Sunday 06/10/2013 Issue 14983 الأحد 01 ذو الحجة 1434 العدد
06-10-2013

السنة التحضيرية وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن

ما زال طرحنا حول السنة التحضيرية، حيث عقّب البعض على مقالي الأسبوع الماضي في الموضوع باستحضار تجربة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن كنموذج يرونه المثال الناجح الذي يبرّر إقرار السنة التحضيرية. لذلك أخصّص مقالي اليوم عن جامعة الملك فهد، قبل استكمال ما وعدت به حول بعض بدائل السنة التحضيرية. وقبل البدء أشير إلى أنه لا توجد بين يدينا دراسة علمية واضحة تؤكد أنّ هذا النموذج أفضل من ذاك، لذلك نطرح وجهة نظر، ونعتقد أنّ غالبية الجامعات تبنّت السنة التحضيرية بناءً على معطيات اجتهادية، كذلك.

كليات جامعة الملك فهد جميعها هندسية وبالتالي يأتي تصميم برنامج سنة تحضيرية واحد أمراً سهلاً مقارنة بالجامعات الأخرى التي تحوي تخصصات مختلفة، وبالتالي يصعب عليها تصميم برنامج سنة تحضيري واحد لهم جميعاً، فاضطرت بعضها إلى عمل سنة تحضيرية بمسارات متعدّدة. طالب جامعة الملك فهد يدخلها وهو يعرف أنه يدرس هندسة، بينما بقية الجامعات يدخل السنة التحضيرية وهو لا يدري هل ستقوده للطب أو الهندسة أو التمريض أو الزراعة أو العلوم...

برنامج التحضيرية بجامعة الملك فهد ليس معقّداً، فهو يرتكز على تعليم اللغة الإنجليزية، وبحكم تجربتها الطويلة طوّرت خبرة أكاديمية متميّزة في تدريس اللغة الإنجليزية، بما في ذلك تراكم خبرات كوادرها التدريسية وإيجادها اختبارات تحديد مستوى أكثر دقة. مقارنة بالجامعات التي استحدثت السنة التحضيرية وخبرتها في تعليم اللغة الإنجليزية متواضعة، وبعضها غير قادر بحكم حداثة التجربة وضعف الإمكانات الأكاديمية، على إجراء اختبارات مستويات مقنّنة، وتصنيف الطلاب في مستويات دراسية تتوافق مع قدراتهم، فتحوّلت السنة التحضيرية إلى مجرّد تكديس الطلاب في مستوى واحد.

برنامج التحضيرية بجامعة الملك فهد يعتمد على درجة الاجتياز أو عدمه، ويحسب منفصلاً عن البرنامج الأكاديمي للكليات. بمعنى أنه لم يتحوّل إلى برنامج يحطم معدّلات الطلاب ويقودهم للتعثُّر في السنوات اللاحقة ولا يعتد به في حساب المعدّل الأكاديمي النهائي.

تميُّز طلاب جامعة الملك فهد ليس مردّه السنة التحضيرية فقط، بل هناك عوامل أكاديمية أخرى تستحق الدراسة. بعض الجامعات تسوق السنة التحضيرية على أنها الحل السحري لتجويد مخرجاتها، حتى لكأنّ طالب السنة التحضيرية سيتعلم كل شيء في هذا السنة، وستبقى بقية مراحل الجامعة مجرّد نزهة جامعية.

جامعة الملك فهد خلقت بيئة طلابية محفّزة لتعلُّم اللغة الإنجليزية، وللعيش الأكاديمي بالذات في السنة التحضيرية، وأهم عناصر تلك البيئة هو السكن الطلابي وقلّة أعداد الطلاب ومحاولة الطلاب الحديث مع بعضهم البعض ومع أساتذتهم باللغة الإنجليزية حتى وهم خارج قاعات الدرس.

جامعة الملك فهد تكوّنت لديها قيم معيارية أكاديمية تسعى للحفاظ عليها بشكل دائم. على سبيل المثال نجدها قامت على أُسس أكاديمية أمريكية وتولاّها قيادات حافظت على قيمها وتراثها، وسنتها التحضيرية أُسست لتهيئة الطالب السعودي لدخول الكلية الأمريكية (في أنظمتها حين التأسيس). جامعة الملك فهد حصلت على استثناء من التوسُّع في التخصصات وأعداد القبول وفي قبول الطالبات، وفي تغيير نظام الساعات، بفضل قياداتها التي امتلكت زمام المبادرة والشجاعة لتحصل على تلك الاستثناءات من القيادات العليا، مقارنة بالجامعات الأخرى التي استسلمت للضغوطات حتى تحوّلت إلى أشبة بمدارس الثانويات.

الموضوع بدأناه عن السنة التحضيرية، فامتد لبعض التفاصيل حول جامعة الملك فهد، للقول بأنّ سنتها التحضيرية مجرّد جزء من نجاحها الأكاديمي. إنْ أردتم الاستفادة من تجربة البترول فعليكم استحضار نموذج الجامعة بالكامل وليس مجرّد مسمّى السنة التحضيرية وبشكل مشوّه.

= يتبع =

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

 
مقالات أخرى للكاتب