Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناWednesday 11/09/2013 Issue 14958 14958 الاربعاء 05 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

منوعـات

أنا وكثير من القراء الأعزاء نعرف عن قرب أو نصادف في حياتنا من هو رهينة لظاهرة نفسية مركبة تجعلهم أقل فاعلية وربما أقل جاذبية في علاقاتهم الاجتماعية ، هذه الظاهرة يعبر عنها في علم النفس بظاهرة ( العشب هناك أكثر أخضراراً ) (The grass is greener on the other side syndrome ) وهي شعور عميق في داخل البعض تجعله غير ثابت على قرار أو خيار من خيارات الحياة ، فلا يكاد يختار أمراً إلا ويسعى للخلاص منه رغبة في آمر آخر ، وعندما تصبح الخيارات مصيرية كالتخصص في الدراسة أو الزواج والعمل تصبح الحالة مؤلمة لصاحبها وللآخرين الذين تمسهم تلك القرارات المتغيرة ، ومن حسن حظ البعض هذه الظاهرة تلازمهم في بدايات خياراتهم فيسيطرون عليها حتى تضمحل مع الوقت والاعتياد ، ولكن من سوء حظ البعض أن هذه الظاهرة تصبح حالة مرضية تؤثر في مدى نجاح صاحبها في الحياة والعلاقات فينتهي للاكتئاب والضياع وعدم الثقة بالنفس وأمراض نفسية أخرى .

يكاد يجمع المختصون ، على أن الباعث للظاهرة و هو الخوف من الخطأ في الخيارات و الرغبة في المثالية ، ويضيف بعضهم عامل آخر وهو قلة الخبرة وقلة الثقة بالنفس ، فالعامل الأول عظيم عند من يمثل الإخفاق له كارثة نفسية ، حيث يبعث الشعور بالخوف من الخطأ إرباكاً للإدراك المنطقي للمخاطر ويستثير القلق والرعب فتتملك صاحب الظاهرة حالة ذعر ورغبة جامحة في التخلي عن اختياره بأي ثمن ومهما كانت الخسائر ، وهذا يلاحظ كثيراً في حالات الانسحاب الدرامي من مشاريع الزواج على وجه الخصوص ، أما العامل الثاني فهو نزعة للمثالية وطلب لتمام الأمور بصورة كاملة ، فيصبح صاحب الظاهرة في بحث دائم عن الخيارات الأفضل وكلما استقر خياره في شأن بان له ماهو أفضل منه ، وهكذا يقفز من أفضل لأفضل حتى يفقد القدرة على التمييز ويصبح القفز بين الخيارات أمر لازم كوسواس قهري ، أما العامل الثالث فهو نتيجة تظافر العامل الأول والثاني في حال انعدام الثقة بالقدرات الذاتية والشك في مصداقية ترجيح أي من الخيارات المتاحة و قد يكون ذلك نتيجة لقلة المعرفة المتوفرة واللازمة لحسن الاختيار ، وهذه الحالة تزول مع تنامي الخبرة و توفر المعرفة وهي شبه لازمة للمستجدين في العمل .

لا يعتبر المختصون ،ظاهرة (العشب هناك أكثر اخضرارا) علة نفسية تستوجب العلاج الأكلينيكي ، ولكنها قد تقود لعلل نفسية تستحق الاهتمام ، لذا ينصح بمن يلاحظ عليه بوادر الظاهرة أن يعي بها أولاً ، ثم يقيم القسرية في الشعور ، فإن كان يستطيع كبح الرغبة في تغيير اختياراته فالأمر سيكون طارئاً وسيزول مع الوقت والاعتياد ، أما إذا صاحب كبح الرغبة مشاعر بالضيق وتشتت بالتفكير ، فالأمر عندها يحتاج لمعونة متخصصة ، حتى لا يستفحل .

كثير من الناس يشعر في فترة من فترات حياته أو في حال مواجهة خيارات صعبة ، بهذه الظاهرة وتمر الأيام وتصبح من الذكريات ، ولكن لا يجب الاستهانة بها عندما يصبح التحليل المنطقي وحساب المخاطر والمكاسب غير فعال في تغليب الخيارات وعندما تستولي الحيرة على الذهن ، ويفقد الإنسان الرغبة حتى في الاستشارة المتخصصة ، فضغوط الحياة وكثرة الخيارات وقلة المعلومات وفداحة الخسائر و قسوة المخاطر كلها صبحت أكثر مما كانت عليه في الماضي وبات على الإنسان أن يتعامل معها بذهن صاف وعقل فاحص وضمير يقض و مشاعر مستقرة وطمأنينة في الاختيار.

mindsbeat@mail.com
Twitter @mmabalkhail

نبض الخاطر
ظاهرة (العشب هناك أكثر أخضراراً)
محمد المهنا ابا الخيل

محمد المهنا ابا الخيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة