Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 09/09/2013 Issue 14956 14956 الأثنين 03 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

متابعة

قراءة في كتاب (الإخوان المسلمون وإيران)
حقيقة العلاقة بين الإخوان والشيعة الإيرانيين

رجوع

حقيقة العلاقة بين الإخوان والشيعة الإيرانيين

عرض - فيصل بن محمد العواضي:

ما يمر به عالمنا العربي من أحداث وتطورات يفتح الباب واسعاً أمام العديد من الأسئلة، وبخاصة حول الجماعات والقوى السياسية التي تتصدر المشهد، وتختفي حول أقنعة وشعارات قد تخدع الغالبية العظمى من البسطاء وأنصاف المثقفين بمسلكهم، وأن الحل معهم وبأيديهم كما يطرحونه ظاهرياً.

هذه الأسئلة يثيرها البعض، ويتصدى للإجابة عنها، لكن البعض الآخر يثيرها كأسئلة قلقة، لا إجابة لها، وتزيد من غموض الموقف وحيرته، بل قد تجعل الاتهام معززاً لموقف هذه الجماعات.

وبعدما اصطلح على تسميته بثورات الربيع العربي، ولسنا هنا بصدد مناقشة التسمية، برزت قوى تيار الإسلام السياسي إلى واجهة المشهد، واكتنف وجودها ووصولها إلى مركز القيادة - كما هو الحال في مصر وتونس، وما تلا ذلك - العديد من الإشكالات، وتعمقت الأسئلة حول مسلك هذه الجماعة، وبخاصة المنضوية تحت «التنظيم العالمي للإخوان المسلمين» وعلاقاتها بالعالم من حولها. ومن أهم الأسئلة التي برزت مؤشرات أثارتها حول علاقة جماعة الإخوان المسلمين بإيران الخميني - الخامنئي خاصة بعد أن كشفت إيران عن وجهها الفارسي المجوسي المنحاز لقوميته مستغلاً المذهب الديني الذي يضرب به عرض الحائط أمام مصالحه وأطماعه.

ومن بين المحاولات الجادة للإجابة عن تلك الأسئلة وكشف أسبار الحقيقة حول علاقة جماعة الإخوان المسلمين بإيران كتاب الباحث محمد سيد رصاص، الذي حمل عنوان «الإخوان المسلمون وإيران الخميني - الخامنئي»، الذي صدر مؤخراً عن دار جداول للنشر في الكويت، والذي سنعرض في موضوعنا هذا تلخيصاً لأهم ما جاء فيه حول هذه العلاقة، سواء من حيث التأصيل لجذورها ومنطلقاتها الفكرية، أو المصالح السياسية التي قربت بين الفريقين.

يقع الكتاب في 159 صفحة من القطع الصغير، ويحتوي على مقدمة و13 فصلاً وخاتمة وملحق بالصور والأعلام والأماكن التي وردت بالكتاب.

وقبل الدخول في صلب الموضوع لا بد من الإشارة إلى موضوعية الكاتب وعرضه للآراء ومناقشته الأفكار بهدوء ودون تحيز، مع حرصه على الاستدلال حول كل طرف بما هو ثابت وشائع عنه من مواقف وأقوال ثابتة دون اللجوء إلى التأويل أو قراءة ما بين السطور.

ونأمل في صحيفة الجزيرة بل نفتح صفحاتنا لأي إضافة أو نقاش علمي رصين حول الموضوع خدمة للحقيقة وتنويراً لطريق الأجيال التي تستدعي منا مسؤوليتنا أن نبصرهم بحقائق ما اشتكل أمامهم وعليهم من الأمور.

الكاتب وقصة الكتاب

يقول الكاتب محمد سيد رصاص في مقدمة الكتاب بعد إشارته إلى اهتمام إيران بفوز الدكتور محمد مرسي بالانتخابات الرئاسية في مصر، ووصول حدود الترحيب به إلى سقوف احتفالية؛ ما لفت نظره، فنشر مقالاً في صحيفة الحياة يوم 26 يوليو 2012 تحت عنوان (الإخوان المسلمون وإيران) ليتلقى اتصالاً بعد ذلك بأيام من مسؤول في دار (جداول للنشر)، يطرح عليه فكرة كتابة كتاب حول الموضوع. ويشير الكاتب إلى أنه وافق بعد تردد كون الموضوع غير مطروق من قبل بشكل عملي، وإن تم تناوله من البعض مثل الكاتب الإيراني (عباس خامه بار) في كتاب نشر في بيروت عام 1997، ولم يتسنَّ للكاتب الاطلاع عليه إلا من خلال ما ينشر عنه من تعليقات في الإنترنت، اتسمت بأسلوب التقية المتبادلة الذي يتم بين الشيعة والسنة، أو طرق الموضوع من قِبل كتّاب سلفيين على الإنترنت، يقومون بشن حروب اتهامات على الإخوان المسلمين حول علاقتهم بإيران حد اتهامهم بالتشيع، وهكذا جاءت فكرة الكتاب ليرى النور طبعاً في شهر فبراير 2013 قبل المستجدات الأخيرة، وبخاصة في مصر.

محتويات الكتاب

يحتوي الكتاب كما أشرنا على 13 فصلاً، إلى جانب المقدمة والخاتمة والفهارس، وقد خُصص الفلصان الأولان للبحث في الأصولية ومقدماتها وتأثيرات شخصيات أصولية، فيما جاء الفصل الثالث عن حسن البنا، والرابع عن أبي الأعلى المودودي، والفصل الخامس عن سيد قطب، والسادس عن الخميني، كما جاء الفصل السابع عن خامنئي، ويتحدث الفصل الثامن عن أربع شخصيات، هي البنا المودودي وسيد قطب والخميني المشتركات والمختلفات، ويتحدث الفصل التاسع عن التقارب في مرحلة ما قبل وصول الخميني للسلطة، والفصل العاشر عن موقف الإخوان المسلمين من الثورة الإيرانية، أما الفصل الحادي عشر فقد خصصه الكاتب للحديث عن مجرى تلاقيات العلاقة بين الإخوان المسلمين وإيران الخميني - الخامنئي، وتطرق الفصل الثاني عشر لمغالين إخوانيين في التلاقي مع إيران الخميني - الخامنئي «الغنوشي والهلباوي مثالاً»، وأخيراً الفصل الثالث عشر، ويتحدث عن خط إخواني سوري ضد تقارب الجماعة مع إيران الخميني الخامنئي.

وسأبدأ هنا من الفصل الثالث الذي خصصه الكاتب للحديث عن شخصية حسن البنا؛ كون الفصلين الأول والثاني مدخلَين تاريخيين معلومين للجميع، وغير مهمين في سياق ما نتحدث عنه.

حسن البنا

بدأ الفصل بسيرة ذاتية عن البنا، مولده ومراحل تعليمه وخطواته الأولى في تكوين جماعة الإخوان المسلمين، وصولاً إلى عرض نماذج من أفكاره، وبخاصة المتصلة بنظرته للمذاهب الإسلامية والواقع المحيط به، الذي كان له انعكاس على فكره.

يقول الكاتب مقتبساً من مذكرات الدعوة والداعية للبنا: «أسباب عديدة دفعتني للتفكير في وجوب القيام بعمل إسلامي مضاد، تتمثل في الآتي:

1-عقب حرب 1914- 1918 اشتد تيار التحلل في النفوس وفي الآراء والأفكار باسم التحرر العقلي ثم في المسالك والأخلاق والأعمال باسم التحرر الشخصي.

2- لقد قامت تركيا بانقلابها الكمالي، وأعلن مصطفى كمال إلغاء الخلافة عام 1924 وفصل الدين عن الدولة في أمة عرفت إلى بضع سنوات بأنها مقر أمير المؤمنين.

3- أجد معسكر الإباحية والتحلل في قوة وفتوة، ومعسكر الإسلامية الفاضلة في تناقص وانكماش.

4- أرى الأمة المصرية العزيزة تتأرجح حياتها الاجتماعية بين إسلامها الغالي العزيز الذي ورثته وحمته وهذا الغزو الغربي العنيف المسلح».

هذه الأسباب استخلصها مؤلف الكتاب من مذكرات الدعوة والداعية، مع أن البنا لم يوردها مجتمعة كما يدل على ذلك الإشارة إلى المرجع الذي جاء فيه أرقام الصفحات متباعداً.

ويورد الكتاب هنا خلاصة رؤية البنا للعلاقة مع الشيعة من خلال كتاب رمضان السعيد العبادي (الإخوان المسلمون والشيعة) بقوله: «يحدد العبادي مفهوم البنا ومن ورائه وبعده جماعة الإخوان المسلمين للعلاقة مع الشيعة على أساس إمكانية التوافق والتقريب، وأن هناك مجالاً دائماً للتعاون فيما اتفق عليه».

وبعيداً عن الخوض في إيراد جملة من التفاصيل، التي قد لا تكون جديدة على الكثير، ونقتصر هنا في إيراد ما يهمنا كتأصيل لخلفية العلاقة الحالية بين إيران الخميني - الخامنئي والإخوان، وليس بين الشيعة كمذهب والإخوان، فنجد أن الأصل في فكر البنا التقارب وليس الاختلاف أو التنافر كتغليب للعامل السياسي المتمثل بخلق اصطفاف إسلامي في مواجهة الغرب، حتى وإن كانت هناك فوارق مذهبية تتعدى الفروع إلى الأصول.

أبو الأعلى المودودي

وننتقل إلى الفصل الرابع، الذي خصصه المؤلف للحديث عن أبي الأعلى المودودي، بوصفه مفكراً من مفكري الإخوان المسلمين، وقد بدأه كسابقه بإيراد سيرة ذاتية للمودودي عن مكان وتاريخ ميلاده، وبداية تعليمه، وأهم ما ورد في هذا الفصل الإشارة إلى التأثير الفكري للمودودي من خلال كتابه (المصطلحات الأربعة) في القرآن الكريم (الإله والرب والدين والعبادة)، الذي تحول إلى كتاب تأسيسي لاتجاه رئيس في الحركة الإسلامية، تمثل في نظرية الحاكمية التي قدمها المودودي في كتابه المذكور، والتي تأثر بها سيد قطب بدوره، كما تأثر بها الخميني، ويمكن تلمس هذا التأثير من خلال كتاب الخميني «الحكومة الإسلامية»، الذي وضعه عبر دروس أملاها في عام 1970 في النجف، وبسط فيه نظريته حول (ولاية الفقيه)؛ إذ رأى سيد قطب أن تطبيق حاكمية الله يتم عبر طليعة، فيما رأى الخميني أن ذلك يتم عبر ولاية الفقيه الذي يكون نائباً للإمام الغائب، فحصل اتفاق على الغاية مع اختلاف في الوسائل.

ورأي آخر اشترك فيه الخميني مع المودودي وسيد قطب والبنا، وهو القول بغربة الدين، وأن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأً، وملاحظتهم أن البشرية ابتعدت رويداً عن الدين ومن ثم لا بد من عمل حركي تنظيمي يعيد للدين وهجه ويعيد الناس إلى المصدر الأساسي.

سيد قطب

ويأتي الفصل الخامس الذي أفرده المؤلف للحديث عن سيد قطب كالذي سبقه من الفصول بسيرة ذاتية للشخص، توقف عند أبرز آرائه. وما يهمنا هنا هو تحديد المؤلف لنقاط الالتقاء بين سيد قطب والشيعة فيقول: «إذا حذفنا رأي سيد قطب في الخليفتين أبي بكر وعمر، وهو ما يخالفه به الشيعة، لكان رأيه مطابقاً لرأي الشيعة في عثمان وبني أمية، كما أن رأيه في علي بن أبي طالب يتطابق معهم أيضاً، ولكن ينقصه لكي يكون التطابق كاملاً أن يضاف له قولهم في الإمامة بمعناها الشيعي». وهذا يفسر سر اهتمام الشيعة والسلطة الحاكمة في إيران بالذات بسيد قطب، الذي تعددت مظاهره، ومنها إصدار طابع بريدي يحمل اسم وصورة سيد قطب في العام 1984م.

الخميني

أما الفصل السادس والمخصص للحديث عن الخميني فقد بدأه المؤلف بمدخل عن المذهب الجعفري واللحظات الأولى لنشوء هذا المذهب، ورصد التيارات والاجتهادات التي شهدها هذا المذهب؛ ليؤصل لفكر الخميني، وبخاصة ولاية الفقيه التي توازي الحاكمية عند سيد قطب، ومن تبعه من الإخوان، أو القول بأن الدين قد انتهى، ولا بد من العمل على إعادته، وهو ما يشترك فيه مع منظري الإخوان المسلمين كافة.

ويقترب الخميني ويتطابق مع المودودي وسيد قطب في نظريتهما حول الحاكمية لله: «تنحصر سلطة التشريع بالله عز وجل، وليس لأحد أياً كان أن يشرع». ويقول الخميني: «فحكومة الإسلام حكومة القانون، والحاكم هو الله وحده، وهو المشرِّع وحده لا سواه، وحكم الله نافذ في جميع الناس وفي الدولة نفسها، وهي بالتالي حكومة القانون الإلهي».

وهناك عند الخميني أيضاً مثل البنا والمودودي وقطب نظرة تعتبر الإسلام كله غريباً، ولم يبق منه إلا اسمه، متسائلاً بطريقة استنكارية تقريرية: «ألم يندرس الإسلام؟؟ أليس الإسلام مندرساً الآن؟ ألم تُعطّل أحكامه في بلاد الإسلام العريضة»، وهو بالتالي يعتبر مثل الثلاثة المذكورين أن الإسلام قد عالج كل موضوع في الحياة، وأعطى فيه حكمه، إلى جانب ذلك هو مثل المودودي وقطب بخلاف البنا الذي لم يدخل في ذلك، يكفر كل ما هو غير إسلامي من وجهة نظره، ويجعله في خانة الشرك.

أيضاً من المشترك بين الخميني والثلاثة الآخرين النظرة للغرب واليهود من قبله ومعه ضد الإسلام، وأن الحركة الإسلامية ابتُليت باليهود من أول أمرها، وأن هناك مؤامرة يهودية ليسود اليهود العالم كله.

ونظرة أخرى للغرب يشترك فيها الخميني مع البنا والمودودي وقطب، وهي أن التقدم العلمي المادي التكنولوجي في الغرب مترافق مع تخلف في مجال توفير السعادة للإنسان، وتخلف في نشر الفضائل الخُلقية، وفي إيجاد تقدم نفسي روحي مشابه للتقدم المادي، ومن ثم اشتركوا في أن الإسلام هو الحل لمشكلة الحضارة الحديثة، وهناك شعار أطلقه الخميني أو الثورة الإيرانية (لا شرقية ولا غربية)، وهو الشعار نفسه الذي يردده الإخوان، خاصة في مواجهة بقية التيارات السياسية «إسلامية إسلامية، لا شرقية ولا غربية».

وعلى الرغم من تحالف الإخوان مع أمريكا في الثمانينيات أثناء الحرب في أفغانستان مخالفين في ذلك الخميني، الذي يرى في أمريكا الشيطان الأكبر، إلا أنهم يتفقون ويشتركون معه ومع سيد قطب في توصيف الصراع. يقول سيد قطب في كتاب العدالة الاجتماعية: «أما الصراع الحقيقي العميق فهو بين الإسلام والكتلتين الغربية والشرقية معاً». ويقول الخميني: «الصراع الحقيقي في المستقبل لن يكون بين الرأسمالية والشيوعية، ولكنه سيكون بين المادية المتمثلة في الأرض وبين الإسلام».

ونكتفي بهذا القدر من عرض القواسم الفكرية المشتركة بين الخميني من جهة ومنظري الإخوان المسلمين من جهة أخرى، وإن كنا قد توسعنا بعض الشيء لأهمية هذه القواسم في تأكيد التقارب ووجود العلاقة بين إيران الخمينية الخامنئية والإخوان المسلمين.

الخامنئي

ونأتي إلى الفصل السابع الذي تحدث فيه المؤلف عن الخامنئي، وبدأه بإيراد نبذة من سيرته الذاتية (المولد والنشأة وبداية التعليم) وصولاً إلى أن قناعات الخامنئي الفكرية والسياسية التي تأتي من كونه تلميذاً للخميني في الفقه والأصول والسياسة والثورة، إلا أن البوارق الأولى للتحرك السياسي والعمل النضالي ضد الطاغوت أشعلها في ذهنه السيد مجتبى نواب صفوي سنة 1952 في مشهد بخطاب ألقاه صفوي توعوياً حماسياً حول إحياء الإسلام.

ويوضح المؤلف تأثر الخامنئي بسيد قطب من خلال قيامه بترجمة كتابيه (المستقبل لهذا الدين والإسلام ومشكلة الحضارة الغربية)، الذي عنون الترجمة بـ(بيان ضد الحضارة الغربية)، كما ترجم قسماً من كتاب (في ظلال القرآن). ويورد المؤلف مقدمة ترجمة كتاب (المستقبل لهذا الدين)، التي تكشف جلياً عن أفكار الخامنئي المرتبطة بسيد قطب.

المشتركات والمختلفات بين الإخوان المسلمين والخميني الخامنئي

ونأتي إلى الفصل الثامن من الكتاب، الذي يُعد من أهم الفصول في موضوع الكتاب؛ كونه يتحدث عن المشتركات والمختلفات بين كل من البنا والمودودي وسيد قطب والخميني، والذي حصر المشتركات في 8 مواضع، بينما المختلفات في 3 مواضع فقط، ويمكن لنا عرض المشتركات من وجهة نظر المؤلف في نقاط موجزة كالآتي:

1- النظرة إلى آثار الهجمة العسكرية الغربية على العالم الإسلامي، وأنها لم تؤدِّ فقط إلى سيطرة عسكرية سياسية اقتصادية على البلاد الإسلامية، وإنما أفرزت أيضاً اتجاهات قوية في المجتمعات الإسلامية نحو التغريب في الفكر والثقافة والحياة الاجتماعية.

2- نزعة أصولية تجمع الأربعة، ترى أن هناك نقطة بدء هي الأصل، وكان الزمان مسيرة انحراف عنها، ويجب العودة بالمسلمين إليها.

3- نظرة نكوص يشترك فيها الأربعة، لا ترى في الزمان مجرى امتدادياً، وإنما دائري النقطة، الأخيرة فيه هي الأولى، وهي الأصل، وهي الصواب الذي يجب السعي للرجوع إليه.

4- الزمان مسيرة انحراف عن الأصل والنبع الأول، وهو - أي الزمان - مسار من اختلاط الينابيع.

5- التنظيم والكفاح السياسي هو الطريق إلى إعادة إحياء الأصل الإسلامي وبنائه من جديد.

6- النظرة إلى الحضارة الغربية بصفتها حضارة متقدة مادياً ومتخلفة روحياً.

7- الإسلام هو صاحب رسالة عالمية ومؤهل لقيادة العالم.

8- عداء شديد لليهود وإسرائيل نجده مشتركاً عند الأربعة.

هذه هي المشتركات التي قررها المؤلف بين منظري الإخوان المسلمين (البنا المودودي وقطب) و(الخميني)، فما نقاط الاختلاف من وجهة نظره؟ النقاط حصرها في 3 أمور كالآتي:

1- اختلافات بينهم حول مضمون الإسلام الذي هو سني المحتوى عند البنا شيعي المحتوى عند الخميني.

2- هناك تدرجية في الوصول للهدف عند البنا، تعتبر التمرحلية السياسية تكتيكاً أساسياً، فيما الخميني يعتمد النزعة الثورية الانقلابية، ولا يؤمن بالتدرج، ويشترك في ذلك مع سيد قطب.

3- لا يشترك الإخوان المسلمون في النظر مع الخميني إلى الغرب الأمريكي باعتباره الشيطان الأكبر مقارنة بالاتحاد السوفييتي، وإن كانا متفقين في العداء لكليهما.

وبتأمل نقاط الاتفاق والاختلاف التي أوردها المؤلف نجد أن ما يجمع فكرياً بين الخميني ومنظري الإخوان المسلمين أكثر مما يفرقهم؛ وبالتالي فالاتفاق وارد بين أتباع الطرفين، ولا يكون زعماً بعيداً عن الواقع القول بوجود هذه العلاقة.

التقارب ما قبل فترة الخميني

ويتحدث الفصل التاسع من الكتاب حول التقارب بين إيران والإخوان المسلمين في فترة ما قبل الخميني، الذي تعزز مع زواج شاه إيران بأخت الملك فاروق في الأربعينيات، وفي تلك الأجواء نشأت الدعوة إلى التقريب بين المذاهب الإسلامية، وكان المقصود بها حصرياً (السنة والشيعة)، وتأثر البنا بذلك رغم نشأته السنية، بل كان طموحه أن تضم جماعة الإخوان المسلمين جميع المسلمين بمختلف مذاهبهم، وجاء تعاونه مع زيدية اليمن في انقلاب 1948، الذي قضى على الإمام يحيى بدعم من الإخوان بل إن البنا تلقى تفويضاً من حزب الأحرار اليمني بالحديث نيابة عنهم أمام الجامعة العربية.

وفي عام 1947 التقى البنا مع الشيعة الإمامية الاثنا عشرية من خلال شيخ إيراني، اسمه السيد محمد تقي القمي، الذي وفد إلى القاهرة مقترحاً تأسيس (دار التقريب بين المذاهب) التي اجتمعت لجنتها التأسيسية يوم الخميس 1 ربيع الأول 1366هـ، وكان من بين الحضور حسن البنا.

ويمضي المؤلف في سرد المحطات التي كان فيها تقارب بين الإخوان المسلمين وإيران الشيعية وصولاً إلى الثورة الإيرانية التي جاءت بالخميني.

الإخوان والثورة الإيرانية

ويتحدث الكتاب في فصله العاشر عن موقف جماعة الإخوان المسلمين من الثورة الإيرانية، وهو حديث مهم ومفصلي في العلاقة بين الفريقين، مشيراً إلى أن مجلة الدعوة (المجلة الرئيسية للإخوان في مصر) احتلت صورة الخميني غلافها في الشهر الثاني لتوليه السلطة في إيران، كما نشر نص البيان الصادر عن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين المنشور في مجلة المجتمع الكويتية في 25 شباط - فبراير 1979، الذي أشار فيه إلى دعوة التنظيم لقيادة الحركات الإسلامية في كل من تركيا والهند وباكستان وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وأفغانستان، إضافة إلى تنظيمات الإخوان المسلمين المحلية العربية وفي أوروبا وأمريكا، لاجتماع تم فيه تكوين وفد توجه إلى طهران بطائرة خاصة، وقابل الإمام آية الله الخميني لتأكيد تضامن الحركات الإسلامية الممثلة في الوفد كافة، وهي: الإخوان المسلمون، حزب السلامة التركي بزعامة أربكان، الجماعة الإسلامية في باكستان بزعامة المودودي، الجماعة الإسلامية في الهند، جماعة حزب ما سومي في إندونيسيا، جماعة شباب الإسلام في ماليزيا والجماعة الإسلامية في الفلبين. وقد كان اللقاء مشهداً من مشاهد عظمة الإسلام وقدرته على إذابة الفوارق العنصرية والمذهبية، وقد اهتم الإمام الخميني بالوضع، وأكد لهم أنه ظل دائم الثقة في منفاه بأن رصيده هو رصيد الثورة الإسلامية في العالم، وهو كل مسلم موحد، وأن الله الذي نصر الخميني على الشاه سينصر كل خميني على شاهه، إلى آخر ما جاء في البيان، مع توضيح المؤلف أن طائرة الوفد هي الطائرة الثانية التي سمح لها بالهبوط استثنائياً بعد طائرة ياسر عرفات كون مطار طهران كان مغلقاً.

وزيارة أخرى لوفد من قيادة التنظيم العالمي للإخوان قام بها لإيران، وعرض على الخميني مبايعته خليفة للمسلمين شريطة إعلانه أن الخلاف بين الصحابة حول الخلافة والإمامة كان سياسياً، ولم يكن دينياً، وأن الخميني استمهلهم في الرد، وكان الرد عبر الدستور الإيراني الذي قرر أن المذهب الرسمي للدولة هو المذهب الاثنا عشري الجعفري.

ونشرت مجلة الدعوة المصرية فتوى لأبي الأعلى المودودي قبيل وفاته في 23 سبتمبر 1979 ردًّا على سؤال تم توجيهه إلى المودودي حول الموقف من الثورة الإيرانية: «ثورة الخميني ثورة إسلامية، والقائمون عليها هم جماعة إسلامية، وشباب تلقوا التربية في الحركات الإسلامية، وعلى جميع المسلمين عامة والحركات الإسلامية خاصة أن تؤيد هذه الثورة، وتتعاون معها في جميع المجالات».

مجرى تلاقيات العلاقة

وبعد استعراض المؤلف موقف التنظيم العالمي للإخوان المسلمين من ثورة إيران الخمينية يصل إلى الفصل الحادي عشر الذي خصصه للحديث عن مجرى تلاقيات العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وإيران الخميني الخامنئي؛ إذ كان الموقف الذي اتخذه الإخوان المسلمين من الثورة الإيرانية حصيلة تلاقيات فكرية مع الاتجاه الخميني الذي هو بشكل من الأشكال نوع من الحركة الإسلامية، أتت من مجتمع يغلب عليه التشيع مثلماً جاءت حركة الإخوان المسلمين من وسط سني، وقد أنتجت هذه التلاقيات جنيناً سياسياً، ظهرت ملامحه في النصف الأول من عام 1979م.

وقد كانت إيران أول المهنئين بفوز الدكتور محمد مرسي برئاسة جمهورية مصر، وقد كانت هناك خطب عديدة في صلاة الجمعة بإيران، وأغلبها تعبر عن موقف رسمي دعا المصريين إلى التقارب الإيراني المصري بانتخاب الدكتور مرسي باعتبار ذلك واجباً دينياً؛ لا يُعفى منه أحد.

وخلال شهرين من تسلمه الرئاسة كسر الرئيس المصري مرسي حظراً فرضه سلفاه على نفسيهما بعدم زيارة طهران، وطرح مبادرة تشكيل مجموعة اتصال رباعية، تضم القاهرة والرياض وأنقرة وطهران؛ من أجل معالجة الوضع السوري، ورفضتها المملكة بوعي بخطورة إشراك إيران في شأن عربي، هي جزء من المشكلة فيه.

وتوالت الشواهد المؤكدة وجود التقارب بين مصر بقيادة الإخوان المسلمين وإيران الخمينية الخامنئية «الفارسية»، الذي هو تقارب لن يكون في صالح العرب ولا المسلمين بأي حال من الأحوال، في ظل ما تقوم به إيران من أعمال تخريبية في أكثر من ساحة عربية، وسعيها إبراز هوية أطماعها الفارسية المجوسية، التي تعتبر الإسلام عدوها اللدود لقضائه على الإمبراطورية الفارسية، وهذا العداء الذي ظل الفرس يتوارثونه جيلاً إثر جيل، بما عرف عنهم من كيد للإسلام وتشويه لتاريخه، وبخاصة في الطور العربي.

ونختتم عرضنا لهذا الكتاب بما أسماه المؤلف أفضل تكثيف لعلاقة ربع قرن بين الإخوان وإيران الخميني الخامنئي بالنعي الذي صدر عن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حامد أبو النصر يوم وفاة الخميني، الذي حوى الكلمات الآتية: الإخوان المسلمون يحتسبون عند الله فقيد الإسلام الإمام الخميني الذي فجّر الثورة الإسلامية ضد الطغاة، ويسألون الله له المغفرة والرحمة.. إلخ ما جاء في البيان المنشور بمجلة الغرباء - لندن - عدد 7 لسنة 1980م.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة