Tuesday 15/10/2013 Issue 14992 الثلاثاء 10 ذو الحجة 1434 العدد
15-10-2013

متى يلتقي الكاتب والمخرج؟

هناك تطور ملحوظ في كتابة السيناريو لدى الجيل الجديد، وتحديداً عندما يميّزون بين الطريقة الأمريكية والفرنسية، ويعقدون نقاشات مطولة حولهما ويتحدثون عن مصطلحات الدراما مثل: الحدث والشخصيات والصراع أو مصطلحات الأعمال الفكرية، مثل: المفاهيمية والميديا والسيميائية، في حين بدت العين الإخراجية السينمائية أكثر عمقاً وتركيزاً وتخلّصت من الحشو والزوائد التي تفسد الأعمال الفنية عادة، أما الخط النقدي والمراجعات الفنية التي غالباً ما تأتي على شكل نقاشات عبر برامج سينمائية - درامية فضائية، أو مقالات في الصحف، فقد كان لها الأثر في تطور الأعمال المحلية حتى بات الشباب والمنتجون الكبار أكثر وعياً بمنتجهم المرئي.

وحتى يكتمل هذا التقدم، فمن الضروري أن يكون بين الكاتب والمخرج لغة مشتركة في منهجية العمل الفني حتى لا يفسد أحدهما عمل الآخر، بحيث يكون ذلك هو معيار تكوين فريق العمل، وليس الصداقة التي عادة ما تحكم الأعمال غير الاحترافية.

فعلى سبيل المثال، لا نتوقع نجاح نصٍّ درامي قائم على نظرية أرسطو في الدراما يتصدّى له مخرج منهجه العام (فكري)، كما لا نتوقع أن نحاكم عملاً فنياً (فكرياً) بقيم الدراما وشروطها، فالمحاكاة عند أرسطو لا تعني السيمياء عند سوسير وبيرس وإمبرتوإيكو، فلكلٍّ منهما شأن ينطوي عليه.

فإذا كانت الدراما ليست معنية بمناقشة هموم الناس، فإنّ العلاماتية ليست معنية بشرح المعاني والدلالات للناس، هنا نحن أمام منهجين لا يلتقيان، مثلما أن الكاتب والمخرج لا يلتقيان إذا كان أحدهما يتبع منهجاً مغايراً، ما يعني ضرورة معرفة انتماء النص وملابساته المنهجية حتى نعرف أي المخرجين يمكن أن يعطيه زخماً وإثارة وتعزيزاً.

الذي قرأ النص الأصلي لـ: فيلم (حصان حرب) إنتاج 2011م، سيعرف أنّ سر نجاح العمل يتركز حول اللغة المشتركة بين المؤلف ريتشارد كوريتس والمخرج ستفين سبيلبيرج، حيث بدا النص المكتوب والصورة البصرية متطابقين تماماً، فكل مشهد مكتوب، نراه عبر لقطات سينمائية، لم يعدل المخرج على المؤلف، ولم يكتب المؤلف شيئاً لا يرى على الشاشة، فكلاهما: المؤلف والكاتب، يتميزان بحس درامي عال وعمق وأصالة نادرتين، نتج عنها فيلم عظيم لا تمل مشاهدته ويمكث في الذاكرة أطول فترة ممكنة.

nlp1975@gmail.com

 
مقالات أخرى للكاتب