Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناTuesday 24/09/2013 Issue 14971 14971 الثلاثاء 18 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

اليوم الوطني 83

ما أكثر الجوانب الثقافية والتعليمية المضيئة في حياة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، ويأتي الاهتمام بالكتاب والعناية بالمعرفة ونشر التوعية والثقافة في مقدمة اهتماماته، ولقد تجلى ذلك واضحاً في اهتمامه بالتعليم باعتباره أساسا في نشر الدعوة الإسلامية التي قامت على أساسها الدولة السعودية منذ نشأتها، ولقد تجسد هذا الاهتمام في طباعة ونشر الكتب القيمة على نفقته الخاصة وفي معظم خطاباته وأحاديثه كان يحرص على تأكيد هذه الحقيقة.

لقد كان الكتاب يحظى بالمقام الأول من اهتمامه وكان على قدر كبير من المعرفة إلى جانب حنكته السياسية وعبقريته المستنيرة، حيث بنى دولة العلم والإيمان المرتبط بروح الإسلام الحقة وأحيا معالم الدين والحفاظ على تعاليمه ونشر التعليم ووطن البادية وبعث بالعلماء والمرشدين إلى مختلف المدن والقرى وكان - رحمه الله - يرى أن نشر الثقافة والعلم والمعرفة من الركائز الأساسية لمحاربة الجهل والفقر والمرض، فأنشأ العديد من المعاهد والمدارس كدار التوحيد والمعاهد العلمية وكلية الشريعة في كل من الرياض ومكة المكرمة ودعم إصدار الصحف والمجلات والمطابع وكان للعلماء مكانتهم الخاصة والأخذ بنصائحهم المستندة على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام.

ومن الصحف التي صدرت في عهده - رحمه الله - جريدة أم القرى وهي الجريدة الرسمية للدولة وصدر العدد الأول عام 1434هـ - 1924م، كما أصدر الشيخ عبد القدوس الأنصاري أول مجلة متخصصة في الثقافة والآداب في عهد الملك عبد العزيز وكان ذلك في عام 1355هـ حين أصدر مجلة المنهل وما زال صدورها مستمراً وكذلك مجلة الحج 1366هـ وجريدة المدينة المنورة 1355هـ كما ظهرت في مكة المكرمة مجلة الإصلاح شهرية سنة 1347هـ ومجلة النداء الإسلامي سنة 1357هـ وقافلة الزيت في الظهران سنة 1372هـ.

كما استعان بالكفاءات العربية من ذوي الثقافة والمعرفة وكان يحسن اصطفاء الرجال ويجيد فن اختيارهم وهذا من ملامح عبقريته وتنوعت مصادر الأدب والفكر والثقافة والاهتمام بإحياء وطبع كتب التراث والأدب والفكر الإسلامي وتحقيق المخطوطات وتخصيص مكافآت شهرية للعلماء والأدباء والشعراء وإنشاء المكتبات العامة، ولقد وصف (فيلبي) الملك عبد العزيز بأنه حاكم مثقف، ولقد قابل عدداً كبيراً من المفكرين والرحالة والمستشرقين فكان إعجابهم به كبيراً ووصفوه بأنه صاحب عبقرية وذكاء متميز، ولقد بهرت سيرته وإنجازاته وتاريخه مواهب الشعراء وتباهي الأدباء والشعراء والمؤرخون بتلك لسيرة العطرة والمثالية المتألقة والاهتمام والعناية بالعلم والمعرفة والأدب والتعليم والصحافة والمكتبات وطبع كتب التراث وجمع المخطوطات وتحقيقها ونشرها، مما كان له أثره وفاعليته في نشاط الحركة الثقافية في البلاد.

إن من يقرأ سيرة الملك عبد العزيز - رحمه الله - سيدرك أنه بطل عظيم وعبقري فذ غرس أعظم وحدة في تاريخ هذا الوطن، وإن سيرته لتاريخ ناصع لا ينضب معينه، فقد كان عهده عهد إنشاء وبناء وتأسيس.

ومنذ استرد الملك عبد العزيز ملك آل سعود، أقام دولته على أسس راسخة، ونشر الأمن والطمأنينة في أنحاء المملكة، كما أصبح العدل شريعة تطبق في كل شبر من أرضها ولم ينس فضل العلم بل كان حريصاً على أن يتزود به كل فرد من أبناء شعبه.

وإذا كان - رحمه الله - قد أرسى دعائم دولته الجديدة على العلم والإيمان، فإن مكتبته لخير شاهد على مدى اهتمامه بالعلم، وتعكس لنا حبه ومنزلته بالنسبة له، فجهوده المباركة في نشر العلم والمعرفة واضحة ملموسة وإن مكتبته الحافلة تدل على اهتمامه بالعلم وحرصه على نشر المعرفة بما لها من أثر إيجابي، ولقد حرص - رحمه الله - على نشر وطباعة أمهات الكتب الإسلامية ونشرها مجاناً في جميع أنحاء المملكة وتوزيعها في العالم الإسلامي على حسابه الخاص.

إن الجانب الثقافي في حياة الملك عبد العزيز لعظيم جداً، فقد حرص على تنقية العقيدة الإسلامية من الخرافات والبدع كما اتخذ خطوات عديدة نحو نشر العلم وطباعة الكتب الإسلامية النافعة، وكان يكتب التوجيهات والنصائح الدينية التي تحث على العقيدة السلفية الصحيحة، ولقد طبعت في الفترة الأولى من حكمه عدة كتب لابن تيمية ولابن القيم وأحمد بن حنبل ومحمد بن عبد الوهاب وغيرهم من علماء الإسلام، كما استضاف العديد من علماء الإسلام الذين يدينون بالعقيدة السلفية الصافية كما شجع الأدب والتراث وكان يحفظ الكثير من الأشعار ويتمثل بها وكان مجلسه الخاص والعام لا يبدأ إلا بعد درس في القرآن والحديث والسيرة النبوية، واصدر العديد من الأنظمة المتعلقة بتنظيم العمل في مجال المطابع والمطبوعات حيث صدر أول نظام للمطابع عام 1347هـ وغير ذلك من الأسس الفكرية والبذور الثقافية والمقومات العلمية التي كانت النواة للمستوى الثقافي والعلمي الذي نعيش فيه، حيث وضع لبنات هذا الكيان، ولذا فقد أقام دولته على أسس راسخة من العلم والإيمان ولقد كان من أهم أسباب نجاح جلالته - رحمه الله - هو تمسكه بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام فاتخذ من كتاب الله دستوراً يعمل بموجبه وطبق أحكام الشريعة الإسلامية السمحة، فنشر الأمن والطمأنينة في أنحاء المملكة، وأصبح العدل شريعة تطبق في كل شبر من أراضيها إضافة إلى عنايته بالإعلام المقروء من جرائد ومجلات، فقد اهتم بالإعلام المسموع إذ أصدر مرسوماً ملكياً عام 1368هـ بإنشاء الإذاعة السعودية في يوم الأحد التاسع من ذي الحجة 1368هـ فانطلق صوت المملكة في مناسبة دينية كريمة وهو يوم الوقوف في عرفة.

ولم ينس فضل العلم والأدب، بل كان حريصاً على أن يتزود بذلك كل فرد من أبناء شعبه، فأنشأ كثيراً من المدارس الحديثة بمراحلها المختلفة في معظم بلدان المملكة، وأرسل بعوثاً إلى الخارج، واستقدم في عهده المعلمين من الدول العربية الشقيقة، ثم أخذ في طبع الكثير من الكتب العلمية والثقافية، ووجه عناية خاصة إلى كتب العلوم الإسلامية المخطوطة، فأمر بطبع طائفة منها مجاناً، وتوزيعها كما طبعت على نفقته كتب كثيرة في الهند ومصر لم يذكر عليها اسمه، إلا ما جاء على بعض مطبوعاته في الهند من أنها طبعت على نفقة من قصده الثواب من رب الأرباب، كما أمر بشراء مجموعات من كتب التفسير والحديث والتاريخ والأدب، القديمة والحديثة لتوزيعها مجاناً.

ولقد كان من شدة اهتمام جلالته بالعلم والأدب، أنه كان له مجلس يومي يبدأ بعد صلاة العشاء وينتهي بانقضاء سهرة الملك، يفتتح هذا المجلس بالدرس الذي تتلى فيه أنواع مختلفة من الكتب في التفسير والتاريخ والأدب.

وكانت العادة أن يبدأ بتفسير القرآن، ويثني بالتاريخ ويتناول الحاضرون من أهل المعرفة وسواهم من الجالسين، ما يثار من تساؤلات ومناقشات بتعليقاتهم وقد أشار الزركلي إلى أنه سمع في مجلس الملك عبد العزيز ثلاثة كتب من التراث وهي تفسير القرطبي وكتاب البداية والنهاية لابن كثير وكتاب الآداب الشرعية لابن مفلح، ومن المعروف أن مجالسه كانت مفتوحة وتضم رجالاً متنوعي الثقافات.

ولقد كان هذا المجلس يزدان بالمقرئين والعلماء من أمثال الشيخ حمد بن فارس والشيخ عبد الله بن أحمد العجيري، حيث كان يتلو عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وكان راوية يحفظ مسند الإمام أحمد عن ظهر قلب وأخبار العرب وأقوال الشعراء والحكماء والأدباء، ولقد أحيا الملك عبد العزيز - رحمه الله - تقليداً قديماً وهو حلقة الدرس التي تقام بحضور الملك وهي عادة تاريخية قديمة منذ أيام الخلفاء الأمويين.

وكان لجلالته عناية باختيار القراء ولا بد أن يكونوا من حفاظ القرآن الكريم والعارفين باللغة العربية ومن ذوي الأصوات الحسنة والاطلاع الجيد، وكان يستقبل العلماء ويجتمع بهم كل خميس من كل أسبوع في جلسة عامة مفتوحة، وكانت له توجيهات فكرية إسلامية. وفي مواسم الحج كان يلتقي كبار العلماء والزعماء للعالمين العربي والإسلامي وكان سخياً في الإنفاق على إحياء كتب التراث الإسلامي حيث طبع الكثير من كتب المخطوطات الإسلامية.

- أمين عام دارة الملك عبد العزيز سابقاً

جوانب ثقافية وحضارية في حياة الملك عبدالعزيز
عبد الله بن حمد الحقيل

عبد الله بن حمد الحقيل

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة