Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 26/09/2013 Issue 14973 14973 الخميس 20 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

نقولها في كل عام تهل علينا فيها ذكرى اليوم الوطني، إنه ليس بالضرورة أن نفرح جميعاً بنفس الدرجة أو بنفس الطريقة أو لنفس السبب، لكن لا أحد يمتلك الحق في أن يمنعنا من أن نحتفل أيضاً بطريقتنا التي لا تضر أحداً ولا تتدخل في حريات الآخرين، أو تهدد الحريات العامة،

ويجب فعلاً أن نتوقف عن إيلام بعضنا وإفساد فرح بعضنا البعض، وهو فيما يبدو تخصص سعودي بامتياز، فلا يحدث أن تأتي مناسبة أو حدث وطني أو منتج ثقافي أو تنموي، إلاّ ونبدأ في تسليط السهام عليه بالنقد والتشنيع والشكوى، دون أن نعطي أنفسنا فرصة التفكير به والاستمتاع به؟ وفيما يبدو لم نتعلّم كيف نستمتع بشيء نتيجة لتراث الشعور بالذنب الذي زُرع منذ صغرنا حتى يذكّرنا دائماً بأننا أقلّ مما يجب أو لا نستحق، أو أننا إذا كنا راضين عن شيء ما فذلك لسذاجتنا وتلقائيتنا التي لا تصلح لعالم اليوم الجشع؟؟ ولا أحد.. لم أر أحداً يطرح قبل الشكوى سؤالاً ذاتياً أساسياً: ما هي مسئوليتي المباشرة والذاتية فيما يحدث، وبدل أن أطلق السباب في كل مكان هل ساهمت وفي حدودي الخاصة أن أصلح الوضع؟ أنظر ماذا يحدث عند إطلاق فعاليات الجنادرية التي يضيع جهودها والتعب المستثمر فيها كل هذا الغبار الذي تطلقه حوافر الغاضبين. أنظر ماذا حدث في مهرجان عكاظ وكيف تم تهميش فعاليات كاملة قضي المنظمون شهوراً في الاجتماعات والسهر والاتصالات لإخراجها للنور ولينتهي كل ذلك بأنّ كل فيديو تيوب تطلبه حول مهرجان عكاظ ينتهي بلقطة شابنا المتحمّس يطلق صرخاته الهوجاء في فضاء المهرجان لطرد الضيفة التونسية!! وانظر ما حدث عند افتتاح جامعة الأميرة نورة والأهوال التي رافقت ذلك، وبدل أن نساعد هيئتها الإدارية والأكاديمية على تجاوز المستويات المتواضعة للتعليم الذي كانت تعجّ بها كليات البنات، تفرّغ الصارخون لتصويب السهام وتأليب الرأي العام على قضايا جزئية، بحيث أشغلوا من في الجامعة ومن بخارجها لا للبحث في الرفع من الشأن الأكاديمي والتعليمي والبحثي وهو الوظيفة الأساسية للجامعة، بل بقضايا جزئية لا تشكِّل هماً في العالم الجامعي اليوم.

وانظر ما يحدث عند ابتعاث الشباب والشابات من نقاشات إلى آخر المنظومة التنموية (القاسية والصعبة) التي تمر بها بلادنا اليوم، في ظل عناية خادم الحرمين الشريفين والتي ربما لا نرى آثارها المباشرة الآن، لأنّ تحسين أساليب التعليم عن طريق مخرجات الابتعاث مثلاً، وإصلاح أحوال العمالة السائبة، وإيجاد عشرات الآلاف من الوظائف النسائية في بيئة طاردة وذكورية، ومحاولة (توفير) وليس (تحسين) الخدمات الصحية في ظل هذا الانفجار السكاني الذي تشهده المملكة.. كلها مكتسبات صعبة ولا تأتي بأكلها بين يوم وليلة وما علينا إلاّ أن ننتظر.

هل يعني هذا عدم وجود الأخطاء؟ هل يعني هذا عدم وجود تجاوزات؟ هل يعني هذا أنّ القانون يطبّق على كل أحد؟ هل يعني هذا عدم وجود إصلاحات شكلية وتجميلية أحياناً؟ في كثير من المشاريع المطروحة مع ما يرافق ذلك من رشاوٍ وفساد يكتب عنها الكثيرون داخلياً وخارجياً، نعم هذا كله يحدث وهي تركة ثقيلة ندفع ثمنها كمواطنين، لكن لا نملك خياراً الآن، وما علينا إلاّ أن ننظم التعامل معها خطوة وخطوة بما يمكننا من أن نرى النور حتى لو كان في آخر النفق.

هذا بالضبط ما يحدث مع الاحتفالات التي ترافق اليوم الوطني منذ وصل الملك عبد الله، فمن قال إننا جميعاً يجب أن نحتفل، ولكن إذا حدث ورغب أحد في استعراض فرحته وحملوا أعلامهم الوطنية، فيجب أن نتيح لهم ذلك ولا ندمّرهم بقتلهم كما حدث مع الشابين اللذين يقال إنّ ثلاث سيارات من الهيئة طاردتهم وضربتهم بدعاماتها الحديدية أربع مرات، قبل أن توفق في رميهم من فوق الجسر في وسط العاصمة، ليقتل أحدهم ويبقى الآخر في حالة حرجة في مستشفى دلة؟ (وبالمناسبة هما أخوان) وعزائي الشديد لوالديهما ولأحبابهما ولأصدقائهم بل وللوطن جميعاً ولا أحد.. لا أحد يستحق أن يُقتل في عيده الوطني!!

يجب أن نتعلّم كيف نحل اختلافاتنا بطريقة أكثر هدوءاً وأقل تشنُّجاً، وهو ما يُطلق عليه باللغة الإنجليزية (كونفليكت رزلوشن) Conflict Reslution أي حل المنازعات بطريقة سلمية، وهو منهج منظم تقدمه المدارس والجامعات في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، وتقام فيه المؤتمرات والأنشطة الصيفية وتصدر فيه مجلات دورية وأسبوعية، وقد حضرت صيف 2003 في جامعة جورج ميسون في فرجينيا مؤتمراً كاملاً لثلاثة أيام ليعلمنا كيف نعلّم طلاب التعليم العام كيف يحلون خلافاتهم ومشاكلهم بطرق سلمية، مع ما رافق ذلك من أنشطة وفيديوهات وتدريب عملي؟. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ الأمر لا يأتي من تلقاء نفسه وأنّ الشعوب لا تولد مسالمة بالضرورة، وأننا فعلاً نحتاج إلى تدريب في مدارس التعليم العام والجامعات المحلية على قيمة لا تعرفها الثقافة المحلية، وقد كانت لا تحتاج إليها أيام القبيلة والغزو المشروع للبقاء، لكنها تحتاجها اليوم كأسلوب لحل مشكلاتنا في الزمن الحاضر حتى لا نقتل بعضنا، وأنا متأكدة أننا سنري أثر ذلك مباشرة منعكساً على سلوك الطالب والمراهق وطالب الجامعة في الشارع والبقالة ومحطة البنزين والسوبر ماركت، كما سنراه بالضرورة في اليوم الوطني لكن بعد تقييد المركبات التي تضع دعامات حديدية؟؟!!

وسيبقي يومنا الوطني رمزاً حتى ولو استمر غضب الغاضبين
د. فوزية البكر

د. فوزية البكر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة