Monday 11/11/2013 Issue 15019 الأثنين 07 محرم 1435 العدد
11-11-2013

التوثيق الإليكتروني

مع أن العمل الإليكتروني أصبح مرتبطا ولصيقا بحياتنا الاجتماعية، المعنوي منها والمادي، إلا أن الكثيرين ممن يتعاطون هذه التجربة، ويتعمقون في تفاصـيلـــها يلمسون تداخل أو التباس مفاهيم العلاقة بينهم وبين هذا الإنجاز التقني والمعلوماتي العصري .. فبات السؤال الحقيقي يُطرح عن ماهية هذا الإنجاز الجديد..؟ وهل هو للعمل الجاد والرسمي أم تراه للتسلية وإظهار الذات، ورشاقة الجمل حينما تصاغ بعبارات رنانة وآنية؟ أو يتحول إلى ما يشبه النقد اللاذع لكل شاردة وواردة، وقس على هذا الأمر الصور الأخرى لوجه هذه العلاقة التي لا تزال متشابكة ومتداخلة.

ومن هذه الصور التي يبدو أنها تعيق مسيرة العمل الإليكتروني بمفهومه الجاد، والحيوي هو غياب أعمال التوثيق الحقيقي للمعلومة الإليكترونية، وانعدام جدوى مصطلحات التحقق والمصداقية في بناء هذه العلاقة بين المعلومة الإليكترونية والمستفيد منها، وما سعي الكثير من الجهات التنظيمية لإقامة الدورات التدريبية المتخصصة، والورشة، والندوات، والمحاضرات إلا دليل على أن المعلومة الإليكترونية تمر بمأزق فني، يتطلب من الجميع التحرك نحو بناء عمل إليكتروني ناجز يحقق أهداف هذه التجربة العصرية الفريدة.

ومع أن هناك من يسعى إلى إنجاز مثل هذه الأعمال الجادة من أجل توثيق المعلومات الإليكترونية، وضمان مصدرها، ودورها، إلا أنه يواجه الكثير من المعوقات التي يتمثل أبرزها وأهمها في قلة الاعتراف الرسمي بالوثيقة الاليكترونية، وعدم اعتمادها كمرجع، أو مستند للمرافعات والقضايا، والسبب قد يُعاد حقيقة إلى الالتباس في تكوين المعلومات ومصادرها، وتشابه الأسماء وتداخلها، أو استنساخها بصور مختلفة، أضف إلى ذلك طغيان صيغ التكهن والظن في بعض التعاملات الإليكترونية.

إلا أن أخطر ما يواجه التوثيق الإليكتروني في هذه المرحلة هو كثافة المادة الواردة والصادرة، وما قد يحدث من عبث بمحتواها، أو تحريفها لمدلولاتها، أو تشابه في معانيها، لتتحول مع الوقت إلى مجرد رسائل مكررة، ومعلومات متشابهة في المعنى ومختلفة في الأسلوب. فالأمر إذاً يتطلب جهودا مضنية، ووقتا أطول من أجل تحويل هذه البيانات إلى معلومات هادفة ومفيدة.

ولكي تعود الثقة للعمل الاليكتروني، ويبرع المختصون في توثيقه وحمايته وجعله مستندا مفيدا هو أن يتم تفعيل الجوانب القانونية فيه، لكي يكون مصدر فصل في بناء هذه المنظومات الإليكترونية والاحتكام إليها في كل ما يجد من معلومات وبيانات، مع الأخذ بمهام الأمن المعلوماتي ومتطلباته في الحياة العامة بشكل يكفل للمتابع حقوقه وسلامة تعامله ووضوح الهدف من هذه المعاملات.

فعدم وجود مصادر ثابتة ومعروفة للمعلومات قد يحيلها إلى مجرد بيانات عامة بعضها ملتبس والآخر متداخل، وأكثرها ربما عبثت فيها أنامل المغردين والمغردات حتى بات الأمر مزيجا من معلومات متناثرة، يتم تداولها دون أن تحال إلى أي مصدر، وإن وُجِدَ لها سياق ما فإنه قد يكون مفتقدا إلى التوثيق الإليكتروني الذي يكفل سلامة الفكرة الأصلية ولا يعبث بها، أو يتسلى في بعض تفاصيها، ويهمل ما لا يروقه، وهذه هي عين المشكلة.

hrbda2000@hotmail.com

مقالات أخرى للكاتب