Friday 29/11/2013 Issue 15037 الجمعة 25 محرم 1435 العدد
29-11-2013

المسئولية الاجتماعية للصحافة السعودية «كراسي الجزيرة أنموذجاً»

كم هي المؤتمرات والندوات والمقالات والكتب والتغريدات والمداخلات والأحاديث الإعلامية التي قيلت ودوِّنت في باب «المسئولية الاجتماعية» بصورة مباشرة أو أنها مبطنة، وكانت مؤسساتنا الصحافية «الربحية» حاضنة للكثير مما قيل وكُتب، تغطية ومتابعة ورصداً، أو أنها جاءت ابتداءً من خلال كتابات متخصصة منظرة ومعرفة أو أنها محفزة ومشجعة وناقدة، ومع ذلك فإنّ جلّ صحفنا المحلية ذات الأرباح المالية العالية، كانت وما زالت تتصوّر أنّ واجبها في المسئولية الاجتماعية لا يتعدّى نشر خبر الوفاة أو الترقية أو النجاح، أو قدوم مولود جديد لهذه الدنيا، أو التغطية الإعلامية لمناسبة اجتماعية أو رسمية أو احتفال شعبي عام، أو حتى الرعاية الإعلامية لمؤتمر وطني هام، في الوقت الذي تنبري فيه «جريدة الجزيرة» فتتبنّى فكرة «الكراسي البحثية» خدمة للمجتمع، وحرصاً على الوصول لأكبر شريحة وأهمها على الإطلاق «فئة الشباب» التي تتواجد داخل أروقة جامعاتنا السعودية، ومن أجل نشر ثقافة العمل الإعلامي الواعي، وللتوعية بمرحلة الإعلام الجديد ، ولتدريب إعلامي اليوم على مهارات وتقنيات مهنة المصاعب، «صاحبة الجلالة والسُّلطة الرابعة»، ولقد تابعت خلال السنوات الماضية ما تنشره وسائل الإعلام من أخبار عن أعمال هذه الكراسي، فوجدت أنها بصدق من المشاريع الرائدة التي تستحق الإشادة والثناء ، ولا أدلّ على ذلك من تجديد عقد كرسي صحيفة «الجزيرة « للدراسات الإعلامية في جامعة القصيم لمدة خمس سنوات قادمة مطلع الشهر الحالي ، بعد النجاح المشهود إبان الفترة الأولى لهذا لكرسي المتخصّص، والذي كان محل إشادة وثناء من قِبل المسئولين في الجامعة والمهتمين بالعمل الإعلامي السعودي، ومن قبل كان توقيع المرحلة الثانية لكرسي الجزيرة للدراسات اللغوية الحديثة بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في الرياض الذي يشهد الكل بتميُّزه وحضوره الدائم ومشاركته الحقيقية في النشر الإعلامي المتخصّص.

لقد أنجزت الكراسي البحثية التي وقّعتها الجزيرة مع عدد من الجامعات السعودية الكثير من الأبحاث والدراسات الإعلامية المتميّزة، وأقامت العديد من الدورات التدريبية والمناشط التثقيفية والتوعوية، وشاركت في المؤتمرات والندوات واللقاءات التخصصية الداخلية والخارجية، واستقطبت المفكرين والكتّاب ليروا تجربتهم الصحافية والمقالية، ولعلّ من الشواهد الحيّة لحظة كتابة هذا المقال رعاية «كرسي الجزيرة للتنمية الثقافية والاجتماعية في المجتمعات المحلية» للفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الكتاب الثاني الذي تحتضنه جامعة حائل هذه الأيام.

لقد صارت الجزيرة غذاءً يومياً لأساتذة وموظفين وطلاب وطالبات جامعاتنا السعودية، بعد أن عبرت هذه الجريدة المتميّزة من خلال الكراسي البحثية الرائدة والرائعة، لتصل جراء ذلك إلى البيت السعودي يومياً وبلا مقابل ، مساهمة من مجلس إدارة هذه المؤسسة العملاقة وأُسرة تحرير الجريدة في المسئولية المجتمعية التي هي في النهاية مسئولية كل منا، تتعاظم كلّما علا الإنسان وقوي إحساسه بالدور الملقى على عاتقة إزاء مجتمعه، وتتقازم حين تخور القوى وتضعف الإرادة ويكون الربح المادي الصّرف هو المحرّك والأساس لا غير، وجزماً تختلف صور العطاء والبذل مشاركة في هذه الشعيرة الهامة باختلاف الأحوال مالاً أو جاهاً أو قلماً وقولاً.

ليس هذا فحسب، بل إنّ الجزيرة تشارك المواطن همومه وتنزل الناس منازلهم، فهي اليوم على سبيل المثال تفتح صفحاتها لمن أراد أن يدوّن مشاعره ويكتب أحاسيسه عن رحيل فقيد التربية والتعليم المربي الفذ معالي الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد الرشيد رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ، وهي الجريدة الأكثر اهتماماً بأخبار المناطق التي حرمت من احتضان صحف خاصة بها، وللقارئ الكريم أن يتابع ويدقّق ومن ثم يعقد المقارنات ويتحقّق بنفسه مما ورد أعلاه.

إنّ المسئولية الاجتماعية ليست مجرّد شعار يُرفع، ولا هي مقولة تردّد، بل فعل يؤثر وعمل يُرى، ويُستشعر ويحس ويلمس هذا الأثر، ويستفيد من هذا العمل شريحة عريضة من أبناء المجتمع. وإن كانت هذه المسئولية فيما مضى أمراً مهماً فهي اليوم أشدّ أهمية وأكثر إلحاحاً، ولذا أرى لزاماً أن يُعاد طرح هذا الموضوع الحيوي الهام «المسئولية الاجتماعية» من جديد، وبلغة يفهمها الكل وتصل إلى الجميع، ولعلّ المائدة المستديرة للحوار الوطني تكون هي البوابة المشرعة لسبر أغوار هذا الموضوع الأساس، دمتم بخير وإلى لقاء والسلام.

مقالات أخرى للكاتب