Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 03/09/2013 Issue 14950 14950 الثلاثاء 27 شوال 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

لا يخفى على متابع تاريخ الترجمة إلى العربية أهمية بغداد، التي كانت عاصمة الترجمة العربية منذ بداية الدولة العباسية، على يد مؤسسها أبي جعفر المنصور، والذي دشن الترجمة مبكراً برسائل هندية في علم الفلك، في كتاب عنوانه «السندهند» نقله من الحضارة الهندية، المترجم إبراهيم الفزاري، حتى خطت الترجمة مراحل مهمة، وبلغت ذروتها في عصر المأمون، الذي تربى في شبابه على هذه الترجمات المبكرة، من الثقافات اليونانية والهندية والفارسية وغيرها.

تذكّرت ذلك، ودور الترجمة في ازدهار الثقافة العربية الإسلامية، بترجمة كتب الطب والفلك والأدب مبكراً، حينما قرأت خبراً عن توقيع الملحقية الثقافية في الصين اتفاقية مع أكبر شركتين للترجمة والطباعة والنشر في الصين، وذلك بهدف تعزيز الترجمة البينية بين اللغة العربية واللغة الصينية، ولمدة خمس سنوات، وهو مشروع مهم ومتميّز إذا تم تنفيذه بشكل جاد وعميق، هدفه فعلاً نقل الثقافة والمعرفة المتطورة في الصين إلى اللغة العربية، وبالعكس نقل الثقافة والأدب السعودي إلى اللغة الصينية للتعريف بمجتمعنا، وكما هو معروف بأن الآداب والفنون هي مرآة المجتمعات، وهي أفضل الطرق غير المباشرة للتعريف بهذه المجتمعات.

قد يقول قائل إنه من المنطقي نقل الثقافة اليونانية خلال العصر العباسي، كون اليونان ذات حضارة عريقة، ولكن لماذا الصين في العصر الراهن؟ أين لغات دول القوة والسيطرة العسكرية، ودول الاستعمار القديم، مثل اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية؟ وقد اختلف مع هذا القول، لأن التنين الصيني يهيمن بقوة على اقتصاد العالم، ويحظى بمعدلات نمو متصاعدة، وهناك حركة رائدة في جميع مجالات الاقتصاد والتجارة، من بينها مجال الترجمة والطباعة والنشر.

ولعلني أتذكّر موقفاً مؤثّراً مع سيدة أمريكية مسنَّة عام 2008 حدثتني عن أحفادها الذين يتعلّمون اللغة الصينية، ورؤيتها التي أدهشتني آنذاك بأن المستقبل هو لهذه اللغة، لدولة التهمت معظم فرص العالم في الاقتصاد، وهذا يؤيّد ما ذهبت إليه الملحقية الثقافية السعودية في الصين، على الأقل من حيث المبدأ، لكن الاختلاف يبقى حول كيفية تنفيذ مثل هذا المشروع، هل سيُمنح الاهتمام للجوانب العلمية، أم للجوانب الأدبية؟ هل التركيز سيكون على الترجمة من اللغة الصينية إلى العربية، أم العكس؟ وهل الترجمة ستكون مباشرة، دون لغات وسيطة كالإنجليزية والفرنسية، وهذا أمر مهم جداً بالطبع؟ هل سيقوم على هذا المشروع مترجمون متميزون، مختصّون في مجالاتهم؟ أي أن يترجم الأدب من يفهم في الأدب، ويترجم في المجالات العلمية من يدرك المصطلحات العلمية؟ هل ستخضع هذه الترجمات للمراجعة والتدقيق؟ هل ستقوم جهات النشر في الثقافتين، العربية والصينية، بالتسويق المناسب لهذه المنشورات؟ وهكذا هي الأسئلة التي يجب أن تطرحها الملحقية الثقافية على نفسها، بل وزارة التعليم العالي بأكملها، كي يكون مشروعها في الترجمة مشروعاً تنويرياً ورائداً.

في الختام، لا بد من تقديم الشكر لمن قام على مثل هذه المشروعات، بدءاً بمن طرح الفكرة، وانتهاءً بمن اعتمدها، مروراً بمن سيشرف عليها ويتابع خطواتها، سواء في الملحقية الثقافية في الصين، أو وزارة التعليم العالي بجميع كوادرها وطاقاتها، وكم سيكون التأثير أكبر، لو تمت اتفاقيات ترجمة ونشر، في مختلف الملحقيات الثقافية، خاصة في الدول التي تمثّل حضارتها مكسباً لنا، سواء بالترجمة منها، أو إليها.

نزهات
الترجمة من الصينية وإليها!
يوسف المحيميد

يوسف المحيميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة