Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 16/09/2013 Issue 14963 14963 الأثنين 10 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

تتسابق بعض البيوت العربية لاقتناء أفخر أنواع السجاد الإيراني, والأثاث القادم من إيطاليا, والشاشات البلازمية الكورية شديدة الدقة والوضوح, والتحف الفرنسية العتيقة التي تزين زوايا المنزل, كما ويتنافس قاطنوها للحصول على أحدث منتجات آبل الأمريكية من كمبيوترات محمولة وهواتف ذكية تمنحهم شيئا من التسلية حين تباغتهم رياح الملل, كما وتخصص بعض الأسر مساحات شاسعة للحدائق الخضراء وصالات لاستقبال الضيوف وغرف لممارسة الرياضة بمختلف أشكالها, كل ذلك وأكثر تجده حاضرا ً في كثير من البيوت العربية وتحديدا ً السعودية, ويظل الغائب الأكبر رغم أهميته وعظم دوره هي: المكتبة ورفوف الكتب, التي أكاد أجزم أنها ليست في خطة تصميم معظم البيوت الحديثة إن لم يكن جميعها, حيث تلاشت أهميتها مع مرور السنين وباتت ترفا ً لا يجذب شباب أو “شيّاب” هذا الزمان حين لم تصمد أمام طوفان الأجهزة الذكية التي أنتجت لنا جيلا أكثر غباء ً وبلاهة مع الأسف.

راقب مجموعة من شباب هذا الجيل في مقهى أو مطعم, ستجد أمام كل واحد منهم هاتفين أحدهم آي فون والآخر بلاك بيري, ولن تهدأ تلك الأجهزة عن إصدار رنين التنبيهات فتلك رسالة من الواتس اب وتلك من توتير وأخرى من الانستقرام, فتصبح الضحية الكبرى هي الجمعة نفسها التي فقدت قيمتها, ولغة الحوار التي تكاد تنعدم حين أصابها الشلل والارتباك جراء سيطرة الأجهزة على عقولهم وحواسهم.

ما يقلقني حقا ً هو شيء أكثر عمقا وخطورة من ذلك, ألا وهو ضحالة التفكير وشح الثقافة وتواضع مهارات الاتصال والتحليل وسطحية الرؤية لدى جيل عربي خليجي جديد يعيش غربة ثقافية حقيقة, ففي دراسة أجرتها مؤسسة الفكر العربي عن مدى معرفة الشباب بالأدباء العرب، أظهرت الدراسة أن 57% من الشباب العربي لا يعرفون من هو غازي القصيبي وكانت إجاباتهم “لم نسمع عنه” في حين هناك عدد آخر لم يسمعوا بعنترة بن شداد ولا أحمد شوقي ولا حتى المتنبي! وهذه النتيجة على الرغم من قسوتها وعارها إلا أنها متوقّعة في ظل الأرقام المتدنية لنسب القراءة في عالمنا العربي والتي تؤكّدها الدراسات التي أظهرت أن متوسط ساعات القراءة لدى الفرد العربي لا يتجاوز الست الدقائق في العام، مقابل 200 ساعة تقريباً في العام لدى الأوربيين.

ولأن الحديث عن المشكلة أسهل من حلها, ولأن الأقوال غالبا ً لا تكفي لحل الأزمات بل تحتاج إلى مبادرات وأفعال للمساهمة في إصلاحها والتقليل من وطأتها, ولأن الأسطورة غاندي يقول (كن التغيير الذي تريد أن تراه في العالم), آثرت أن أبدأ في بنفسي, عبر مبادرة شخصية لا أقصد من خلال طرحها في هذه الزاوية التباهي, بقدر ما أطمح لمشاركتها مع قراء هذا العمود الذي أخذت عهدا ً على نفسي أن أجعله صادقا ً يعبر عن آرائي وتجاربي بنجاحاتها وإخفاقاتها. التجربة كانت التطوع لإلقاء عدد من المحاضرات التحفيزية التي تدعو إلى القراءة وتنادي بأهمية الإبداع والطموح وصناعة الأهداف لطلاب المدارس الذين أؤمن أنهم وقود الوطن وثروة المستقبل, فتقدمت بطلب لعدد من المدارس والجهات ووجدت منهم حفاوة الاستقبال لفكرتي ومبادرتي المتواضعة, وحين قدمت تلك المحاضرات ونالت نجاحا ً واضحا ًولله الحمد استشفيته من ردود أفعال الطالبات التي أثلجت صدري وأكدت لي أننا نملك ثروة هائلة من الطاقات والإمكانات التي بحاجة إلى التحفيز والتوجيه بأسلوب حديث ومختلف.

ومن هذا المنبر أحب أن أشكر مدارس ابن خلدون التي فتحت لي المجال واحتضنت مبادرتي متمثلة بمديرتها الناجحة الأستاذة نادية البراك, ومن قبلها مركز الرعاية الاجتماعية ومدارس الرياض للبنين والبنات فلهم مني عظيم الشكر والامتنان على منحي الثقة وإعطائي هذه الفرصة للتواصل مع بنات وطني وتحقيق حلمي بتقديم شيء ولو بسيط لمجتمعي ووطني الغالي والله من وراء القصد.

نبض الضمير:

“عندما تصبح المكتبة ضرورة كالطاولة والسرير والكرسي والمطبخ؛ عندئذ يمكن القول بأننا أصبحنا قوما ً متحضرين”.

-مخائيل نعيمة.

Twitter:@lubnaalkhamis

ربيع الكلمة
كن التغيير الذي تريد أن تراه بالعالم!
لبنى الخميس

لبنى الخميس

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة