطف المكلومة، المستمدة من الماضي، قرب أو بعد.المستلة من التاريخ، بعد أن نكأته أحداث الزمن الحاضر، ودورة الزمن الغابر، بأيامه المتداولة بين الناس، كواحدة من إحدى السنن الإلهية في هذا الكون.

- لا يعنينا هنا من المتسبب، فأمام مشاهد القتل، والدمار، والصراع، والخصام، وتأجيج السخائم في النفوس نستدعي قول الشاعر:

إذا احتربت يوماّ وفاضت دماؤها

تذكرت القربى وفاضت دموعها

إذا افترقوا عن وقعة جمعتهمُ

لأخرى دماءٌ ما يطلّ نجيعها

- على جمال هذا التركيب، وعمق معناه، وقوة دلالته، تظل هذه العواطف محدودة في قطر واحد.في حين أن طموح غيره من شعراء (مصر)يتجاوز تخوم الزمان والمكان، (فحافظ إبراهيم)ينتشي أمام مشروع الوحدة العربية المزعومة، علها تخفف من وقع المآسي والآلام التي حاصرتهم، يمد يده لأهل الشام نيابة عن العرب، يواسي، ويسلّيهم، ويتوجع معهم، يسابق صناع القرار السياسي بقوله:

إذا ألمت (بوادي النيل) نازلةٌ

باتت لها راسيات (الشام) تضطربُ

وإن دعا في ذرى( الأهرام) ذو ألمٍ

أجابه في ثرى (لبنان)منتحبُ

- لم يكن يدر بخلده أن ينشغل كل قطر بمصائبه وأرزائه، ونكباته وعثراته في يوم من الأيام. وإلى جانب ذلك نجد تجاوبا عاطفيا من نوع آخر، من شاعر، يرى في المصائب على تعاظمها، وشدة وطأتها سببا في الوحدة، ولم الشمل، وبداية حقيقية لصناعة تاريخ جديد، وجيل قوي، قابل للتحدي، فهذا (شوقي)يدفن أحزانه بالشعر، ويغرّد، مستوحياً أمجاد أمته الإسلامية، أمجاد (مصر)وحضارتها العريقة، بقيمها، ومبادئها، وأصالتها:

فإن يكّ الجنس يابن الطلح فرّقنا

إنّ المصائب يجمعنا المصابينا

لفتية لا تنــال الأرض أدمعهم

ولا مفارقـهم إلا مصلينا

لو لم يسودوا بدينٍ فيه منبهةٌ

للناس كانت لهم أخلاقهم دينا

- هكذا هم (المصريون)في تصويره وتصوره، وكل ما سلف، لا يوازي العواطف الجياشة (لمحمود سامي البارودي)القائد الفذ، ، والشاعر (المصري)، الأصيل في أدبه، نفي من موطنه وشرّد إلى جزيرة(سرنديب)، إثر مقاومته قوى الاستعمار، لكنه تسلح بقوة الإيمان بالمبدأ، والعزيمة الصادقة التي لم تلن، ولم تنثني أمام المكائد، لم يغمض له جفن، ولم يقر له قرار، فواجه الأحداث بقلب جسور، متمسكا بمنهجه الوطني، يقول في مغتربه، ملقنا أبناء جلدته، ماضيا وحاضرا دروسا في الشجاعة، ورباطة الجأش، والإصرار، والتضحية في سبيل، الدين، والوطن:

إذا المرء لم ينهض بما فيه مجده

قضى، و هو كل في خدور العواتقِ

يقول أناس:إنني ثرت خالعاُُ

وتلك هنات لم تكن من شمائلي

ولكنني ناديت بالعدل طالبا

رضا الله، واستنهضت أهل الحقائق

- وعلى اختلاف الموقف، والاستشهاد، والتمثل، أو التمثيل، يكاد هؤلاء جميعا يستدعون هذا البيت:

فإن تمنعوا (ليلى) وتحموا ديارها

عليّ، فلن تحموا عليّ القوافيا

-في الحاضر، وفي كل ركن من أركان (أرض الكنانة) أكثر من شاعر.في بيوتها، في مقاهيها، في شوارعها، في برها، وبحرها، وجوها، يسكن مثل أولئك العباقرة الملتزمون بوطنيتهم، يرقبون الأحداث، ويرصدونها، بريشة أهل الفن، وعما قريب، سنقف على فيض من عواطفهم الفوّارة تجاه الأحداث الدامية التي تشهدها بلادهم.

* هذه النماذج الرائعة في(تاريخ مصر)، منهم، الشاعر، ومنهم العسكري، ومنهم المواطن، عاشوا أحداثا كبرى، وفتناً متلاطمة، وكلهم لم تحترق (مصر)على أيديهم، ولم يستنجدوا بأي قوى أجنبية ضد مواطنيهم، ولم يتظاهروا. هذه الفئة من المؤكد أنه يقابلها فئات أخرى من دهماء الناس، وهم الأكثرية، في هذه الأيام، لكن لا ينازعني الشك، أو التردد، وربما تتفقون معي أنهم، وفي أكثر من مناسبة، هتفوا وهللوا للنظام البائد، كما يسمونه، وصفقوا (لزعيم الإخوان)وجماعته، حين تسلم قيادة بلده، وهم الآن، وخلال أقل من عام ينضمون في الساحات، وفي الشوارع للاحتجاج عليه، هم هم، تتغير الشعارات واللافتات، لا نحملهم أكثر مما يحتملون، وهم لا يدرون مع من يهيمون، فلا انتماء حقيقي لطائفة، أ وحزب، أو جماعة.

أمة مع (من غلب)، انتماؤهم في الأغلب، لأكاديمية التغيير، والفوضى الخلاّقة التي ربما خدعوا بسرابها، أو لم يحسنوا التعاطي مع إيجابياتها. انتماؤهم لعواطف وقتية، واحتياجات خاصة. قد يخفى على الكثير من يقف وراء الحدث، ولا متى منتهاها، ولا مصير الأقطار التي اشتعلت فيها؟.أحداث تعد دروسا للشعوب الواعية. وستبقى الأرض، ومن عليها في النهاية لله وحده يورثها من يشاء من عباده في الحكم، والعاقبة للمتقين، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} (227) سورة الشعراء.

dr_alawees@hotmail.com

أوتار
مجرد عواطف
د.موسى بن عيسى العويس

د.موسى بن عيسى العويس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة