Wednesday 20/11/2013 Issue 15028 الاربعاء 16 محرم 1435 العدد
20-11-2013

إلى إدارة مشروع المترو: سيروا على بركة الله

ما كادت تمضي على توقيع عقود الإنشاء لشبكة مترو الرياض مع المجموعات المؤتلفة (ثلاث مجموعات تضم عشرين شركة) أربعة أشهر - أي نصف المدة التحضيرية التي تسبق تنفيذ المشروع - حتى طرحت اقتراحات لإجراء بعض التعديل على المشروع.

إن المدة التحضيرية ضرورية لاستكمال متطلبات الجاهزية للبدء في التنفيذ والعمل على إزالة أي عوائق تواجه مقاولي التنفيذ قد تعطل سير المشروع، سواء في ذلك ما يتصل بنزع الملكيات أو التنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة أو عوائق فنية وإدارية من أي نوع. أما المشروع في حد ذاته من حيث المواصفات والالتزامات التعاقدية فلا بد أنه جاهز للتنفيذ بعد أن أشبعته هيئة تطوير مدينة الرياض درسا وتخطيطا، وأودعت فيه كل خبراتها التي امتدت على مدى عدة عقود في الإشراف على تطوير الرياض ورسم توقعات نموها السكاني والعمراني والخدمي. ولا شك أن وجود إدارة قوية متفرغة للإشراف على تنفيذ المشروع مكونة من ذوي الخبرة والكفاءة في إدارة المشروعات الكبرى وذات استقلالية ومرجعية واحده كفيل بالمساعدة على إنجازه في وقته أو قريبا من ذلك.

ومن خلاصة تفاصيل المخططات التي نشرتها الصحف والمستقاة من إدارة مشروعات الهيئة يظهر حسن الاختيار المكاني لمسارات ومحطات القطارات التي تغطي مع محطات وقوف ومسارات الحافلات المكملة للشبكة كامل مدينة الرياض من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب وصولا إلى مطار الرياض. كل ذلك يتم في مرحلة زمنية واحدة (أربع سنوات)، وليس مقسما على عدة مراحل - مثل مشروعات مماثلة في بعض مدن العالم (دبي مثلا). في مثل هذا المشروع الضخم الذي اعتمد له بالفعل (84) مليار ريال، وتنفذه شركات عالميه تم اختيارها بناء على معرفة بجودتها وخبراتها في مشروعات مماثلة وتشرف عليه إدارة فعالة، فإن الإنجاز الزمني هو مقياس النجاح. وبصرف النظر عن وجود هيئة للنقل العام فإن هذا المشروع مشروع مدينة وليس مشروعا لعموم المملكة مثل شبكة السكك الحديدية أو الطرق السريعة ؛ فسكان مدينة الرياض وحاكمها هم الذين يهمهم بالدرجة الأولى سرعة إنجاز المشروع على أحسن وجه، يدفعهم لذلك الشعور بالالتزام تجاه مدينتهم ومسؤوليتهم المباشرة عن نموها وتطورها. وحيث إن مدة ثمانية أشهر للتحضير ضرورية، فإنه من العبث إضاعة وقتها - الذي انصرم نصفه - في إعادة النظر بشأن توزيع محطات أو تعديل مسارات الشبكة، لكي تكون ملاصقة لكل مكان يرتاده الناس بكثافة أو تقف في وسطه (في وسط الجامعة مثلا). تكون المحطات قريبة، نعم. وتكون متصلة بأجزاء الشبكة الأخرى والحافلات للتغيير - كما في المشروع - نعم. أما المطالبة بالتعديل بحيث لا تزيد المسافة بين محطة القطار والمكان المقصود عن مائة متر، أو أن لا تكون هناك حاجة لركوب وسيلة نقل أخرى، فهذا يستحيل توفيره. وأنا شخصيا لم أجد ذلك في أعرق المدن استخداما للمترو، مثل لندن وباريس وهامبورج.

في المطارات ومحطات السكك الحديدية قد توجد محطات وقوف لشبكة النقل المحلية خدمة للمسافرين والقادمين من ضواحي بعيده. ولكن أن توجد محطات وقوف في وسط الجامعة - مثلا - فهذا ليس من واجبات النقل العام عموما، بل هو خدمة قد تقدمها الجامعة من خلال شبكة داخلية (كما في جامعة نورة) أو بحافلات ترددية. وفي أحدث شبكة للنقل حولنا - أي في دبي - فإن المسافة بين نقطة النزول في محطة قطار برج خليفة - على سبيل المثال - إلى دبي مول، وهو مقصد الركاب النازلين، لا تقل عن خمسمائة متر ! ولو كانت الأمور بالتمني فإن كل واحد منا يتمنى أن تكون محطة القطار على بعد مائة متر على الأكثر من بيته، وأن ينزل على بعد مائة متر على الأكثر من المكان الذي يريده. ولكن هل نظل إلى الأبد شعبا لا يريد أن يمشي ؟ كما هي حال بعضنا حين يوقف سيارته في الصف الموازي الثالث أمام محل معين كي لا يسير خطوات قليلة من أقرب موقف متاح ؟ ثم إن إنشاء جسور طويلة وحفر أنفاق عميقة وطويلة أيضاً ليس بالأمر السهل تعديله، إذ يتطلب دراسات مكثفة وتكاليف إضافية وإهدارا لوقت ثمين. وكل ذلك يؤخر المشروع ويتعثر بسببه التنفيذ. فحسب تقرير لهيئة مكافحة الفساد عرض أمام منتدى (عقود التشييد 2013) - الرياض الاقتصادي 8 محرم 1435هـ - فإن من أهم أسباب تعثر المشروعات كثرة أوامر التغيير خلال فترة المشروع، ومن البديهي أن مدة التحضير بعد توقيع العقد تعد ضمن فترة المشروع. لذلك يبدو طبيعيا أن سمو أمير الرياض رئيس لجنة الإشراف العليا سوف يحث الإدارة التنفيذية للمشروع على بدء المشروع في موعده حسب المواصفات والالتزامات التعاقدية. ونتوقع أن يتم بالتوازي مع ذلك أن تقوم هيئة تطوير الرياض (أو الجهة التنفيذية المعنية) بالعمل على تنفيذ شبكة الحافلات المكملة لشبكة القطارات. أما عن احتياجات النقل العام المستقبلية فإن هيئة تطوير الرياض ستعمل بالتأكيد على دراستها وإعداد خطة تصبح يوما ما المرحلة الثانية في شبكة مترو الرياض، كما هو الحال في مشروعات التوسع والتحديث التي تنفذ في مدن كبرى في العالم.

مقالات أخرى للكاتب