Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 17/09/2013 Issue 14964 14964 الثلاثاء 11 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

إنها لا تنقصني فضيلة الاعتراف بتأثير الآخرين عليّ على مستوى الكتابة أو على مستوى شديد الخصوصية، و هو ما نعرفه و نتمثله إزاء آخر. قدوة. مثل أعلى. شيء تحتار في وصفه كونه يتعلق بالروح ، بكيمياء الجسد. ولذا فإنني سأشرككم في متعة القراءة للكاتبة (ثريا الشهري) عبر زاويتها (عابر حياة) في جريدة (الحياة). العنوان الذي وسَمَت ثريّا زاوية اليوم 15/ سبتمبر 2013 م هو عنوان مثير ويحفّز على قراء ة ما تحته.

وما تحت العنوان مقالة جميلة بمنتهى حدود الجمال تتحدث أو (يُفترض أنها تتحدث عن فيلم اسمه - منتصف الليل في باريس - ويمثل فيه و يخرجه أيضا الكبير (وودي آلن).

لقد حوّلت الكاتبة موضوع الفيلم إلينا. لم نعد قرّاءها فحسب!، بل صارت تحكي لنا بعض ما عرفته و عرفناه من الحنين إلى الماضي. و ما هو مختلف لدى هذه الكاتبة الممتازة أنها لا تمارس تلقيننا كيف نحب شخوص الماضي و لكنها تسرد علينا قصصا من الفيلم لتزيدنا إقناعا أنها تتحدث عن الفيلم. بينما تقرأ في ثنايا مقالها شيئا من الحنيـن يليق بشاعرة تكاد لا تتنفس غير هذا الكمّ الهائل من الحنين و الرغبة المقموعة في عودة المسرّات القديمة و بعضها لا نعرفها إلا من أفواه الجدّات قبل أن يَخْلُدنَ للنوم. فلنقرأ معا جزءا مهما من مقالتها معا ، لكيْ نحكمَ لها أو عليها. تقول (... و بحبكة _ فنتازيا - يجلس البطل وحده على درجات رصيف قديم ! وعندما تدقّ الثانية عشرة تمرّ به سـيارة من طراز بعيد. ليصعد إليها وتأخذه في نقلة واحدة إلى حقبة العشرينات حيث : بيكاسو و همنجواي و سلفادور دالي وشخصيات أخرى لم تكن لتجتمع لولا - وودي آلن - وهكذا تتوالى الليالي، وعند منتصف الليل ينتقل الكاتب بالسيارة إلى حيث يرجو، إلى العصر الذهبي كما أطلق عليه، وهنالك يقابل محبوبة بيكاسو التي ملّت حاضرها، وتصفه بالممل. فكل ما حولها سريع و صاخب و معقّد. وتتمنى لو أنها عاشت أيام 1890 حيث الحقبة الجميلة كما أسمتها. و بالفعل تمرّ عربة خيول لتقلهما إلى حيث تمنت المرأة. فإذا بـ : غوغان وغيره من فناني جيله يشتكون من حاضرهم الفارغ والمفتقد للخيال، ويتمنون عيشهم في عصر النهضة السابق ـ ولأن الأزياء التي كانت تلبسها المرأة الغريبة هي غير المعتادين عليها، فقد سألوها عنها ؟!، فأجابتهم بأنها مصممة أزياء و تحب التجديد في الأناقة فاستغربوا مهنتها التي لم تكن معروفة بعدُ في زمنهم. وهكذا نحن...) وهنا تنعطف بنا ( ثريّا الشهري) انعطافة جميلة إلى ما هو ( ماض ٍ) بالنسبة لنا نحن. وتتساءل ما هي قصة العاطفة الغامضة نحو الماضي ؟!. ولا تجيب. إنّ مهمة المبدع أن يسأل و لا يجيب. فكل سـؤال : معرفة ! , أو ينطوي على معرفة. أو يحفّز على معرفة و تقرّر ( ثريّا الشهري) أن ( حاضرنا ليس سيئا أو جيدا على إطلاقه، و لكنـه شيء من هذا و ذاك منذ صارت دنيا!) .

هكذا تصل ثريّا إلى حلّ توافقي إن لم نقل إلى حلّ ترضى عنه جميع الأطراف. وكأنها تشير بطرف خفي إلى الأحـداث الجسيمة التي يعج بها المشهد العربي السياسـي. تلك الأحـداث التي نشارك نحن ( كلّ في موقعه!) بصياغتها و تعميمها كحلول لحالة الغـبار التي أقفل مساماتنا. و سدّ منافذنا إلى العالم. نحن لا نستطيع أن نفرح كما ينبغي! ـ و لا يمكننا أن نمارس الحزن وحيدين و فرادى!. فالحزين يبحث عن حزين مثله ليواسيا بعضهما. ليقطعا الزمن بالكلام أو حتى بالصمت!. وحين نستعيد قصة الفيلم نجد أنها ( منتقاة) لأسباب موضوعية. فالسيارات / الرموز، هي شواهد على عصور مضت ولن تعود! , وغوغان وسلفادور دالي وبيكاسو هم صفحات ناطقة في هذا المعجم الذي نسميه ( التأريخ). وبلا شك فإن عملا يقوده مثـل ( وودي آلان) سيمنحنا الفرجة التي كنا نظن أنها مستحيلة. الفرجة المحترمة التي تحافظ على أبجديات العمل السينمائي و تمعن في ذات الوقت في تحميله فوق طاقته من الرموز. حتى يصبح أشبه بالذي يرى أمامه سبعة بحار وكلّ منها يغري الناس بالعوم داخل مويجاتها البيضاء الزّبَديّة. وإنني في هذه البُرهة لمنْصَرفٌ إلى تمجيد الكاتبة - ثريّا الشـهري - دون النظر إلى التحليل الذي أصدرت به حكمها الذي قلنا إنه يشبه (هدنةً) من طرف واحد.

تشعر بحروف الكاتبة وكأنها حينا تحترق. وحينا تعود إلى الممكن قبوله وسط هذا الزحام من النوايا المسبقة. خاصة حين نعرف أنّ ثريّا تعتبر من الكاتبات الحداثيات نسبة إلى (الحداثة) المتفق على وصفها و المختَلَف على نواياها حتى أن بعض نقاد الزمن الذي ولّى كانوا ( يُدخلون) في روع قراءهم نسبة الضلالة إلى المحدثة - معتبرين أن المقصود بالمحدث هو ما يجيء في الخطاب الثقافي و أن حديث - إن كل مُحْدثَة ٍ : بدعة، وكلّ بدعة : ضلالة، وكل ضلالة : في النار - وهو تأويل مغلوط - ومتعمَّـد الغلط - للتفسير الصحيح للأثر النبوي الشريف والذي يعتبر التزيّد في الدين: محدثة!، والتزيد مثل أنه يلزم المرأة حجاباً فتلبس خمسة أحجبة! ومثل إعفاء اللحية الذين يجعل بعضهم طولها بالمتر فهؤلاء يأتون ببدعة. والبدعة نهايتها: النار!

وأقول ختاما للزميلة - ثريـّا الشهري - إن ما تكتبين هو شكل من مواجهة الكساد الفكري الذي استغله أناس بعيدون - كل البعد - عن رائحة الثقافة و لكنهم يرونها فرض عين!. فمن شاء أن يكتب فليكتب!

ولا عـدوان إلا على الظالمين.

hjarallah@yahoo.com - alhomaidjarallah@gmail.com
حائل

نظرة ما
أعظمُ يومٍ لدى ثُريّا !
جارالله الحميد

جارالله الحميد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة