Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 17/09/2013 Issue 14964 14964 الثلاثاء 11 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

بعد ابتكار أمريكا مصطلح إسلامفوبيا أو معاداة الإسلام، ظهرت علامات دالة على احتمال انعزال الجاليات المسلمة عن باقي شرائح المجتمع في أمريكا، كذلك في أوروبا الغربية وأستراليا. ورصدت تلك الدول مؤشرات احتمال وقوع بعض المسلمين فريسة للمحرضين من بني جنسهم،

قد يدفع المناوئ للقيم الغربية إلى التطرف كرد فعل للإسلامفوبيا؛ فحرص المشرعون والبرلمانيون في تلك البلاد على نشر الوعي بين الناخبين بأهمية احتواء الجاليات المسلمة، ودمجهم في عموم المجتمع، والتشديد على اعتبار من ينتهك قيم المجتمع الغربي باسم الإسلام إنما يمثل نفسه، ولا يمثل الإسلام والمسلمين.. أيضاً خلال القرن الماضي انتاب العالم الإسلامي موجة ذعر من خطر الفكر القادم من العالم الغربي؛ فظهر مصطلح (الغزو الفكري) في حقبة الربع الأخير من القرن، وساد الاتجاه الذي يحذر من مخاطره عبر الوسائل المتاحة آنذاك، ومنها التلفزيون والإذاعة المحلية والمحاضرات وأشرطة الكاسيت والكتيبات والنشرات التي تم توزيعها مجاناً أينما تواجدت حشود الناس، بل إن البعض حصل على شهادة الدكتوراه في مجال خطر الغزو الفكري على المسلمين وطرق التصدي له.. مع ظهور الإنترنت تبدد مصطلح الغزو الفكري أمام سلطان التقنية وحرية الوصول إلى المعلومة عن طريق محركات البحث، واليوم من النادر أن تسمع من يحذر من خطره لعلم من يعتقده أنه مصطلح مضحك أمام أدوات مثل الإعلام الفضائي والتراسل الإلكتروني والتصفح عبر الشبكة العنكبوتية؛ أدوات جعلت كوكب الأرض يحمل اسم “القرية العالمية” كناية عن العالم، باعتباره مجتمعاً واحداً، اختصرت التكنولوجيا مسافاته.. ساهم تقارب المسافات بين الدول الغربية والدول الإسلامية في تشكيل الاتجاه الذي يقوم على الاستفادة من النظم والطرق وغيرها المجربة في عمليات التنمية لدى الدول الغربية، وتحتاج إليها الدول الإسلامية. تلك الاستفادة من الغرب جعلت البعض يعتقد أنها عملية تنطوي على تيار فكري ذي أبعاد سياسة واجتماعية وثقافية وفنية، يرمي إلى صبغ الحياة الإسلامية بصبغة غربية؛ فظهر مصطلح التغريب يصف ذلك الاتجاه.. لكل حقبة من التاريخ مصطلحات معينة، تظهر خلال الحقبة، ولكن عندما يعجز المصطلح عن مواكبة الواقع المتغير أو يتصادم معه ينتهي المصطلح إلى التلاشي. على سبيل المثال: الاشتراكية مصطلح كان شائعاً في وقت مضى، ولكن اليوم أصبح استعماله يكاد يكون معدوماً أو محدوداً أو نادراً بحسب المكان من العالم. ومصطلح الإسلامفوبيا تفيد المؤشرات بأنه قيد التلاشي لما أسفر تطبيقه عن نتائج عكسية لم تتكهن بها أمريكا.. التكهن عملية تعتمد في الدرجة الأولى على معطيات سابقة، يمكن بواسطتها القياس عليها لقراءة احتمالات المستقبل. وقياساً على الابق يمكن التكهن باحتمال اختفاء مصطلح التغريب مع نهاية الحقبة؛ لما يحمل معناه من مغالطة تتصادم مع الواقع المعاصر..

الخلاصة: البعض يعتقد أن دول العالم الإسلامي تسلك منهج التغريب في مشاريع التنمية؛ والسبب الخلط لديه بين التغريب والتحديث. التحديث: اتباع عمليات التنمية التي سبق استخدامها من قِبل الدول المتقدمة حالياً، وهناك من يرى أن التحديث عملية يتعين على كل بلد أن يمارسها في سبيل اختصار الطريق إلى حصد ثمار التنمية، ومن ثم البناء على النتائج المحققة، والانطلاق منها إلى آفاق جديدة. رؤية التحديث أنه التغريب شبهة تعود بالأمة إلى الاعتقاد القديم أن العالم الغربي يحاول الاستيلاء على فكر الأمة المسلمة، أو التأثير عليه ليتجه باتجاه المدنية الغربية. المعنى نفسه الذي يحمله مصطلح الغزو الفكري وشاع بين المسلمين في حقبة ما قبل ظهور الإنترنت وبعد ظهوره لم يصمد وانهار أمام ثورة المعلومات والتكنولوجيا التي هيأت للعالم بيئة افتراضية بلا حيز جغرافي وزمني؛ ففتحت له الفضاء للتواصل والتكامل عبر القارات كمجتمع واحد.. سيلقى مصطلح التغريب المصير نفسه الذي لقيه مصطلح الغزو الفكري، ولكن حتى ذلك الحين ستبقى شبهة التغريب مطب سرعة في طريق التحديث.

khalid.alheji@gmail.com
Twitter@khalialheji

شبهة التغريب مطب سرعة في طريق التحديث
م. خالد إبراهيم الحجي

م. خالد إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة