Thursday 14/11/2013 Issue 15022 الخميس 10 محرم 1435 العدد
14-11-2013

سلام يا منفوحة

العارف بطبيعة أحياء العاصمة الرياض وخاصة الأحياء الشعبية التي هجرها سكانها الأصليون من أبناء المدينة منذ سنوات طويلة منتقلين مع موجات التطور العمراني إلى الأحياء الجديدة لم يدهشه ماحدث مساء السبت الماضي في حي منفوحة، فقد كان متوقعا ربما ليس في منفوحة فحسب وإنما أيضا في أحياء أخرى في المدينة باتت تحمل نفس السمات والطبيعة والتركيبة السكانية.

ماحدث دعاني لإعادة قراءة مقال كتبته قبل حوالي أربع سنوات في صحيفة الوطن وتحديدا في 15-3-1431 بعنوان “في الرياض أحياء فقيرة وملغومة”، أشرت فيه إلى وضع أحياء محددة أصبحت تشكل خطرا في قلب العاصمة ومنها منفوحة وأم الحمام والناصرية والجرادية والمغتصبة وغيرها . ركزت أيضا على ما أسميته بالرباعي الخطر في تلك الأحياء :الجهل والفقر والبطالة والفساد . أفردت كذلك مساحة لا بأس بها للحديث عن التركيبة السكانية والمؤلفة من الأسر الفقيرة والمتخلفين الأجانب، وعن النشاطات الممارسة داخل تلك الأحياء ومنها التسول وترويج السموم.

منفوحة وغيرها من الأحياء الشعبية لم تتشكل في صورها الحالية بين يوم وليلة، ومن يعتقد ذلك فهو مجافي للحقيقة . الإهمال في فترات سبقت حملة التصحيح أدى إلى تكدس رهيب للوافدين غير النظاميين وللوافدين الباحثين عن المعيشة الأرخص . وأنت تتوغل في تلك الأحياء يخيل إليك أنك خارج السعودية . أشكال الناس وأزياؤهم وما يباع في الأسواق يختلف جذريا عن بقية الأحياء في العاصمة، وخلال سنوات ظلت هذه الأحياء على هامش الذاكرة بينما تتضخم داخلها كرة الثلج حتى تحول كل حي إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أية لحظة . منفوحة ظلت على ذلك الهامش المحدود، وما حدث من الأثيوبيين مساء السبت جعلنا نستعيد ونسترجع علنا نعثر في ذاكرة الرياض على صورة ذلك الحي العتيق والمحشور بين البطحاء ودوار سلام وبقية أحياء الرياض القديمة لنردد بصوت واحد سلام يا منفوحة بعد أن برز على صفحات الأحداث وهو الذي كان في فترة من التاريخ مسكنا للشاعر الجاهلي أبي بصير الأعشى، وكأنما غاب معه ليعود لمسرح الأحداث مرة أخرى .

كنت على يقين تام حال معرفتي بما حدث مثل ما هو يقين الآلاف من أبناء الوطن وبناته بقدرة رجال الأمن البواسل على إخماد شغب تلك الطغمة المؤذية وغيرها، وأن أجهزة الدولة بكافة تشكيلاتها على خبرة عالية جدا للتصرف في مثل تلك الأحداث، ولم يتسلل الشك إلى نفسي ليقلب هذا اليقين الراسخ، وهو ما حدث فما هي إلا بضع ساعات ألا وتم القبض على رؤوس الشغب وعاد الأمن ليظلل الحي التاريخي مرة أخرى . الأحداث هي ردة فعل على جدية حملة التصحيح المباركة والتي ضيقت الخناق على الوافدين غير النظاميين، وما دامت الحملة سائرة في طريقها فستواجه الكثير من العقبات. السؤال الذي يفرض نفسه هل سنستفيد من هذا الدرس لإعادة تنظيم تلك الأحياء؟

أحياء قديمة ومتهالكة جل سكانها من الوافدين الذين لا يقدمون للبلد أي شيء وإنما ظلوا عالة عليه يأكلون من خيراته عن طريق التسول وبيع الممنوعات ونشر الفساد فالأولى إعادة تخطيطها بعد ترحيلهم غير مأسوف عليهم وبما ينقلها لتكون أحياء حديثة شوارعها فسيحة وخدماتها متكاملة بما فيها المراكز الأمنية.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب