Friday 22/11/2013 Issue 15030 الجمعة 18 محرم 1435 العدد
22-11-2013

شعارات صوت الفقر الدولية

تميز الكاتب البريطاني برنارد شو بكتاباته الساخرة اللاذعة الملامسة لقضايا المجتمعات.. وفي لقاء صحفي معه سأله أحدُهم سؤالاً غريباً وذكياً وعميقاً في مغزاه..كيف تتحمل يا مستر برنارد أن تكون لك لحية كثيفة وطويلة بهذا الشكل وفي ذات الوقت يكون رأسُك أصلعاً لا يحمل شعرة واحدة؟ وبقدر عمق السؤال تأتي إجابة الكاتب الساخر أكثر عمقاً وذكاءً مما قد نظن فقد أجاب قائلاً إن المشكلة ليست مشكلة نمو.. بل هي مجرد مشكلة توزيع!

ضمن محيط دائرة الإجابة الموجزة والعميقة المعنى لهذا الكاتب الساخر.. إشارة توحي بأن المشكلة الأساسية التي تعاني منها جميع برامج التنمية في كثير من دول العالم هي مشكلة الفقر المدقع في المجتمعات وكيفية توفير الدخل المناسب لجميع أفراد الشعوب.. لذلك فإن التنمية مهما بلغت من معدلات واسعة وكبيرة في مستوى التطور لن تغني الفقراء إن لم تنجح في تجفيف منابع الفقر قدر الإمكان وتوزيع الدخل توزيعاً مناسباً يُراعى فيه تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان والتضييق نسبياً من الفجوة الواسعة بين الثراء الفاحش والفقر المدقع المستشري في العالم.. كثيراً ما تُثار قضية الفقر في مؤتمرات وندوات الدول لتخرج بتوصيات مكررة وتقارير ثابتة على فلسفة واحدة لا تتغير.. وكثيراً ما يُكتب أيضاً عن مقياس الفجوة بين متوسطات الدخل لأفراد الشعوب بمختلف شرائحهم والنتيجة هي نظرة بعين العطف فقط.. ولأن الفقر مشكلة عالمية واسعة الأبعاد.. والحرمان هو قاسم مشترك بين الفقراء فقد أقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948 بأن الفقر قضية من قضايا حقوق الإنسان.. ودائماً ما يتم التأكيد على هذا الرأي في العديد من المناسبات وعلى مستوى جميع هيئات الأمم المتحدة ومنها الجمعية العامة ولجنة حقوق الإنسان والبنك الدولي وإزاء ذلك نستغرب ونحن نقرأ منشورات وتقارير مختلفة صادرة من هذه الهيئات تحمل بين سطورها كماً كبيراً من التكرار وكأنها معين لا ينضب من التأكيد على نفس الأفكار ونفس الوصايا التي يجب أن تُتبع دون تطبيق فعلي على أرض الواقع ربما قد يطرأ بعض التغيير في ديباجة الشعارات والتقارير التي تصدر من حين لآخر مما قد يوحي بأن المضمون قد طرأ عليه تغيير أو تعديل أو أن البنك الدولي هجر فلسفته الثابتة ليعتنق سياسة أخرى أكثر مرونة أو ربما أدرك أنه كان على خطأ في إحدى توصياته فيصحح مساره في تمويل مشاريع تعود إيراداتها بشكل مباشر وفوري لصالح فقراء العالم وتساعد على التقليل من آثار الفقر إلا أن ذلك لم يكن سوى شعارات ترويج براقة اعتادت الشعوب على سماعها بين فترة وأخرى.. لذلك فإن أبعاد حقوق الإنسان في سياسات استئصال جذور الفقر قلما تلقى ما تستحقه من اهتمام. ولئن كان الفقر يمثل جزءاً كبيراً من الإنكار لحقوق الإنسان فإن انتشار الفقر لا يقتصر على البلدان النامية والمجتمعات التي تمر بمرحلة انتقالية وإنما هو ظاهرة عالمية تعيشها جميع الدول بدرجامتفاوتة.. ففي كثير من دول العالم المتقدمة هناك كثير من جماعات محرومة تعيش تحت ويلات الفقر وهناك كثير من جيوب الفقر منتشرة وسط مراكز الثراء.. ومع ذلك فإن ديباجة الإعلان العالمي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية يؤكد أهمية أن يكون البشر متحررين من الفاقة.. فهل ذلك يتحقق؟

zakia-hj1@hotmail.com

Twitter @2zakia

مقالات أخرى للكاتب