Friday 22/11/2013 Issue 15030 الجمعة 18 محرم 1435 العدد

النهضة تلغي تعديلاتها على نظام المجلس التأسيسي .. والمعارضة تتريث قبل عودتها له

تونس .. الغموض يزداد والاحتقان الشعبي يتضاعف

تونس - فرح التومي - الجزيرة:

في حركة غير منتظرة بالمرة، بالرغم من تمهيد زعيم الحركة لها، أعلن رئيس كتلة النهضة بالمجلس التأسيسي عن تخلي حزبه عن التعديلات المدخلة على النظام الداخلي للمجلس وسحبها بحثا عن التوافق أي يرضي كافة الأطراف. جاء هذا القرار المفاجئ بعد سلسلة من الاجتماعات التشاورية لزعيم حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي مع كل من رئيس المجلس التأسيسي رئيس حزب التكتل «الغاضب» من حليفه الأكبر في الترويكا الحاكمة، ومع الباجي قائد السبسي زعيم حركة «نداء تونس»، الذي أصر على ضرورة أن تستجيب النهضة إلى مطالب بقية الأحزاب الرافضة لتنقيحات النظام الداخلي للمجلس التأسيسي.

وبعد استجابة النهضة إلى طلبات شريكها الأصغر في الحكم، حزب التكتل برئاسة مصطفى بن جعفر، ذهب في ظن المحللين السياسيين أن نواب المعارضة والتكتل سوف يعودون إلى مقاعدهم التي هجروها بالمجلس في إطار احتجاجهم على التعديلات، إلا أن هؤلاء اختاروا التريث إلى حين إعلان النهضة رسميا عن إلغائها التنقيحات في جلسة عامة تعقد للغرض بالمجلس.

وهو قرار من شأنه مزيد تعطيل المسار التأسيسي المتعثر أصلا بعد إصدار المحكمة الإدارية قرارها القاضي بإلغاء أعمال لجنة فرز الترشحات للهيئة المستقلة للانتخابات. وبذلك لن يكون بمقدور الرباعي الراعي للحوار إنعاشه وإعادة الحياة إليه أو حتى مجرد إخراجه من غرفة العناية المركزة التي دخلها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع بتوقف جلساته والإعلان رسميا عن تعليقها.

لقد بات من الواضح أن حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم عازمة على إعطاء دفع للحوار الوطني وفي المقابل، تتمسك بترشيح أحمد المستيري لمنصب رئاسة حكومة الكفاءات المستقلة التي سيتم تشكيلها استنادا إلى بنود خارطة الطريق التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار ووافقت عليها أغلب الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي التونسي.

إلا أن الكرة التي توجد اليوم في ملعب المعارضة، لا يبدو أنها ستغادره في القريب، باعتبار أن أحزاب جبهة الإنقاذ المعارضة لا تزال هي الأخرى على موقفها الرافض لمبدأ إخضاع قرارات الحوار الوطني إلى مصادقة المجلس التأسيسي قبل تنفيذها، وهو مجلس تمتلك فيه الترويكا الحاكمة الأغلبية التي بإمكانها رفض ما سيفضي إليه الحوار الوطني في حال استئنافه.

وكان «ائتلاف سيادة الشعب « الكتلة الجديدة بالمجلس التأسيسي، اتهم النهضة أمس بالتلاعب بمؤسسات الدولة وبتمييع الشرعية خوفا من فقدانها السلطة وذلك في إشارة إلى رفض الائتلاف لإلغاء النهضة للتعديلات التي كانت أدخلتها على النظام الداخلي للمجلس، وهو موقف ادخل الكثير من الارتباك على حسابات النهضة والمعارضة على حد سواء، بعد أن كانت كل الأطراف تضع الائتلاف في خانة «خدمة الترويكا وحلفائها».

في غضون ذلك، نفى الباجي قائد السبسي زعيم حركة نداء تونس خبر وجود صفقة بين حزبه وحركة النهضة «لاقتسام كعكعة السلطة» فيما بينهما في إطار حكومة وحدة وطنية كثر الحديث بشأن إمكانية تشكيلها بفضل وساطة جزائرية تأكدت خلال الأيام القليلة الماضية بالرغم من نفي الطرفين لها.

ويرى الناظرون إلى النصف الملآن من الكأس، أن استئناف جلسات الحوار الوطني أضحى وشيكا بعد قرار النهضة إلغاء التعديلات على النظام الداخلي للمجلس وبالتالي الخضوع لضغط المعارضة والاستجابة لشروط نوابها للعودة إلى قبة البرلمان ومن ثمة الجلوس ثانية إلى طاولة الحوار الوطني وقد انتفت أسباب تعليقه. إلا أن المعارضة التي تعودت مناورات حركة النهضة خيرت الانتظار قليلا حتى تتبين مواقف كل الأحزاب التي تشكل جبهة الإنقاذ وردود فعل الرباعي الراعي للحوار الذي أنهكته مشاورات ماراطونية لم تفض إلى التوافق إلى حد اليوم بشان المرشح لخلافة علي العريض على رأس الحكومة الجديدة.

ويعتقد المحللون للساحة السياسية أن «عملية البحث عن رئيس حكومة قد تواصلت أكثر من اللزوم وسقطت في شراك العبثية المثيرة للاستهزاء» مما زاد المشهد المحلي ضبابية على ضبابية بما يصعب إجلاء الغيوم عن سماءه. وتقول مصادر حسنة الإطلاع بأن تحديد سقف زمني للمسارين الحكومي والتأسيسي قد يكون الحل الأنجع لإعادة قطار الحوار إلى السكة الصحيحة بما يقطع مع الصراع القائم ويجعل التوافق بين الفرقاء السياسيين أمرا سهل التحقيق في قادم الأيام.

ويعتبر شق من التونسيين أن فشل الحوار إلى اليوم يعني، بالنسبة إلى الترويكا، بقاءها في الحكم أقصى ما يمكن، في حين يعني لدى المعارضة مزيد إغراق السلطة القائمة والنهضة أساسا في سرداب مسؤولية تردي الأوضاع وتحملها وحدها الانهيار التي تعيشه كل القطاعات الحية بالبلاد.

إلا أن الثابت أن كلا الطرفين، الترويكا والمعارضة، سيتحملان تداعيات إفشال الحوار الوطني السلبية على الاقتصاد والأمن بما يفضي إلى المجهول.

موضوعات أخرى