Al-jazirah daily newspaper

ارسل ملاحظاتك حول موقعناMonday 30/09/2013 Issue 14977 14977 الأثنين 24 ذو القعدة 1434 العدد

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

الاقتصادية

لماذا يجب أن تعتمد المؤسسات مفهوم العشوائية كما تفعل مستعمرات النمل؟

رجوع

لماذا يجب أن تعتمد المؤسسات مفهوم العشوائية كما تفعل مستعمرات النمل؟

بقلم - أندرو سمارت:

فكّروا في النمل العادي، حيث تستطيع كل نملة، وفقاً لتصميمها الوراثي، الإقدام على بعض الأنواع المحددة من السلوك، وتكون مقيّدة بعدد قليل من الخيارات الثنائية البسيطة، ما يجعلها خرقاء، ومتعنتة، ومفتقرة إلى المرونة إلى حد كبير. أمّا السلوك الجماعي لمستعمرة نمل، فيتّسم بالقدرة على التكيّف، والمرونة، وحتى الإبداع، لتشكل بالتالي مؤسسة اجتماعيّة منظّمة إلى حد كبير.

والآن فكروا في الإنسان العادي، حيث يتسم كل منا بقدرة فردية على التّكيف، إلى جانب الكثير من المرونة والإبداع. أمّا المنظمات الكبرى التي نعمل فيها، فغالباً ما تكون متصلّبة، وتفتقد إلى القدرة على التكيّف والابتكار الفعلي. وبالتالي، لماذا تسجّل مستعمرات النمل أداء أفضل بكثير ضمن المجموعات بالمقارنة مع ما تفعله كلّ نملة على حدة، في حين أن الحكومات والشركات غالباً ما تسجل أداء أسوأ بكثير؟ أعتقد أن السبب يعود إلى اختلاف طرق مواجهة عدم الاستقرار ضمن المنظومات البشريّة.

وفي كتابي الجديد، أتكلم كثيراً عن استغلال مجتمعات النمل لصفتَيْ العشوائية و»غياب القائد» في سبيل التعلّم والازدهار. وعندما تستكشف مستعمرة نمل محيطاً جديداً (قد يكون منزلك مثلاً)، يسير النمل المموّن عن غير هدى، حتّى يصادف عنصراً مفاجئاً، ربّما كان قطعة فاكهة مرميّة على الأرض. وباللجوء إلى نوع عشوائي من التفاعل، ينتشر الخبر عن موقع المعلومة الجديدة على جناح السرعة. وسرعان ما تتجه آلاف النملات إلى مصدر الطعام المذكور، وتبدأ بنقل قطع منه على ظهورها عائدة إلى المستعمرة. وعندما لا يعثر النمل على طعام، يعمد إلى تعزيز الطابع العشوائي لعملية البحث التي يُقدِم عليها.

وتميل منظمات البشر إلى اعتماد مقاربة مختلفة كلياً في مجال الاستكشاف. فيحاول البشر بمعظمهم تقليص حجم الطابع العشوائي للأمور، ويُجري المدراء التنفيذيون دراسات جدوى، ويُقدِمون على تحاليل للمخاطر، أو يقلّصون الموازنات، أو يُدخلون إجراءات جديدة، أو يحدّدون معياراً للعمليات المنوي تنفيذها. وإن ظهرت مشاريع في وقت متأخر، أو زادت تكلفتها عمّا هو محدَّد في الموازنة - وهو أمر محتم بالنسبة إلى كثيرين - تأتي النتيجة على شكل «غوص إلى الأعماق» وعروض مطوّلة باستعمال برنامج «باور بوينت» حول «الدروس المُستخرَجة»، ليتمكن الجميع من التخطيط بطريقة أفضل في المرة القادمة (وإن كان الوضع قد شهد تغيّرات مؤكّدة).

ما الذي سيحصل إن توقّفنا عن إظهار مقاومة، واتخذنا بدلاً من ذلك خطوة مهيبة نحو اعتماد العشوائية؟ ستبدأ المنظمات بالتعلّم، تماماً كما يفعل المرء على صعيد فردي، عند شعوره بالمفاجأة. وقد شرح لي العلماء الأمر بهذه الطريقة: عند حصول أمر غير متوقع، يُظهر الدماغ البشري ردّ فعل يتمثّل بتركيز الانتباه وزيادة مستويات التوتر، فينحرف سائق أمامك، ولبضع لحظات، وخلال الثواني القليلة التي تركّز فيها على تجنّب تلك السيارة، تزول الأفكار من وعيك. وكلما كان الحدث مفاجئاً، تذكّرته بصورة أفضل، وزادت الدروس التي تعلّمتها منه.

وبالتالي، يشكّل عنصر المفاجأة مصدر معلومات. فنلاحظ أن مؤسسة تكرّس جميع جهودها للتخطيط، والرصد، والإشراف، والتوثيق، لتقليص المفاجآت واحتمالات الفشل المستقبلية، تمنع ذاتها من الحصول عن المعلومات ونشرها، ما يعرقل بالتالي تعلّمها.

(أندرو سمارت عالم بحوث عوامل بشرية ومؤلف كتاب بعنوا ن «الطيار الآلي: فنّ وعلم عدم القيام بأي شيء» Autopilot: The Art الجزيرة Science of Doing Nothing).

رجوع

حفظ

للاتصال بناالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة