Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 02/09/2013 Issue 14949 14949 الأثنين 26 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

ورطة دول الجوار العربية مع العراق أيام حكم صدام حسين تم التعامل معها بطريقة الاستجارة من الرمضاء بالنار. تم التخلص من الرمضاء العراقية شديدة الحرارة بالنيران اللاهبة الأمريكية والفارسية والإرهابية، فأصبح العراق يشكل على الهوية والجغرافيا المجاورة خطراً أكبر مما كان يشكله نظام صدام حسين. لم يتم التعامل مع الخطر العراقي آنذاك بطريقة ضخ الأموال في قنوات المقاومة الوطنية العراقية وتسليحها والتغلغل الذكي لتقويض النظام من الداخل بأيدي أبنائه. بدلا ً من ذلك تم استدعاء التحالف الغربي للقيام بالمهمة مقابل تكاليف هائلة، مادية وجغرافية وسيادية على حساب المستقبل.

آنذاك كان جل الاهتمام موجهاً لنزع الشوكة من الخاصرة، بصرف النظر عن النتائج، وأصبح الحال مع العراق كما نرى.

اليوم تجد المنطقة نفسها في ورطة جديدة مماثلة، هذه المرة مع نظام الأسد في سوريا. حالياً تسود أجواء تفاؤلية بقرب انقضاض التحالف الغربي على نظام الأسد، مع التغاضي عن الاحتمال الأكبر في أن الانقضاض سوف يكون على ما تبقى من سوريا، وليس على النظام الحاكم فيها.

شخصية صدام حسين ونظامه كانت صلبة غير قابلة للتشكيل وإعادة الاستعمال، بخلاف شخصيات النظام السوري بكاملها، فهذه عجينة رخوة صالحة للعمالة والاستعمال منذ نشأتها الأولى، ويمكن إعادة تشكيلها واستخدامها من جديد.

أتمنى أن تحدث معجزة إلهية فلا يبقى بشار الأسد حياً بعد قيام التحالف الغربي بتنفيذ ضربته الوشيكة. بقاء بشار الأسد مع بطانته اللصيقة على قيد الحياة يمنحه فرصة ثانية لبيع نفسه من جديد لمشترين جدد. الشعب السوري، ومعه كل أصحاب المنطقة الأصليين أمام احتمال حقيقي غير مريح، يستند على حقيقة أن من يهدد بضرب سوريا يستثني من الضرب بشار الأسد والنظام الحاكم، ويصرح علناً بأن المستهدف سوف يكون قدرات النظام العسكرية المتبقية وليس النظام نفسه. التحالف الغربي يقول بصراحة إنه لا يريد إزاحة النظام، وإنما يريد تأديبه وجره إلى طاولة التفاوض. ذريعة الضرب إذاً ليست إنقاذ الشعب السوري واستعادة سوريا لأهلها، وإنما ضرب ما تبقى لإجبار النظام على الجلوس إلى الطاولة.

مع من سوف يجلس هذا النظام الحقير بعد خلع أسنانه وتقليم مخالبه؟ سوف يجلس بالطبع مع مجموعة أسماء بلا تاريخ تدعي تمثيل مقاومات ضبابية الهوية ومتصارعة على كل شيء، ومع مهزلة الأمم المتحدة بانكيمون، وسوف يكون على رأس الطاولة ممثل الولايات المتحدة الأمريكية (أي إسرائيل) ومعهم ممثل روسيا الذي يمثل أولاً وأخيراً مصالح بلاده فقط لا غير.

بناءً على تصريحات المحتشدين للضرب وتصريحات المحذرين من عواقبه على استحياء، علينا كعرب وأصحاب حق أولي في المنطقة، أن نتصور ماذا سوف يتم تدميره. الأسلحة الكيميائية في مخازن النظام السوري لن تضرب خوفاً من انتشار السموم في الداخل والخارج، لكن التحصينات العسكرية والمخابئ والمستودعات ومحطات الطاقة وخطوط التموين والجسور والمباني الحكومية سوف تضرب، بالضبط كما حدث في العراق. ما يبقى بعد ذلك سوف يكون الأرض اليباب التي تحتاج إلى إعادة إعمار بصفقات وديون تمتص دماء السوريين ومن لديهم نقود من أهل المنطقة لعشرات السنين.

للأسف سوف يبقى أيضاً قيادة إجرامية مدانة تسحب من رقبتها إلى جنيف للتوقيع على كل مطالب الضاربين، والكل يعرف من هو المستفيد الأول.

بعد التوقيع يبقى بشار الأسد ونظامه (وذلك بحسب تصريحات التحالف الغربي)، كسيف مصلط على السوريين والمنطقة، ويستمر التطاحن أو التقسيم الإثني والمذهبي وابتزاز المنطقة بنتائج سوء تدبيرها وتنصلها من واجباتها الشرعية والقومية والإقليمية.

إذاً من المحتمل بعد غد أن يظهر بشار الأسد في دمشق متفاخرا ً بمقاومته للغزاة الأجانب ويعاد تلميعه لتعذر العثور على البديل المناسب.

ألم يكن من المتوجب على الضمير الجمعي لأهل المنطقة والمتحكمين في شؤونها أن تستثمر الأموال والعقول والإمكانيات الاستخباراتية في تقوية وتسليح المقاومة السورية بدلاً من أن تبتاع المنطقة لنفسها ورطة جديدة قد تكون أشد هولاً من ورطة العراق.

كذلك سوف يبقى السؤال الأخير والمشروع... من هي العاصمة التالية؟

الرياض

إلى الأمام
ماذا تخبئ لنا يا بعد غد؟
د. جاسر عبدالله الحربش

د. جاسر عبدالله الحربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة