Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 24/09/2013 Issue 14971 14971 الثلاثاء 18 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

دائما ما يستشهد من يرغب التأصيل لعلاقة الإنسان بوطنه بما قاله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لورقة بن نوفل ابن عم السيدة خديجة بنت خويلد- رضي الله عنه- “أو مخرجي هم”؟!، ، إذ لم يلتفت عليه الصلاة والسلام لكل التهديدات المتوقعة التي جاء على ذكرها هذا الرجل العارف بأحوال الأنبياء والرسل قبله، ولم يرد منه هذا الاستفهام التعجبي إلا حين ذكر ابن نوفل إخراج قومه له من مكة المكرمة؛ البلد التي ولد فيها، ونشأ وترعرع بين جنباتها، مع أنه عد أنواعاً من الأذى شديدة وصعبة ستلحق به وسيتعرض له عليه الصلاة والسلام، مثله في ذلك مثل من سبقه من الأنبياء والرسل صلى الله عليهم أجمعين.

إن إخراج الإنسان من داره، وتركه بلا وطن يعيش في دنيا الشتات شر مستطير، وعذاب متجدد، وجرح ينزف إلى الأبد، لا يحس به ولا يعرف عمق أثره في النفس إلا من مر بالمأساة واكتوى بنارها ولفحة لهيبها -وقانا الله وإياكم ذلك -، ولذلك ونحن نجدد عهد الوطن هذه الأيام لابد أن نتناصح فيما بيننا، ويذكر بعضنا بعضاً بواجباتنا إزاء هذا الكيان العزيز “المملكة العربية السعودية” عقيدة وقيادة وشعباً وأرضا، حتى لا يتأتى اليوم الذي - لا سمح الله - تكون فيه حالنا كما هي حال كثير من أبناء شعوباً العربية المستباحة أو المستهان بها مسحوقة الإرادة مسلوبة الحرية مطموسة الهوية.

إننا في ميزان الله لا نعدو أن نكون مجرد شعب من شعوب الأرض، وليس بيننا وبين الرب واسطة أو نسب سوى الالتزام بهذا الدين وتحكيم شرع أرحم الراحمين في جميع مناحي حياتنا الفردية والمجتمعية فـ”نحن قوم أعزنا الله بالإسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله”، وهذه القاعدة تعتبر عند العقلاء منا فضلاً عن علماء الأمة الربانيين والساسة المتفحصين والدارسين العارفين لأحوال الأمم في التاريخ، أقول: إن هذه القاعدة الذهبية تعد في ذهنية هذه النخب الوطنية الأس والمرتكز لمشاريعنا الوطنية سواء أكانت سياسية أو اقتصادية أو فكرية ثقافية أو خدمية.

إن بلادنا- ولله الحمد والمنة- ليس لديها في الأساس إشكالية “المرجعية”، ولا يوجد عندنا مشكلة “الشرعية”، ولدينا “هويتنا” الذاتية الخاصة التي نفخر بها ونفاخر، ولكن هناك منا وللأسف الشديد من يثير بطريقة أو بأخرى سيلاً من التساؤلات ويطرح جمعاً من الأفكار والمقترحات المستجلبة من هنا وهناك والتي قد تكون باب فتنة وشرا وسبباً من أسباب الافتراق والاختلاف، والأمثلة في هذا الباب كثيرة ومعروفة، والواجب أن يعي هؤلاء أن هذا الوطن “المملكة العربية السعودية” هو مهبط الوحي، وبلد الحرمين، ويلقب ملكه بـ “خادم الحرمين الشريفين”، وترتفع رايته الخضراء وقد كتب على أرضيتها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، كما أن القادة والعلماء والمفكرين والساسة يؤكدون في كثير من المحافل والمناسبات الداخلية والخارجية على أن الفصل بين السلطات الثلاث، واستقلالية القضاء بشكل تام أمر مفروغ منه في دين الله ولا يحتاج منا إلى دليل، ويشددون في ذات الوقت على وجوب تحقيق العدل كما أمر الرب سبحانه وتعالى، والالتزام بالمساواة بين المتساوين شرعاً، ومنح الحرية كما في الشريعة الإسلامية للكل دون تميز على أساس الجنس أو اللون أو الطبقة أو.... بشرط عدم الإضرار بمصالحة خاصة أو عامة معتبرة شرعا،، وهذا لا تعني أنني أدعي أننا مجتمع ملائكي مثالي ليس فيه تجاوزات أو أخطاء، أو أنه لا يوجد لدينا إشكاليات ومشكلات وطوام ومهلكات، وأننا استطعنا تحقيق التوازن في المنشط والمكره، حين الرخاء وعندما اعترتنا الهزات وألمت بنا المحن والأزمات والتي كانت وما زالت تطل برأسها صباح مساء. ولكنني هنا أحببت الإشارة في هذه المناسبة الوطنية الغالية أن هذه الخروقات التي يصل البعض منها إلى العظم وينسف كل هذه المسلمات، أن هذا الشيء يجب ألّا ينسينا الأساس الذي توحدت عليه هذه البلاد، مع الإشارة العجلى إلى أن المحافظة على اللحمة الوطنية وضمان بقاء هذه الوحدة الحقيقية يوجوب التأكيد على ضرورة التمسك بما كان من أساس متين بعيداً عن المصالح الشخصية والمنافع الآنية المادية منها أو المعنوية، كما أن من الأهمية بمكان أن يعمل الجميع خاصة من بيدهم القرار ولهم كلمة ويؤخذ بما يقولون، أن يعملوا بجد من أجل وقاية وتجنيب بلادنا الفتن والحروب العقدية الفكرية والسياسية والعسكرية والاقتصادية، فالخطر يحيط بيننا إحاطة السوار بالمعصم ولا بد لنا أن نتبصر بموطئ الأقدام حتى لا نزل وتحل با الهلكة لا سمح الله. دمتم بخير ودام عزك يا وطن وإلى لقاء والسلام.

الحبر الأخضر
أو مخرجي هم؟!
د.عثمان بن صالح العامر

د.عثمان بن صالح  العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة