Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 26/08/2013 Issue 14942 14942 الأثنين 19 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

إن أي محاولة لكتابة مقال صحفي عن أي شأن من الشؤون المحلية المعتادة يُعتبر ضرباً من ضروب الترف وشكلاً من أشكال العبثية أمام المشهد السوري المروع، وتتابع الأخبار المفزعة، وتصاعد الهجوم على ذلك الشعب المنكوب الذي يتجرع يومياً كؤوس القتل والذبح والتشريد، ويكتوي بنيران جيش، ظل يمده سنوات طويلة بأمواله وضرائبه ومدخراته، وحين ثار على واقعه المثقل والمنهك بالفقر والكبت والقمع في ظل نظام ديكتاتوري بوليسي، كبت على أنفاس الشعب أكثر من أربعين سنة، وجَّه دباباته وصواريخه، وفتح ترساناته العسكرية عليه، رغم أنها ظلت مقفلة عن الجولان المحتل من قِبل النظام الصهيوني، فأصبح لسان حالنا يقول كما تقول أحلام مستغانمي: “كنا نريد وطناً نموت من أجله، وصار لنا وطن نموت على يده”.

عامان والقضية السورية ملف يحرق الضمير العربي ويعذبه، عامان ومجلس الأمن يعقد اجتماعات طارئة، عامان والأمم المتحدة تشكّل لجاناً، عامان والشعب السوري منثور على جنبات وطن مسلوب الحلم والواقع، عامان والسوري مذبوح ومخذول ومطعون ومشرد.

تعبنا ونحن نرى الشعب السوري يتحول إلى قصة حزينة يكتبها النظام السوري، ويقرؤها العالم بملل وفقدان شهية، وضقنا ونحن نرى المواطن السوري يتحول على مدى سنوات إلى خبر عاجل، مللنا ونحن نسمع الدول تقدم أفضالها على القضية السورية عبر تبني مبادرة، أو استضافة مؤتمر، أو إصدار تقرير إدانة وتصريح استنكار، قرفنا من عجز العرب وتخاذلهم، وخصوصاً ونحن أبناء جيل حفظ عن ظهر قلب أننا دم واحد، أمة واحدة، ومصير واحد، وبات يعيش حالة انفصام وهو يرى أن تلك الأمة، التي تغنت المناهج والكتب بقوتها ووحدتها وقيمة ماضيها وحاضرها، هي نفسها من تعاني من أكبر تفكك وتشرذم وانقسام تشهده البشرية.

عار علينا أن نشاهد شاشات التلفاز ونحن فاقدو الشهية، نقلب القنوات عن أوجاع الشعب السوري ودمائه التي تعبنا ونحن نراها تتدفق من شاشات التلفزيون والهاتف المحمول، تُرى بأي شكل سنواجه هؤلاء العائلات العزل ممن فقدوا منازلهم وباتوا يعيشون خارج الزمن وخلف المجرة في خيام من قماش ووجع؟!

(ياه) كم كشفت الأزمة السورية مدى تفككنا وتفرقنا.. (ياه) كم سيعيش هذا الجيل بعاهات نفسية ومعنوية وإحباطات لن تبلعها سنوات من الانتظار، ولن تستوعبها أعوام من الإصلاح. سيحتاج هذا الشعب إلى دولة كاملة من الأطباء النفسيين ليعالجوا تلك الأمراض التي زرعتها الحرب وأججها الخذلان، وبالرغم من ذلك سيظل الشعب السوري بطلاً يكافح وينافح ويثور على واقعه اليوم؛ ليصنع بيديه ودمه مستقبلاً أفضل لأبنائه، أما المؤسسات والنقابات والمجالس الدولية فلن تقدم لسوريا سوى (كثييير) من الكلام و(قليييل) من الفعل، فكما يقول الشاعر السوري الذي أُعدم من قِبل النظام على غرار قصيدة غاضبة متمردة:

إني لأخجل أن أحصي معائبهم

أنَّى ذهبت تجلى العيب والعَطب

قالوا: النقابات قلنا: إنها كذبٌ

كم لعبة بمصير الشعب قد لعبوا

إن هذا المقال ليس مقالاً عاطفياً بقدر ما هو تعبير وبوح من ابنة جيل جديد، مقهور على أمته، محبط من واقع منطقته، خدعته الشعارات والخطب العصماء والقصائد المدوية التي ما زالت ترن في أذنه، وكشفت له الأيام والأزمات المتلاحقة عكس ذلك.. فرأى عجز أمته، ولمس تدهور واقعها وحاضرها.. فيا رب، أصلح الحال والأحوال، إنك جواد كريم.

Twitter:@lubnaalkhamis

ربيع الكلمة
يا شام .. فضحت عجزنا!
لبنى الخميس

لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة