Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 28/08/2013 Issue 14944 14944 الاربعاء 21 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

تغطية مدينة ضخمة كالرياض يبلغ سكانها ستة ملايين نسمة وتبلغ مساحتها ثلاثة آلاف كيلومتر مربع بشبكة قطارات كهربائية حديثة وشبكة حافلات مساندة ومكملة للشبكة في مدة زمنية لا تزيد على خمس سنوات

هي عمل لا يمكن اعتباره إلا نقلة حضارية كبرى ستغير وجه الرياض الذي ترهقه قترة عادم السيارات وازدحامها وضجيجها وغبار أتربة الأراضي البيضاء وبيوت الطين المتهدمة المهملة إلى وجه مشرق وضيء القسمات، وسوف يشعر سكانها بأن الرياض عادت إليهم بعد أن كانوا يرون في الذهاب إلى أي من جهاتها الأربع رحلة شاقة إلى بلد بعيد.

أرسم في مخيلتي هذه الصورة عن الرياض بعد خمس سنوات منطلقا من الانطباعات التالية التي رتبتها في ضوء ما قرأته عن المشروع من تقارير وتعليقات وما فاض به خاطري من تمنيات:

- ضخامة المشروع: المشروع في حد ذاته مذهل.

ستة مسارات تخترق الرياض من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب بأطوال مجموعها (176)كم، ويبلغ عدد محطات وقوف القطارات بها (85) محطة عادية وأربع محطات رئيسية.

وتقوم بتنفيذ أجزاء هذه الشبكة -من تنفيذ للمسارات بجسورها وأنفاقها ومد للخطوط وبناء للمحطات إلى صناعة وتوريد وتركيب القطارات وتوفير أجهزة ونظم التشغيل الحديثة- عشرون شركة عالمية ذات خبرة طويلة في تنفيذ شبكات النقل.

لكن المشروع يشمل أيضاً إضافة إلى ما تنفذه تلك الشركات اثنتي عشر محطة للكهرباء لتغذية الشبكة وتوفير شبكة نقل من الحافلات على مسارات رئيسية ومحلية لاستكمال مساحة التغطية وبرنامجاً لتدريب السعوديين.

وبمثل هذه الضخامة يحق لساكن الرياض أن يأمل في أن يرى شبكة نقل متكاملة وسريعة وآمنة -بإذن الله- تغنيه عن السيارة.

- تكلفة المشروع: إن تكلفة المشروع -كما أعلن عنها- تبلغ (84) مليار ريال؛ ولكن لم تعلن التكاليف الأخرى المقدرة لنزع العقارات ولا محطات الكهرباء التي تغذي الشبكة؛ ولا بد أن هيئة تطوير الرياض -التي لم تترك شاردة ولا واردة في خطة المشروع إلا أدرجتها- قد رتبت مع وزارة المالية أمر اعتماد تلك التكاليف.

غير أن التكاليف المعلنة تبدو متوازنة مع ضخامة المشروع ومكوناته إذا قيست بمشروعات أخرى أقل ضخامة.

فإن مشروع (مترو دبي)- الذي بدأ تنفيذه في عام 2005، ويتكون من خطين: الأخضر الذي افتتح في سبتمبر 2009 والأحمر الذي افتتح في نوفمبر2011 ومجموع أطوالهما (76)كم، وأنشئ عليهما (47) محطة وقوف - قد بلغت تكلفته ما يقارب (30) مليار ريال (المصدر: موقع gulfnews).

ومن جهة ثانية فإن العائد المرجو من هذا المشروع يبلغ ثلاثة أضعاف هذه التكاليف- حسب ما صرح به في مؤتمر صحفي المهندس إبراهيم الطاسان رئيس مركز المشروعات والتخطيط بهيئة تطوير الرياض- وأوضح المهندس أن العائد يتمثل في تحسين البيئة وتقليل أوقات الانتظار (بسبب الازدحام المروري) وتوفير سعر الوقود واستهلاكه وتخفيف العبء على المستشفيات الناتج من الحوادث المرورية.

وقد نضيف إلى ذلك الفرص الوظيفية وإشغال المساكن القريبة من محطات وقوف القطارات والحافلات والمحلات التجارية في المحطات الرئيسية الأربع.

الذي نرجوه في هذا الصدد هو أن ينفق كل ريال لصالح المشروع؛ وهذا هدف حرصت هيئة تطوير الرياض على وضعه ضمن أولوياتها من خلال الإشراف والمتابعة وضبط الجودة.

- تنفيذ المشروع: لا شك أن تحديد مدة التنفيذ -بما فيها التحضير للمشروع والتشغيل التجريبي بعد انتهائه- بخمس سنوات يعد في حد ذاته مؤشراً على العزم والجدية في تنفيذ المشروع، ومقياساً لمدى كفاءة الإشراف والمتابعة.

ولا أعرف إن كان هناك إدارة متفرغة مخصصة لمتابعة التنفيذ والتنسيق بين المقاولين والجهات ذات الصلة بالمشروع، ويرأسها رفيع المستوى يرتبط مباشرة برئيس لجنة الإشراف العام.

ذلك أن المتابعة لا تنحصر في كتابة التقارير والإنذارات بل هي تتطلب القدرة على الإزالة الفورية للعقبات.

فإن كثيراً من المشروعات الكبرى تتعثر أو تتأخر أو تفشل بسبب عقبات بيروقراطية إدارية أو عقبات فنية لم يحسب لها حساب من قبل، أو عقبات مالية أو تنازع في الاختصاصات أو غير ذلك.

ولعل مدة التحضير المحددة بثمانية أشهر تستغل للتخلص من هذه العقبات كالانتهاء من إجراءات نزع ملكية العقارات أو تنسيق خطط العمل مع الجهات المسؤولة بما يكفل انسيابية تنفيذ المشروع.

وأرى في هذا السياق مناسبة الإشارة إلى تقرير لمجلة (دير شبيجل) الألمانية نوهت فيه بالمشروع وآثاره المدنية والاجتماعية، ثم قارنت بين مدة تنفيذه في خمس سنوات بأطوال خطوطه البالغة (176)كم وبين تنفيذ أحد مشروعات مترو مدينة برلين الذي بلغ طوله (1.8)كم فقط واستغرق تنفيذه أربعة عشر عاما، وعللت ذلك بأن مترو الرياض لن يواجه المشكلات التي أعاقت مشروع مترو برلين وهي الحفريات الضخمة واعتراضات بعض السكان وطول إجراءات الموافقات ونقص الأموال.

بالفعل الكل يتمنى ذلك!

(يتبع)

(مترو الرياض) ينقل الرياض إلى سكانها! 1-2
د. عثمان عبدالعزيز الربيعة

د. عثمان عبدالعزيز الربيعة

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة