Friday 18/10/2013 Issue 14995 الجمعة 13 ذو الحجة 1434 العدد
18-10-2013

التوسعة العملاقة .. لخدمة ضيوف الرحمن

تعتبر مشروعات توسعة الحرم والمطاف وما صاحب ذلك من تقليص لأعداد المعتمرين والحجاج من خدمة ضيوف الرحمن، وصروح هذه المشروعات العملاقة ماثلة للعيان، أشاد بها القاصي والداني، وقد شملت إنجازات المملكة في خدمة ضيوف الرحمن كل المجالات التي يحتاج إليها الحاج والمعتمر والزائر.

تأتي هذه التوسعة استشعاراً من المملكة العربية السعودية بشرف الخدمة للحرمين الشريفين، وإدراكها بأن هذا الشرف العظيم يتطلب منها العمل بكل ما أوتيت من قوة لتوفير المزيد من نعم الأمن والرخاء والاستقرار لضيوف الرحمن، حتى يستطيعوا أداء فريضة الحج في جو من الطمأنينة والراحة، اللتين تحرص عليهما منذ أن أنعم الله على جلالة المغفور له الملك عبد العزيز - رحمه الله -مؤسس المملكة بجمع شملها وتوحيد كلمتها، ونشر الأمن في ربوعها على أساس من تحكيم كتاب الله المبين، والتمسك بسنة رسوله الأمين، لذا يتوجب على قيادة الدول الإسلامية والدعاة وقيادات العمل الإسلامي في الخارج ووسائل الإعلام المختلفة التعاون مع حكومة المملكة العربية السعودية لتوعية الحجاج والمعتمرين بأهداف التوسعة الحالية في الحرم المكي الشريف، وتوسعة المطاف، وتقليص أعداد الحجاج والمعتمرين للتخفيف من شدة الزحام حتى يتمكنوا من أداء المناسك في أمان وخشوع وسكينة. قال - تعالى- : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } (197) سورة البقرة، وفي الحديث الشريف « الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة «. لأن هذا القرار جاء حرصاً على سلامة وأمن ضيوف الرحمن من داخل المملكة وخارجها، وذلك لفترة زمنية قصيرة ريثما يتم الانتهاء من تلك المشروعات العملاقة المنفذة والجاري تنفيذها في مختلف أنحاء المشاعر المقدسة، الرامية تسهيل أمور ضيوف الرحمن وجعل أدائهم لنسكهم سهلاً وميسراً - بإذن الله -.

الحرمان الشريفان يشهدان حالياً أكبر توسعة في تاريخهما « توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود للحرم المكي الشريف «، حرصاً من حكومة خادم الحرمين الشريفين لخدمة الحرمين وزوارها حجاجاً ومعتمرين وقاصدين امتثالاً لقول الله - سبحانه وتعالى -: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة. إذ تقدر التوسعة بنحو400 ألف متر مربع، وتهدف لاستيعاب مليوني مصل، وقد جمعت بين المتطلبات الوظيفية من حيث زيادة الطاقة الاستيعابية، ووفرة وتنوع ورقي الخدمات، والتميز في النواحي الجمالية والتشغيلية، وكل ما من شأنه توفير الأجواء الروحانية للمعتمرين وضيوف الرحمن.

ويظل مشروع خادم الحرمين الشريفين لزيادة الطاقة الاستيعابية للمطاف أبرز المشروعات في توسعة المسجد بشكلٍ عام وأكثرها تحدياً، ولا سيما أنها من الأجزاء التي لا تخلو من الطائفين على مدى 24 ساعة، وينتظر أن يكون لهذا المشروع دور رئيس في استيعاب الأعداد المتزايدة من الطائفين في ظروف زمانية ومكانية ملائمة للمتطلبات المتجددة للطائفين، وسيحدث نقلة كبرى في الخدمات المقدمة لقاصدي المسجد الحرام، ولا يقتصر ذلك على مضاعفة أعداد الطائفين لثلاث مرات إذا ما اكتملت التوسعة في كل مراحلها لتصل إلى 150 ألف طائف في الساعة، بل يتجاوز ذلك إلى تطور وتنوع الخدمات التي سيوفرها هذا المشروع المبارك، فضلاً عن تلبية الفراغات الداخلية ومسارات الطواف لكل المتطلبات الوظيفية والتشغيلية لكل المستخدمين بما في ذلك كبار السن وذوو الاحتياجات الخاصة من خلال منظومة حركة مستقلة ومتكاملة باستخدام أحدث الأنظمة والتقنيات للارتقاء بالخدمة المقدمة لقاصدي المسجد الحرام. وروعي في كل أجزاء المطاف أعلى معايير الجودة والسلامة لقاصدي المسجد الحرام.

المملكة - حماها الله - بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - أنفقت عشرات المليارات لتطوير المسجد الحرام والمسجد النبوي والمنطقة المحيطة بهما ومواقع المشاعر في منى وعرفات ومزدلفة، وتنفق سنوياً مئات الملايين لكي تذلل الصعوبات التي تواجه حجاج ومعتمري بيت الله الحرام، مما يجدر بمؤسسات المجتمع المدني والإعلام أن تقف أيضاً إلى جانب الحكومة، وتقوم بدورها الوطني في توعية ضيوف الرحمن وخدمتهم، وتذليل العقبات لهم وعمل برامج تعريفية وتوعوية، كل في مجاله الثقافي والتربوي والصحي والشرعي، وإن لم يتكاتف الجميع فلن نصل إلى النجاح الذي تعود فائدته للجميع.

كذلك المطلوب من سفارات وقنصليات المملكة في الخارج التي يجب أن يكون لها دور في توعية الحجاج والمعتمرين وتزويدهم بالكتيبات المفيدة عن الحج، خصوصاً الدول التي لديها أقليات إسلامية، فهؤلاء تكون توعيتهم همّا مشتركا بيننا وبين سفارات دولهم، فهم في الغالب قد لا يعلمون عن الحج سوى أنه ركن من أركان الإسلام، وقد يجهلون حتى مناسكه والهدف منه, وبذلك نحن مسؤولون عن هؤلاء بشكل كبير للقضاء على الظواهر العقدية والسلوكية السلبية التي تحتاج إلى مضاعفة التوعية والجهود الإعلامية.

وختاما نسأل المولى - جل وعلا - أن يجعل حج هذا العام ميسراً وناجحا، وأن يتقبل الله من الحجيج والمعتمرين حجهم وعمرتهم، وأن يعودوا إلى أوطانهم سالمين غانمين.

*رئيس جمعية خيركم بمحافظة جدة

 
مقالات أخرى للكاتب