Monday 04/11/2013 Issue 15012 الأثنين 01 محرم 1435 العدد
04-11-2013

نحن والبترول وأمريكا!!

بعد الحرب العالمية الثانية، وما عاناه اليهود من اضطهاد النازية، طوَّر اليهود شعاراً، أصبحوا يُعلّمونه أولادهم منذ الصغر، هو «Never Again»، والترجمة غير الحرفية لذلك هي أننا لن نسمح لما حدث أن يحدث مرة أخرى، أو كما نقول نحن: «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين». ولذلك ركّـز اليهود على العلم، حتى أصبحوا يتحكمون بسوق المال في نيويورك، وشركات الإعلام في هوليود، ومن خلال هذين المركزين سهل عليهم السيطرة على المركز السياسي في واشنطن، بالرغم من أن نسبتهم من الشعب الأمريكي، وهي (05 %)، أقل بكثير من نسبة السود، أو الأمريكان من أصول إسبانية.

تذكرت ذلك الشعار اليهودي وأنا أسترجع علاقتنا النفطية بأمريكا؛ لأن هنري كيسنجر، وهو السياسي اليهودي المخضرم، وبعد قطع السعودية إمدادات النفط عن أمريكا في عام 1973م، قال الجملة ذات، أي أنه لن يسمح بتكرار ما حدث مرة أخرى، في مجال اعتماد أمريكا على النفط العربي.

ماذا حدث على مدى الأربعين سنة الماضية في مجال الطاقة؟:

اتخذ الغرب، بقيادة أمريكا، عدداً كبيراً من الخطوات لتقليص الاستهلاك، وإيجاد بدائل للطاقة، منها:-

* تقليل استخدام وسائل التدفئة، والتعايش مع أجواء أكثر برودة.

* خفض سرعة القيادة في الطرق السريعة.

* فرض ضريبة على السيارات التي تستهلك وقوداً أكثر.

* تشجيع البحوث لتطوير السيارات الكهربائية، والمستخدمة للغاز، والسيارات المختلطة في استخدام الوقود.

* تطوير نظام دعم تحويل الطاقة الفائضة المنتجة من قبل مراكز مستقلة إلى نظام الشبكة العمومية.

* دعم البحوث المتعلقة بالطاقات المتجددة (الشمس، الرياح، الأمواج).

* عمل حوافز إضافية لاستخدام أنظمة النقل الجماعي.

* تطوير البحوث لتقليل الفاقد في شبكات الكهرباء (وهي كمية كبيرة).

* التوسع في إنتاج الوقود من المواد الزراعية (Bio - Fuel)، وإن كان هذا الخيار يعاني حالياً؛ لأنه يرفع كلفة الغذاء، في وقت يعاني فيه العالم من انفجار سكاني، ومجاعات متعددة.

* تشجيع دول جديدة للإنتاج، ومن ثم إضعاف موقف منظمة أوبيك.

* كانت هناك محاولة لإعادة إحياء برامج الطاقة النووية، وخصوصاً في اليابان، ولكن يبدو أن حادثة المفاعل النووي الياباني قد قتلت، أو على الأقل أخّــرت فرص بناء مفاعلات في الوقت الراهن.

* أيضاً كانت هناك محاولات لإعادة تأهيل استخدام الفحم، ولكن تلويثه للبيئة ما زال يقف عائقاً أمام التوسع في استخدامه.

* التنقيب في أعماق البحار يحمل إمكانات واحتياطات كبيرة جداً، ولكن معالجة آثار التسرب، إن حدثت، ما زالت مكلفة، وفي بعض الحالات غير ممكنة، في ظل التقنيات الحالية.

ولكن، لا نخدع أنفسنا؛ فالغرب وجامعاته ومراكز أبحاثه تعمل ليل نهار لإيجاد بدائل آمنة بيئياً، وهذا الإصرار والدعم سيؤتي ثماره حتماً، وقد بدأنا نرى نتائجه من خلال تقنية استخراج الغاز والنفط من طبقات الصخور المسماة (Shale Rocks).

بقي أن نقول النقاط الآتية لصالح إنتاجنا من النفط:-

1 - نحن المنتِج الأرخص، وسنبقى كذلك، وكلما تطلبت البدائل الأخرى أسعاراً أعلى، لكي تكون مجدية، فذلك سيخدمنا كثيراً، شريطة أن يكون الجزء الأكبر من إنتاجنا هو للتصدير، وليس للاستهلاك المحلي، وأن ننتج ما نحتاج إليه، لا ما تتمنى الدول الأخرى أن ننتجه.

2 - الغرب مدمن على الطاقة، وليست هناك من مؤشرات على أنه سيضيق على نفسه أكثر مما قام به في الماضي، بل قد نشهد حالة استرخاء جديدة، تؤسس لأزمة جديدة، وهكذا دواليك.

لكل ذلك، فبترولنا هو نعمة علينا، وهو نقمة محتملة، وعلينا رصد كل ما يتعلق به على المستوى العالمي، وبعيداً عن العواطف.

mandeel@siig.com.sa

مقالات أخرى للكاتب