Monday 04/11/2013 Issue 15012 الأثنين 01 محرم 1435 العدد
04-11-2013

أحوال الصحية الأولية

لا تزال أحوال “الرعاية الصحية الأولية” تراوح مكانها، بل إنها تزداد تشعباً وتعقيداً. وما لهجة الألم والتبرم التي تفاعلت عبر “الجزيرة” قبل أيام من قِبل شباب وشابات يعملون في الحقل الصحي وخصوصاً في مجال الرعاية الصحية الأولية، الذين يعملون ساعات إضافية دون مقابل مادي. فقد ثبت من خلال هذه المقاربات أنّ العمل في هذه المراكز المهمة لا يزال يفتقر إلى الكثير من التنظيم الفني، واللوائح الواضحة التي تحدد المهام والواجبات، بل ينقصه الدعم المادي وهو العنصر الجدلي الأبرز.

ونظراً للدور الكبير والأثر المهم لمثل هذه المراكز الصحية التي يقع عليها العبء الأكبر في مجال رعاية المرضى، فإنّ الأمر يتطلب قيام مشروع طبي وطني متكامل، يحقق أهداف الصحة العامة من خلال السعي الحثيث لتقديم نوعية متميزة من الخدمات الطبية في حدود مقبولة على أقل تقدير.

ففي ثنايا هذا الجدل بين الكوادر الطبية والإدارية لهذه المراكز وبين بعض الإدارات في الشؤون الصحية قد تضيع الحقوق، ولا تستطيع معرفة الواجبات التي تحتم على الجميع القيام بها، خدمة للمرضى في هذه المراكز الصحية التي تقوم بدور المستشفيات في الكثير من المدن والقرى والأرياف، حيث يعول عليها كثيراً في رفع معاناة المواطنين الذين يحتاجون إلى مثل هذه الخدمات الطبية.

وأبرز ما يطغى في هذه السجالات والجدل هو الشق الإداري المتمثل في معاناة منسوبي هذه المراكز حول تكليفهم بالعمل الإضافي، فما يلاحظ هنا هو تحسس بعض القطاعات الصحية في الكثير من المناطق من أمر التكليف للعمل الإضافي، أو المكافآت، إذ يندر تكليفهم، وإن تم شيء من هذا القبيل فإنه يتم بأضيق الحدود.

فطالما أن هناك ميزانيات تم اقتراحها، والموافقة عليها، ورصد المبالغ اللازمة لها.. فلماذا إذاً هذا التقتير والحذف من المخصصات؟ لا سيما أنّ هذه المهمة هي أجل رسالة في حياة المجتمع، حيث تُعَد هذه المراكز الصحية - رغم تواضع إمكاناتها - تُعَد هي الأمل الوحيد للتخفيف من معاناتهم وآلامهم.

فحينما يرتبط الجدل في مطالب جزئية يتمثل في التكليف بالأعمال الإضافية، فإنّ الأمر لا شك أنه سيكشف مشكلة إدارية لم تحسمها الكثير من إدارات الشؤون الصحية في المناطق، نظراً لغياب المستشفيات الكبيرة والمتخصصة، فهب أنك قمت بتكليف طاقم إداري، أو حتى شخص أو شخصين بفتح هذه المراكز بعد نهاية الدوام اليومي، أو الإجازة الرسمية، فإنّ هناك طواقم يجب أن تعمل كفني المختبرات والأشعة والضماد ومتابعة أمراض السكر وضغط الدم، وما إلى ذلك من أمراض عصرية لم تَعُد حكراً على أهل المدن، إنما امتدت للأرياف والقرى، فقيامها بمهامها الصحية هي إجراءات ضرورية تخفف الضغط عن المنشآت الطبية الكبيرة التي تسعى إلى التفرغ للعمل الطبي المهم والدقيق.

والحاجة تكون أكبر وأهم حينما تكون في مناطق نائية، فالمراكز الصحية رغم محدودية دورها تقوم بدور المستشفيات رغم غياب الدعم الفني عنها، ونقص القدرات والأجهزة، وحينما يكون الأمر مرتبطاً بفكرة الدوام الرسمي فإنه معوّق آخر من معوّقات العمل الصحي، لأنّ من سماته ـ في أي مكان من العالم ـ أن يكون العمل فيه بشكل دائم وعلى مدار الساعة، وأن يخضع هذا العمل الإنساني الحيوي إلى إجراءات فنية وتقنية تحقق أهداف الصحة العامة للمجتمع.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب