Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناFriday 20/09/2013 Issue 14967 14967 الجمعة 14 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

وجهات نظر

من المعلوم أنّ إنجاز العمل الإداري، يقوم على أساس التسلسل الهرمي للتنظيم المعمول به في الجهة الحكومية أو المؤسسة الأهلية، حتى تصل المعاملة إلى صاحب القرار، فيصدر التوجيه المناسب حيالها، إلا أنك تجد أحياناً دوراً سلبياً، إذ يقصر البعض دوره على مجرّد تمرير المعاملة فقط، دون أن يبذل جهداً فيها أو مشاركة فاعلة، في حين أنّ المفترض أن يبدي كل مختص ومسؤول، وجهة نظره، وليس بالضرورة أن يختلف مع الرأي السابق، بل إنّه إذا كان يتفق مع ذلك الرأي فعليه أن يحدِّد المستند الذي جعله يأخذ به.

ومبدأ تعدُّد الآراء في العمل الإداري من المبادئ الإدارية الحديثة، وهو صورة من العمل الجماعي أو ما يعرف في العمل بروح الفريق الواحد المطبق في كثير من الدول المتقدمة، الذي يتم بموجبه مناقشة وإنجاز الأعمال بصورة جماعية، وعلى طاولة واحدة بين الرؤساء والمرؤوسين، بحيث يتاح لكل منهم طرح وجهة نظره ومبرراتها، من أجل الوصول للرأي المناسب.

وقد عُرف هذا المبدأ في التشريع الإسلامي قبل أن يعرف في العصر الحاضر، فقد تعدّدت المدارس الفقهية في مختلف العصور الإسلامية، وكان من ثمار ذلك تلك الثروة الكبيرة من المصنّفات الفقهية التي تعالج الكثير من قضايا المجتمع الإسلامي التي أصبحت فيما بعد مصدراً رئيسياً للقوانين العربية والأجنبية.

وفي بلادنا يجري العمل بهذا المبدأ، وبالذات منذ بداية النهضة الإدارية الحديثة سنة 1379 هـ بعد استقدام خبراء من شركة فورد الأمريكية لتطوير الإدارة، حيث أنشئ معهد الإدارة العامة سنة 1380هـ والمجلس الأعلى للتخطيط الذي يعتبر نواة وزارة الاقتصاد والتخطيط، وفي سنة 1391هـ صدر العديد من الأنظمة الإدارية الحديثة المستقاة من البيئة السعودية، ومنها نظام الموظفين العام ونظام تأديب الموظفين الذي أكد أهمية رأي المرؤوسين، وأنّه في حالة عدم موافقة الرئيس المباشر على رأي أحد مرؤوسه على الرغم من صحته وتمشيه مع القواعد النظامية، فعلى الموظف المرؤوس أن يطلب توجيهاً مكتوباً من رئيسه حيال المعاملة أو الدراسة المعروضة حتى يكون الموظف بعيداً عن مسؤولية تطبيق رأي رئيسه المتصف بالخطأ.

كما اهتمت بلادنا بالرأي الهادف الذي من شأنه خدمة المصلحة العامة أو مصلحة العمل الذي يعتمد على مبدأ العمل بروح الفريق الواحد عندما تم إنشاء العديد من المجالس والهيئات الاستشارية، كهيئة كبار العلماء ومجلس الشورى ومجالس المناطق وهيئة الخبراء وهيئة حقوق الإنسان وإدارات المستشارين في مختلف الأجهزة والمصالح والمؤسسات الحكومية، الشركات والمؤسسات الأهلية فالعمل في هذه الأجهزة يتم في الغالب بصورة جماعية، وذلك انطلاقاً من مبدأ أنّ (الحقيقة هي وليدة قرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان).

وذلك لأن تعدد وجهات النظر يؤدي للعديد من الإيجابيات ومنها الآتي:

* إثراء الموضوع المطروح للبحث أو المعاملة محل الدراسة في سبيل الوصول إلى الحل والرأي المناسب، مما يساعد المسؤول على اتخاذ القرار السليم.

* بث روح المشاركة والتعاون بين مختلف العاملين في الجهاز الإداري.

* تلافي الظواهر الإدارية السلبية كالمركزية والبيروقراطية في سير العمل الإداري.

* تشجيع ذوي الكفاءات والمهارات في القيام بالمزيد من الدراسات والبحوث عندما يعلمون أنّ أفكارهم مأخوذة بعين الاعتبار.

* تعزيز مبدأ المصارحة والمكاشفة في العمل الإداري بين الرؤساء والمرؤوسين.

* الوصول إلى مستندات أو معلومات أو دراسات تتعلّق بالموضوع التي قد تكون معلومة لدى البعض دون الآخرين.

من جانب آخر فإن تعدُّد الآراء من الموظفين ورؤسائهم حول معاملة أو دراسة معيّنة قد يحتمل الآتي:

* أن يكون رأي الموظف المرؤوس مستنداً إلى حجج وأسس من الأنظمة واللوائح التنفيذية ونحوهما، ورأي الرئيس مجرّد رأي اجتهادي ذاتي ليس له مستندات واضحة، ففي هذه الحالة ترجح كفة رأي المرؤوس.

* أن يكون رأي المرؤوس مستنداً إلى نصوص نظامية، ولكن هذا الرأي جاء بفهم خاطئ لمفهوم النص ورأي الرئيس جاء موضحاً الخطأ، ففي هذه الحالة ترجّح كفّة رأي الرئيس.

* أن يكون كلا الرأيين للرئيس والمرؤوس اجتهاديين، ولا يعتمدان على قواعد نظامية، إمّا لعدم وجودها أو لعدم العلم بها، ففي هذه الحالة يحال الأمر إلى طرف ثالث قد يكون الرئيس الأعلى لهما، وقد يكون للإدارة القانونية.

وأخيراً نود الإشارة إلى أنّ تعدُّد الآراء والبدائل في موضوع معيّن ليس هو الهدف بحد ذاته، إنّما هو وسيلة للوصول إلى الرأي الصحيح الذي يخدم المصلحة العامة أو مصلحة العمل أو مصلحة المراجع، كما ينبغي إذا كان لأي مناَّ رأي في موضوع معيّن وتبين وجود رأي أقوى منه وأقرب للمصلحة العامة عدم التمسك أو التعصب لرأينا، بل التراجع عنه إلى الرأي الأنسب والأصلح.

info@alsunidi.com.sa
حائل

هذه مزايا العمل بروح الفريق الواحد
د. عبدالله بن راشد السنيدي

د. عبدالله بن راشد السنيدي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة