Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 23/09/2013 Issue 14970 14970 الأثنين 17 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

اليوم الوطني 83

مواجهة التحديات بالوحدة الوطنية
صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز

رجوع

صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز

كلما تدنو ذكرى اليوم الوطني لأي بلد، يكون استذكار تاريخ التأسيس ورجالاته ورواية الأحداث الممهدة لقيام الكيان السياسي، من أمتع الموضوعات التي يتطلع القراء إلى معرفتها والاطلاع عليها والغوص في أعماق بحورها.

والأهل في المملكة العربية السعودية لا يقلون عن غيرهم من شعوب الأرض من حيث الاعتزاز بيومهم الوطني الذي هو مناسبة إعلان توحيد المملكة عام 1932م، فهم يشعرون أن ما تم حيال وحدة بلادهم أمر يستحق ان يدخل في باب المعجزات، بالنسبة للظروف التي احاطت بولادتها, و بحجم المساحات الجغرافية التي تكونت منها، وهم يثمنون الجهد العظيم الذي قام به مؤسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ورجاله، منذ ان بدأ مشروع لم شمل أجزاء كبيرة من الجزيرة العربية في دولة واحدة، عبر ربع قرن من البطولات والجهد والكفاح، أثمر بتوفيق من الله، عن وطن واسع الأرجاء، ثابت الأركان، راسي الكيان.

ويهمنا في هذه المناسبة أن نستخلص الدروس والعبر, فلا نرتد إلى القبلية والجهوية والعنصرية التي أسدل الملك عبدالعزيز الستار عليها فردها إلى مكانها الطبيعي، فهذب غلظتها وقساوتها، وأعلى إلى جانبها المرحمة و التراحم، والألفة والتآلف ولن نستخلص العبرة و الدروس، مالم نضع على المشرحة بين أيدينا ما كان عليه الحال عام 1319هـ، وسنرى مشهداً ممتداً أمامنا، من التخلف والتفرق، والتمزق والتناحر والعداوات التي تغذيها مناوشات الغزو، ودوافع الكسب، وانفلات السلطة التي ترعى مصالح الناس وتحمي أنفسهم، وأموالهم وأعراضهم، وسنرى أمامنا مشهدا لإنسان الجزيرة العربية، وقد أنهكه الجوع، و هددته الأمراض، وأضله الجهل.

كان الملك عبدالعزيز يرصد هذه المشاهد وغيرها، بعينين ثاقبتين، و بفكر عميق، فيرى كيانات يعتريها الضمور، و تحالفات تقطعت أواصرها، ومشهد من الرمال المتحركة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، وأدرك أنه ما لم يتحرك سريعاً فستدفن الرمال أحلامه إلى الأبد، ولذلك رأى الملك عبدالعزيز أن تكون البداية من الرياض، لوضع نواة لما كان يفكر فيه بإشعال جذوة الدين، واستعادة هيبته في النفوس، ووضعه قاعدة للحياة ينظم علاقة الحاكم بالمحكوم ويقمع الظالم الغشوم، ثم بعد ذلك كانت لنا شرف خدمة الحرمين الشريفين ولهذه البلاد التي تحملت شرف خدمه أطهر مدينتين بالعالم.

وبدأت منذ ذلك التاريخ تداعيات الاحداث تتوالى على يديه، فقاد التحركات، وألّف المجموعات القبلية، والتجمعات الحضرية ووفقه الله في انطلاقته التي حدد اهدافها بتأمين الناس ومؤاخاتهم، و تحريرهم من الخوف والجوع والجهل والانحراف عن الدين وحشدهم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها الا هالك، ورسم لذلك نهجاً بدأ فيه بنفسه، فكانت حياته كلها تطبيقا للنموذج المنشود، ودراسة منهجية لكل ما يحتاج لمعرفته من أمور الدين والدنيا، فهذه الدروس اليومية مع العلماء وهذه الوفود العلمية يرسلها إلى مضارب البادية، مستعينا بالله ثم بأفضل الخبرات وبيوت العلم من الداخل ومن الاقطار العربية والإسلامية المتاحة يومئذ فأحاط نفسة بخيرة المثقفين والمفكرين، والوطنيين من كل بلد عربي وإسلامي، ووضع بذلك بين يديه خلاصة من تجارب الأمم وعندما انصهرت الافكار والخبرات في بوتقة واحدة سكبها على ارض الوطن الكبير لتروي الظمأ الذى تعيشه البلاد ولتبدأ مرحلة البناء بعد التوحيد، وهنا كان تأسيس الدولة السعودية إيذاناً بعودة الروح إلى الجزيرة العربية، كما كان إيذانا بعودة الروح العربية بعد قرون طويلة من التخلف والتفتت.

ومنذ تأسيسها وصولاً إلى وقتنا الراهن، كانت الدولة السعودية موهوبة للخير والبذل والعطاء، فلم تقتصر إنجازاتها وعطاؤها على مواطنيها وحدهم، بل شملت كل مواطن عربي ومسلم مهما نأت داره حتى لكأن حدودها تتخطى الحدود الجغرافية والسياسية المعروفة لتصل إلى كل مكان في ديار العرب والاسلام، فأصبحت المملكة العربية السعودية في ذهن المسلم العربي وغير العربي لاتعني فقط تلك البلاد التي تحتضن الحرمين الشريفين ونزل فيها القرآن على الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحسب، بل تعني أيضاً المرجعية والعاصمة له، فهي مهوى قلبه ووجدانه كما هي سنده وسيفه. وعلى مدى سنوات طويلة اقترن اسم المملكة العربية السعودية بفكرة التضامن الإسلامي والتعاون العربي وبالعمل من أجل نصرة قضايا الإسلام والمسلمين.

إن تاريخ المملكة السياسي على الصعد العربية والإسلامية والدولية ظل دائماً خارج دائرة الاستقطاب أو لعب الأدوار المزدوجة، لأن المملكة منذ البداية أدركت من خلال معركة توحيدها أن الخطأ يجر معه الكوارث، خاصة في منطقة مشحونة بالمشاعر والعفوية، ولهذا فالأمة العربية تتطلع اليوم - كما الأمس - إلى الدور السعودي في إعادة استقامة العلاقات العربية - العربية وهو دور يشيع الطمأنينة لدى شعوب المنطقة جميعها بما يوفره من ثقة وثقل وامكانات تجعل المجتمعات العربية قادرة على النمو ومسايرة التطور والعلم والإسهام فيهما وتعمل حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- على هذا المحور بكل ثقلها وقد تحقق فيه الكثير من المنجزات على أرض الواقع ، وظل محور ارتكاز في الشأن العربي والقضايا الدولية، وفي المقابل تدار ورشة بناء تنموية عملاقة في الداخل.

وإذا كان واجب الانتماء الوطني يفرض علينا في هذه المناسبة أن نقف أمامه بكل فخر واعتزاز، فإن من الواجب أيضاً أن يترجم ابناء الوطن انتماءهم على أرض الواقع، ليكون شاهداً على المزيد من التلاحم والوحدة الوطنية والالتفاف حول قيادتنا الراشدة لتستمر مسيرة الخيروالعطاء وليعلو البناء التنموي بخطط مدروسة ومحروسة.. وكثيرة هي المجالات والميادين التي تترجم الانتماء الوطني إلى سلوك، ولعل من أهمها ما يتعلق بالمحافظة على صلابة الأمن الداخلي واللحمة الوطنية وعلى مكتسبات التنمية التي نعيش في ظلالها لتكون اكثر عطاء، وأبقى أثراً وأعظم فائدة، كما أننا في يومنا الوطني وانطلاقاً من واجبات الانتماء نستشعر ضرورة أن يكون المواطن فاعلا في مشروع التنمية وحارساً لهذه المكتسبات محافظا عليها، واعيا بقيمتها، مدركا لما بذل من أجل انشائها.

نسأل الله الثبات على الحق والعمل لأجله وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن، والاستقرار، والرخاء وندعوه - جل وعلا - وأن يتغمد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود بواسع رحمته وان يجزل له المثوبة والاجر ورجاله الرواد الذين خاضوا معه ملحمة التوحيد وفاءً واخلاصاً وايماناً بالهدف الاساسي والرئيسي وهو وحدة القلوب ووحدة هذه البلاد الغالية والمقدسة وان يحفظ سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، قائد الأمة، والساهر على الوطن واهله ويسنده بالتوفيق والسداد، وأن يحفظ سيدي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز العضد الأيمن لمليكنا الغالي وسمو النائب الثاني وكافة رجال هذه الحكومة الرشيدة وأبناء الوطن المخلصين الذين يثبتون للعالم من خلال هذا اليوم الوطني ويبرهنون على أمتن علاقة وتلاحم ووحدة عميقة بين القيادة والمواطنين أمام كل التحديات في عالم تتلاطم فيه أمواج الفتن مما جعل الاستقرار السياسي والأمني عملة نادرة في هذا الزمن - نسأل الله أن يحفظ قيادتنا ووطننا الغالي وهذا الشعب الكريم وأن يرزقنا شكر نعمته ونكون من السعداء الذين يعتبرون بغيرهم ولا يجعلنا من الأشقياء ويوفق قيادتنا وولاة أمرنا لكل خير ويدحر الأعداء ويمكن لنا ديننا القويم انه سميع مجيب وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة