Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناThursday 26/09/2013 Issue 14973 14973 الخميس 20 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الرأي

* قد يصحُّ لصاحبكم تصنيفُ الرحلة المجتمعية التي تمر بها الشعوب في أربع مراحل؛ الانغلاق فالانعتاق ثم الانطلاق وأخيرًا الاندلاق، وهو تقسيمٌ افتراضيٌّ لا يعني كلَّ المجتمعات؛ فبعضُها مرَّ بدورته الكاملة، وبعضُها توقف في إحدى محطاته، وبعضها استطاع المواءمةَ بخلق شكلٍ جديدٍ لا ينغلق ولا يندلق متوسطًا بين متطرفَين وواعيًا سوءاتِ الانغلاق كما الاندلاق.

* لا تبدو هذه المراحلُ في مجتمعنا ممثلةً تغيرًا أو تحولاً متدرجًا أو شاملاً بل هي أقربُ إلى تصنيف الأشخاص المتوزعين على هذه الرباعية؛ فقد يتجاورون في الحيِّ الواحد بل في السكن الواحد ويُرى النقيضان في أخوين أو صديقين، بل قد يمرُّ الشخص الواحدُ بهذه “الرباعية”،وهنا محورُ هذه الرؤية حول تناقضنا ونقائضنا أمام موقفين متشابهين يُفترض أن يأخذا حكمًا متماثلًا لا حكمين مختلفين.

* وكي لا يُحسب الأمر بصورةٍ سلبيةٍ مطلقةٍ فإن ثمة هامشًا إنسانيًا مقبولًا للتناقض إذ يندرُ من يسمو فوقَ صراع الإراداتِ والمشاعر والقيم والمعلنِ والمضمر،وكلما زادت ضغوط المجتمع كثرت الأقنعة،وهو ما يجعلُ محاسبةَ الفرد مرتهنةً بقراءةِ الواقع والوقائع، وحين يختلف خطابٌ جماهيريُّ عن فردي فلا يمكن تبرئةُ صاحبه كما لا تُهملُ مساءلةُ البيئةِ المكانيةِ والظرفِ الزمني والقمعِ الرقابي والأنظمةِ السائدة.

* ويذكر صاحبُكم حكايةً رواها له أستاذنا ماجد الشبل- شفاه الله- فقد أدار ندوةً تلفزيونيةً عن أضرار التدخين شاركه فيها عددٌ من الأطباء، وحين انتهوا منها أخرج جميعُهم سجائرَهم ودخنوا وابتسموا مدركين تناقضَ التنظير والممارسة، وهذا لا يمسُّ اقتناعاتهم الصادقةَ بل يمسُّ إرادتهم القاصرة في نمطٍ غالبٍ على السلوك الجمعي ناءٍ عن سلوكٍ رديءٍ لمسؤولٍ يُلقي على موظفيه محاضرةً عن حفظِ المال العام حين طالبوه بتكليفٍ مسائيٍ يرفعُ مستوى دخلهم البسيط دون أن يتورعَ عن السعيِ اللاهثِ خلف المنحِ والأعطياتِ والامتيازات مضيفًا أرقامًا إلى أرصدته المتورمة؛ فلا تبريرَ للإغلاقِ على سواه والاندلاقِ مع هواه.

* الأمثلةُ الحسيةُ للتقريب والقياسُ ممتدٌ للجوانبِ الثقافية التي قد تلتبسُ معطياتُها بفعل الصوت المرتفع للفكرة والذاكرةِ النسيَّةِ للمتلقي،وإن بطّأت التقنيةُ من”انطلاق” الأولى وزادت في “انعتاق” الثانية فرصدت الصراعَ بين متغيراتِ الذات والسمات.

* وفي هذا الوقت المضطرب فإن الوضوحَ والهدوءَ والموضوعيةَ حوافزُ لوسطيةِ المحاكمة وتطهير الدواخل، ولعلها مخارجُ مقبولةٌ للمواءمةِ بين عناصر الرباعية، ولو وعاها المتناقضون وسايروها لوقَوا ضمائرَهم وزرَ الاصطدام المدمر لصدقيتهم حين ينغلقون في زاويةٍ ويندلقون في أخرى ليقتربوا من الاعتدال والتصالحِ مع أنفسهم والموثوقية أمام متابعيهم.

* فقدت ثللٌ بوصلتَها لترددها بين أضلاع المربع المتلاطم دون أن يعنيَها ثباتُ الموقف ومرحليةُ التفكير، وتأثر بعضهم بمتقلبات السياسة فبدوا مثلها متقلبين، وباتت الحاجةُ ملحةً لأصوات الحكمةِ التي لا تزايدُ لرفع أسهمها الخاصة، وللغة الحق التي لا تخضع لإملاءات الهوى،وللانسجام بين القول والفعل فلا يتحدث عن الانفتاحِ منغلقٌ وعن الانعتاق متوقفٌ وعن الالتزام مندلق.

* العقلُ توازن.

ibrturkia@gmail.com
t :@abohtoon

السفرُ فى الذات
د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة