Monday 07/10/2013 Issue 14984 الأثنين 02 ذو الحجة 1434 العدد
07-10-2013

التمديد لبشار الأسد

الذين عاصروا فترة طغيان الخطاب النّاصري واليساري في الصحافة العربية، يعرف كيف تعمل ماكينة «البركندا» الإعلامية اليسارية، التي تستلهم دروس الماركسية واللينينية في تحريك الماكينة الإعلامية، والعمل على نشر معلومات تقدِّمها على أجزاء تتكامل في النهاية لتصنع قصة إخبارية لا وجود لها، إلاّ أنها بفضل التكرار وإضافة الأجزاء لبعضها البعض، تصبح في النهاية مقنعة للمتلقِّي، بل يراها - خاصة من يسيرون في ذلك الرَّكب - الحقيقة الوحيدة التي يمكن تصديقها.

ورغم أنّ هذا الأسلوب، تخلّى عنه الماركسيون أنفسهم، بعد سقوط نظريّتهم وأنظمتهم، سواءً في أوروبا الشرقية أو حتى في روسيا، فضلاً عن أشباه النُّظم الماركسية في الدول العربية والإفريقية، إلاّ أنّ هذا الأسلوب كثيراً ما يُسترجع من قِبل أيتام اليسار، وبالذات اليسار العربي الذي توصّل إلى خلطة عجيبة مع الفكر الخميني، ليقدِّم لنا تركيبة تجمع بين التقية الصّفويّة وماكينة الدِّعاية الماركسية التي أتحفتنا بآخر «إبداعاتها»، التي بدأت بالحديث عن تسريبات عن اتفاق أمريكي - روسي، يقضي بتمديد ولاية رئيس النظام السوري بشار الأسد لعامين إضافيين، بعد انتهاء ولايته الحالية عام 2014، ليبقى جاثماً على صدور السوريين حتى عام 2016م.

هذه التسريبات، رغم عدم منطقيتها، تتعارض مع ما يلتزم به الأمريكيون، وما يردِّدونه دائماً من أنّ رئيس النظام السوري بشار الأسد فَقَد أهليّته وشرعيته، بعد أن ساهم في قتل أكثر من مئتي ألف سوري، منهم 125 ألف مواطن مدني و68 ألف جندي، قُتلوا نتيجة خوضهم معارك ضد المواطنين.

هذا الرئيس لا تعترف به غالبية الشعب السوري، ولا تتعامل معه العديد من الدول، حيث يقتصر الاعتراف به على دول عددها أقلّ من أصابع اليدين، والعرب جميعاً لا يعترفون به، والأهم من ذلك لا يريده السوريون، فكيف يتم التمديد له ولمدة عامين...؟!!

الخارجية الأمريكية نفت كذبة التسريبات هذه التي يروِّج لها أصحاب المدرسة الماركسية الخمينية، إلاّ أنه ومع ذلك سيتم ترديد هذه التسريبات والطَّرْق عليها، وجعلها مادة إعلامية متداولة لتحقيق أهداف ومساعٍ دبلوماسية وسياسية يقوم بها حلفاء نظام بشار الأسد، إذْ لا يخفى على الجميع أنّ هناك دولاً تريد للأسد البقاء حتى تنفّذ أجنداتها وتكمل صوغ مقايضاتها مع الدول الأخرى.

وبما أنّ بعض الأماني تُطرح كمصوّغات يتداولها الإعلام لتحقيق برامج الأطراف التي تعمل على تحقيقها، إلاّ أنها في النهاية تظلُّ آمالاً لا يمكن تحقيقها، لأنّ الواقع والمنطق لا يقرّانها.

jaser@al-jazirah.com.sa

 
مقالات أخرى للكاتب