Monday 11/11/2013 Issue 15019 الأثنين 07 محرم 1435 العدد
11-11-2013

التوفيق بين رأسين بالحلال!

تكبل بعض التقاليد الاجتماعية انطلاقة الحياة؛ فتشيع كثيرا من مظاهر الرزانة والوقار المتكلفين الثقيلين في مناسبات الأفراح وغيرها، وتبالغ أيضا في عزلة النساء وحجبهن حجبا تاما؛ فمنذ أن تبلغ الطفلة سن التاسعة أو العاشرة لا يعرف الجار - في كثير من الأحيان - أن لدى جاره ابنة أو ابنتين أو ثلاثا مناسبات للزواج، ولا يعلم الشاب حين يتطلع إلى بناء أسرة والارتباط بفتاة كيف يمكن أن يجد الفتاة المناسبة إلا من خلال رؤية أمه أو أخواته أو إحدى قريباته لمن يحضرن مناسبات الزواج أو الزيارات أو بعض اللقاءات العائلية من الفتيات!

ولا يحضر هذه المناسبات النسائية من الفتيات إلا من يتصفن بكثير من الشجاعة على عرض أنفسهن وإبراز جوانب الجمال والحسن لديهن بطريقة ذكية لبقة لمن يبدو عليهن البحث عن عروس مناسبة لابنها أو أخيها؛ لكن عددا آخر من الفتيات قد لا يملكن هذا القدر من الشجاعة لتقديم تلك العروض أمام الخاطبات في المناسبات والاحتفالات الكبيرة ؛ فينزوين في بيوت أهلهن إلى أن يكتب الله لهن نصيبهن، وقد يأتي، وقد ينتظرن طويلا ولا يأتي !

أما الشاب المتطلع إلى معرفة نتائج زيارات أمه أو أخته ؛ فإنه ينتظر ما ستسفر عنه مهمة الفحص الدقيق لعشرات الفتيات ؛ فيسرح في عالم من الخيال يرسم فيه الصورة التقريبية للفتاة التي أعجبت بها والدته وأخذت في سرد أوصافها حسب مفهومها لمعنى الجمال؛ فهي ممشوقة القوام، رشيقة القد، واسعة العينين، بيضاء اللون، طويلة الشعر، أنيقة، خجولة ومؤدبة !

لكن هل هذا يكفي ؟! قد لا تتيح المناسبات الفرصة لاختيار زوجة المستقبل؛ فتقوم الأم أو الأخت أيضا بحملة استطلاع كبيرة على عدد من الأسر، وتبدأ في الاتصالات والزيارات ونقل الأوصاف للفتى الشاب إلى أن تقترب الصفات المنقولة له مما يطمح إليه؛ فيُحدد موعدٌ للرؤية وربما يجد في الفتاة ما يرضيه أو قد يعلن انسحابه بأسلوب لبق عن مشروع الزواج هذا !

أما الفتاة ؛ فليست بأقل من حيرة الشاب، ولا هي بأهدأ منه بالا ولا بأكثر منه اطمئنانا وثقة في اختيار الشريك الذي قد يتيحه الحظ، وقد لا يطرق عليها الباب طارق إلى الأبد ؛ فهي تنتظر ما قد يأتي وما قد لا يأتي، هي تعيش الانتظار دقيقة بدقيقة وساعة بساعة، وكأن الانتظار هو قدرها، أو كأنها خلقت لتنتظر حياة مؤجلة غائبة مكنونة لا تعلم متى تهبط من عالم الغيب !

إنها معضلة حقا !

معضلة أن يشعر المجتمع نفسه بالعجز على عدم امتلاكه قدرة على مساعدة بناته في اختيار حياتهن ؛ فيدعهن يعشن القلق والانتظار واليأس والموت البطيء !

فتيات يملكن النبوغ والذكاء والتفوق والجمال والأناقة والوعي وقوة الشخصية والتهذيب وكثيرا من الصفات الرائعة يعشن الانتظار وحتى لو كان بعضهن يعمل ويملك دخلا جيدا ؛ بل إن الضغوط النفسية تكون أشد وطأة على الفتاة حين تفقد النصيبين معا ؛ فرصة العمل على الرغم من تأهيلها العلمي وشهاداتها ولا يطرق الباب زوج المستقبل المنتظر !

إن الحل الوحيد ألا ندع الأمر للصدفة أو الحظ أو للزيارات وحضور المناسبات؛ بل أرى أن تنهض وزارة الشؤون الاجتماعية بواجبها وتنشئ إدارة كاملة يديرها نخبة ممتازة من الكفاءات النسائية والرجالية للتوفيق بين الراغبين في الزواج باستخدام أجهزة التواصل الحديثة والاحتفاظ بالسرية الكاملة، لتقطع الطريق على المفسدين والمتكسبين الذين يديرون معرفات أو مواقع زواج تبين خطرها وفسادها؛ فهي إما للتكسب أو لابتزاز الراغبات في الزواج.

وليس بلازم عرض الصورة والاسم في الموقع؛ بل تكون محفوظة لدى الإدارة، وإذا وجدت المواصفات متقاربة بين طرفين تم إجراء التواصل بينهما.

إنها دعوة مخلصة لوزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لتدمير هرم العنوسة الذي شيدته التقاليد القاسية بإقامتها الجدران العالية العازلة المبالغة في فصلها بين الرجال والنساء!

moh.alowain@gmail.com

mALowein@

مقالات أخرى للكاتب