Friday 08/11/2013 Issue 15016 الجمعة 04 محرم 1435 العدد

مع معجم لسان العرب لابن منظور عبقري اللغة والأدب

عبدالله بن حمد الحقيل

عُرف هذا المعجم في الأوساط العلمية واللغوية والأدبية، وهو أكبر معجم لغوي، بل هو دائرة معارف، وقد ألفه عالم لغوي جليل (630-781هـ) هو العلامة جمال الدين محمد بن منظور، من رجال القرن السابع عشر، وقد قدم للغة الضاد خدمة جليلة بهذا الكتاب، وسهل على طلاب العلم ورواد اللغة والأدب وسائل وطريقة الاستفادة من هذا المعجم الكبير، والذي سيبقى مصدراً ومرجعاً للأجيال على توالي الأيام والسنين.

ولا ريب أن هذا المعجم من أكبر المعاجم اللغوية التي ظهرت إلى حيز الوجود، كما لا ننسى فضل جهابذة العلماء الآخرين الذين صنفوا الكتب اللغوية المماثلة: كالقاموس المحيط والوسيط للعلامة مجد الدين الفيروز أبادي، أحد أعلام القرنين الثامن والتاسع وغيره من علماء اللغة، ونعود إلى لسان العرب لابن منظور، والذي يحوي عشرين مجلداً، وقد رتبه ترتيباً حسناً، ويشتمل على ثمانين ألف مادة من كلام العرب، واشتمل على طائفة من المعارف والبحوث في النحو والصرف، وأمثال العرب، وغير ذلك من المعارف والفوائد التي قلما نجدها في المعاجم الأخرى، إذ صنفه مؤلفه على قواعد راسخة وأسس فنية مستدلاً بالأمثلة، ومدعماً ما أورده في معجمه بما قال به السابقون من العلماء،كالأصمعي والخليل والأزهري وأبي عبيدة معمر بن المثنى وأحمد بن فارس والجوهري وابن سيدة وغيرهم من أئمة وعلماء اللغة وعلماء النحو الذين دونوا لغة الضاد، وحرصوا على حراستها والعناية بها في مؤلفاتهم ومصنفاتهم، وما زال القاموس وغيره من المعاجم التي ألفها أسلافنا - رحمهم الله- يتداولها العلماء والأدباء في جميع مراكز البحث والجامعات والمكتبات، ومن معين لسان العرب وغيره من المعاجم نستقي الفوائد والمعارف اللغوية، وكل ما يتعلق باللغة العربية وآدابها.

ولقد اعتمد ابن منظور في لسان العرب على عدة كتب منها تهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري، وتاج اللغة وصحاح العربية للجوهري، والمحكم والمحيط لابن سيدة، وقد كانت طباعته الأولى ببولاق في القاهرة سنة 1300هـ في عشرين مجلداً ثم طبع في بيروت، وأعيد ترتيبه، وسمى (لسان العرب المحيط).

ولقد حفظ الله هذا الكتاب وغيره من الكتب اللغوية، ورغم ما أصاب المكتبات العربية من نهب وضياع واحتراق فقد بقيت محفوظة - بفضل الله وعنايته- فلم تعبث بها أيدي الحدثان، كما هو بالنسبة لآلاف الكتب في الأندلس وبغداد ودمشق والكوفة والبصرة، حيث عبث بها العابثون وأحرقها الحاقدون على لغة القرآن، ومجمع القول فإن لسان العرب معين لا ينضب مورد ثر يستقي العلماء والأدباء واللغويون من مائة النمير، حيث جمع شتات لغة الضاد وأودعها مؤلفه -رحمه الله- في كتابه (لسان العرب) الجامع الشامل، والمرجع اللغوي بين أيدي العلماء ما توالى الجديدان، رحم الله ابن منظور وغيره من العلماء الأفذاذ الذين أحسنوا التصنيف، وبقيت كتبهم يتداولها العلماء لما تحفل به من فوائد، وما تضمه بين دفتيها من معارف في شتى العلوم وضروب الأدب.