Sunday 03/11/2013 Issue 15011 الأحد 29 ذو الحجة 1434 العدد
03-11-2013

تأملات الانتماء: 1 - نقطة الالتقاء

غداً أول محرم 1435هـ..

كل عام وأمتنا الإسلامية بخير..

كل عام وأنتم والوطن والمواطنون على اختلاف مذاهبهم في شتى أصقاعه بتعايش ورضا وأمن واستقرار.

كل عام وأمتنا العربية بخير..

مثل هذا اليوم يُوقظ الذاكرة ويعيدنا في العالم كله إلى عمق الإحساس بانتمائنا لأمة الإسلام، ولكن معايير ومشاعر هذا الانتماء وعمق الإحساس بها تتفاوت من موقع إلى آخر. زيارة للصلاة في الحرم النبوي أو أي جامع في امتداد عالمنا الإسلامي أو حتى في الغربة عنه تشحذ في الوجدان مشاعر الفخر بالانتماء الإسلامي مثلما تعيدنا زيارة الأندلس إلى مشاعر الحزن لفقدان دولة العرب فيه.

كان الدين ورقي العلم وبناء الرخاء دائماً عاملاً مهماً في توحيد الامتدادات الجغرافية المترامية والحفاظ عليها متماسكة الارتباط.. أو فقدانها.

وأهم أسباب الفقدان كان الانشغال بالتنافسات الفردية والصراعات الإقليمية التي تنتهي بالدول إلى دويلات لا قوة لها على المقاومة في صراع البقاء.

* * *

ذاكرة الأمة الإسلامية هي ما يخيف المنادين بصراع الحضارات، ويرسخ للإسلاموفوبيا, وينادي بفكرة إعادة تخطيط المنطقة بين أفغانستان شرقاً والمغرب المطل على المحيط غرباً..

شبح خارطة الشرق الأوسط الجديد يُؤرقني: فكرة جهنمية مبنية على استثمار نقاط تصدعنا كمجموع مسلم في إثنيات ومذاهب, واستغلالها لتمزيق القوة الضمنية المحتملة لو اتفقت على موقف واحد.

وهي مع الأسف أمة لم تتفق على موقف واحد إلا رفض استمرار احتلال إسرائيل لفلسطين. على مدى سبعين عاماً لم ينجحوا في فرض نسيانها علينا، وهو ما يقض مضاجع الحالمين بإسرائيل الكبرى.

* * *

أفكر في تاريخ هذه المنطقة ودولها وعلاقتها بفكرة الأمة, وبمخاوف الغير من تجمُّع يتسيّد العالم. تركيا العثمانية آخر موقع للخلافة الإسلامية وقبل نجاح السلطان في عبور البوسفور وانتزاعه ما وراءه من سلطة البيزنطيين, عرفت تركيا غزوات متعددة من الشرق والغرب والشمال من قِبل المغول والفرس والأشوريين والرومان واليونان والبيزنطيين، ثم أصبحت مؤسسة الخلافة الإسلامية العثمانية حتى قضى عليها تحالف الغرب ودعم العرب بعد الحرب العالمية الأولى. أما اليوم فهي دولة تقف في منتصف العالم تغانج انتماءات متعددة مع المسلمين ومع الغرب ومع دول المتوسط. تركيا مثل ماليزيا التي زرتها لأول مرة قبل ثلاثة أعوام لم تنس انتماءها الإسلامي ولكنها وازنت بينه وبين متطلبات المرحلة ومستجدات العولمة. أما إيران وباكستان وأفغانستان فتضيف للحوار أشواكاً أخرى.

* * *

هنا نقطة الالتقاء لانتماءاتنا المختلفة: وهنا تتصارع القوى وتُبنى التحالفات حيثما تلتقي أو تتضارب المصالح. وليتنا نعي أن الاتحاد قوة!

كل عام وأنتم بخير في كل العالم الإسلامي الشاسع.

مقالات أخرى للكاتب