Monday 25/11/2013 Issue 15033 الأثنين 21 محرم 1435 العدد
25-11-2013

إلا أنت يا فريد!

لا جدال في أن الدكتور فريد زكريا يعتبر واحداً من أهم المفكرين في الوقت الراهن، والسيد زكريا ينتمي إلى أسرة هندية هاجرت إلى الولايات المتحدة، فقد ولد في مومبي بالهند، ثم هاجرت أسرته إلى أرض الأحلام، وتمكن أفرادها من صنع مجد لهم، في معقل العالم الحر، فشقيق الدكتور فريد مصرفي بارع، وخبير اقتصادي شهير، ومع أن فريد برز نجمه ككاتب، ومؤلف، إلا أن مقاله الشهير «لماذا يكرهوننا؟»، والذي كتبه بعد أحداث سبتمبر مباشرة، كان له دورٌ كبيرٌ في بزوغ نجمه على المستوى العالمي، فقد نشر المقال في آلاف الصحف حول العالم، ويعتبر ذلك المقال - حسب رأيي الشخصي - هو النواة التي صنعت ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي!.

لقد قال زكريا في ذلك المقال: إن مشكلة الغرب ليست مع الإسلام، وإنما مع المسلمين المتشددين، فحسب رأيه أن السبب الرئيس لموجات العداء الشديدة للغرب من قبل العرب، والمسلمين، وبالتالي قيام بعض المحسوبين عليهم بعمليات إرهابية ضد المصالح الغربية، هو شعور المسلمين بأن الغرب يدعم حكوماتهم العلمانية التي تضطهدهم!، والحل في رأيه هو في نشر قيم الحرية، والعدالة، والديمقراطية في الدول العربية، والإسلامية؛ لأن من شأن ذلك أن يخفف حدة العداء للغرب، وبالتالي يخفف من حدة الإرهاب، أو يقضي عليه!، وقد تلقفت مراكز البحوث، والدراسات المحترمة هذه الفكرة، وزينتها للحكومات الغربية، وهذا يفسر سر دعم تلك الحكومات للثورات، فقد كان الرئيس أوباما واضحاً، وصريحاً في دعمه لها، بل وفي دعمه اللا محدود لتنظيم الإخوان المسلمين، أثناء حكمه، بل هو حتى خارج السلطة، بعدما أطاح به الشعب المصري في الثورة الثانية!.

الرئيس أوباما يرتبط بعلاقة صداقة متينة مع فريد زكريا، ومن المعجبين بطرحه الفكري، وأعلن عن ذلك في أكثر من مناسبة، وقد كان لافتًا للمتابع أن يكتب زكريا مقالات متشنجة ضد بعض حلفاء الولايات المتحدة في الخليج، في ذات الوقت الذي تمر به علاقات تلك الدول بالولايات المتحدة بأزمة كبيرة، نظير اختلاف وجهات النظر بينهم فيما يتعلق ببعض الملفات السياسية الساخنة في الشرق الأوسط، وهذا الطرح المتشنج من قبل زكريا لا يتواءم أبداً مع قيمته كمفكر من طراز رفيع، كما يتعارض مع الحيادية التي اشتهر بها، عندما يتناول الأحداث، ويهمني كمتابع لزكريا منذ مدة طويلة، ألا يخسر الفكر السياسي مفكراً بحجمه في ظل هذه الأحداث العصيبة، التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر، فسواء اتفقنا مع زكريا، أو اختلفنا، فهو يظل واحدًا من أهم المفكرين في العصر الحديث، وبالفعل فإن آخر ما كان يتوقعه المتابعون أن يتخلى هذا المفكر الجهبذ عن حياده المعهود، ونتمنى أن تكون تلك المقالات المتشجنة، والتي لا تليق به، ولا بتاريخه المهني، كبوة جواد في ظرف عصيب!.

ahmad.alfarraj@hotmail.com

تويتر @alfarraj2

مقالات أخرى للكاتب