Friday 29/11/2013 Issue 15037 الجمعة 25 محرم 1435 العدد

في رسالة علمية حصل بها على درجة الدكتوراه بكلية أصول الدين بجامعة الإمام

العُمري يطالب بالرد على الدراسات الاستشراقية المعاصرة عن النبي صلى الله عليه وسلم

الرياض - خاص «الجزيرة»:

أكد باحث في علوم الاستشراق والمذاهب المعاصرة أهمية الرد والتقويم للدراسات الاستشراقية المعاصرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بكافة أشكالها وصورها مع التركيز على أصول المسائل التي غالباً مايهتم المستشرقون بإثارة الشبهات حولها وتشويه صورتها لدى الفكر الغربي الحديث.

وشدد على أهمية أن يتولى المسلمون بأنفسهم عرض سيرة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- ورسالته وإيضاح عظم شمائله وأخلاقه، وإيصال هذه الجوانب إلى المجتمعات الغربية لإلغاء دور الوسيط غير المؤتمن والذي كانت تؤديه دوائر الاستشراق عبر مراحل زمنية متطاولة عرضت فيها الإسلام ونبيه -صلى الله عليه وسلم- بصورة سلبية في مجملها.

جاء ذلك ضمن توصيات رسالة الدكتوراه المقدمة إلى قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للباحث الدكتور رياض بن حمد بن عبدالله العُمري ، وحملت عنوان:(مناهج المستشرقين ومواقفهم من النبي صلى الله عليه وسلم.. عرض ونقد في ضوء العقيدة الإسلامية) .

ودعا إلى انتقاء المسائل التي يكثر الخوض فيها ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- في الغرب، وكتابة الردود المختصرة عليها بطريقة تتفق مع روح العصر وأسلوب الحوار مع العقلية الغربية المخالفة وترجمتها إلى لغاتهم المختلفة ونشرها بطرق إعلامية متنوعة ، وإنشاء موسوعات إسلامية باللغات الغربية المختلفة تتناول عرض مسائل الدين الإسلامي بأسلوب سهل ومختصر، وبإشراف من مؤسسات علمية متخصصة تكون بديلاً عن الموسوعات الاستشراقية.

وطالب بتنظيم ندوات ومؤتمرات فكرية في الغرب حول شخصية النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرته ودعوته وأخلاقه ، وخصوصاً في المؤسسات التعليمية والبحثية: كالجامعات والمعاهد العلمية والجمعيات المختلفة ومراكز البحوث والدراسات المنتشرة في كافة البلاد الغربية ، وترتيب زيارات لأكاديميين ومثقفين وإعلاميين غربيين لبعض البلاد الإسلامية بهدف توعيتهم بحقيقة دين الإسلام ودعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورسالته وتصحيح ما قد يوجد لديهم من مفاهيم وتصورات خاطئة.

كما دعا إلى إصدار كتيبات ومطويات باللغات الأجنبية بأسلوب قصصي شيق تتناول سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحياته وأخلاقه ، وإنتاج أفلام وثائقية أجنبية -بإشراف هيئات علمية شرعية- لعرض سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعوته للمجتمعات الغربية بطريقة سلسة وجذابة, ودعم بعض المشاريع في مجال الإنتاج التلفزيوني التي تشرح طبيعة الرسالة الإسلامية ، وشراء صفحات من الصحف والمجلات الغربية الشهيرة لكتابة المقالات الإسلامية فيها، والتي تشرح جوانب الرحمة والحب والسلام في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ورسالته.

وأكد الباحث العُمري أهمية تأهيل أكاديميين متخصصين في مجال العقيدة والأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة باللغات الغربية المختلفة للقيام بمهمات الحوار والنقاش والتأليف ومخاطبة المخالفين باللغات التي يجيدونها، والقضاء على سلبيات الترجمة والتي تتم غالباً على يد غير المتخصصين ، وإنشاء مواقع متعددة على الشبكة العنكبوتية باللغات الغربية المختلفة تكون مخصصة لعرض سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتستعرض الكتب والأبحاث والمقالات التي تناولت حياته -صلى الله عليه وسلم-, والرد على الاتهامات الموجهة ضده.

ودعا إلى المشاركة والحضور في ملتقيات حوار الأديان (الإسلامي-المسيحي) لتفعيل آليات التفاهم المشترك حول الكثير من القضايا والمسائل الدينية ، ودعم أنشطة المؤسسات الإسلامية الموثوقة في الغرب والتي لديها اهتمامات في مجال التعريف بالدين الإسلامي ونبيه -صلى الله عليه وسلم- وينقصها الدعم المادي والعلمي ، والتعاون مع الجاليات الإسلامية في البلدان الغربية لإقامة الأنشطة الاجتماعية المختلفة التي تهدف لعرض الصورة الصحيحة للإسلام ونبيه -صلى الله عليه وسلم- ، والسعي لدى الدول والمؤسسات الغربية والهيئات والمنظمات الدولية لسن القوانين والتشريعات التي تجرم الإساءة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بكافة أشكالها وصورها.

وختم الباحث الدكتور رياض العُمري ـ توصيات بحثه ـ بالدعوة لتنظيم الجهود المتعلقة بتوضيح صورة النبي -صلى الله عليه وسلم- لدى الغرب ضمن جمعيات وهيئات تتولى العمل المؤسسي المنظم، وفق خطط وأهداف واضحة، وبإشراف علمي يقوم عليه متخصصون في مجال العقيدة والأديان والمذاهب الفكرية المعاصرة.

وكان الباحث قد استهل بحثه بتعريف الاستشراق وبيان مفهومه ونشأته وأهدافه ووسائله، وقال في خلاصة البحث إن الاستشراق: علم يحاول أصحابه من الغربيين دراسة الشرق وكل ما يتعلق به من حضارة ولغات وآداب ومعتقدات وعلوم وفنون وماشابهها، وذلك لتحقيق دوافع وأهداف مختلفة. وأما المستشرق فهو: باحث غربي يعنى بدراسة الشرق وحضارته وعلومه المختلفة لتحقيق أهداف معينة، وأن الاستشراق لم يظهر بشكل صريح في أوروبا إلا مع نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وإن كانت جذوره تمتد إلى فترة الحروب الصليبية. كما أن الواقع المشاهد يدل على استمرار مفهوم الاستشراق فالاهتمام الغربي بالعالم العربي والإسلامي لم يضعف ولم يتوقف، واستبدال الغرب له بغيره من المسميات اليوم مع بقاء مضمونه لايغير من الأمر شيئاً، وأن الغربيين اتجهوا لدراسة الشرق وإقامة مؤسسة ضخمة لذلك هي مؤسسة الاستشراق لابد أن يكون وراءه أهداف معينة، والتي يمكن تلخيصها في الأهداف: الدينية ، الاستعمارية، العلمية، الاقتصادية ، وأن المستشرقين سعوا إلى تحقيق أهدافهم من خلال العديد من الوسائل والأساليب. فلم يترك المستشرقون مجالاً من مجالات الأنشطة المعرفية والتوجيهية العليا إلا تخصصوا فيها.

وواصل القول: ففيما يتعلق بالمدارس الاستشراقية وكتاباتهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ظهر من خلال البحث فيها ما يلي: إنه مع صعوبة تصنيف المستشرقين بسبب اختلاف اتجاهاتهم وتخصصاتهم فإنه من الممكن الالتجاء إلى التوزيع الجغرافي كأساس للتصنيف انطلاقاً من أن البيئة بما لها من خصائص - ايجابية كانت أو سلبية - ذات أثر كبير في تكوين شخصية الكاتب وتوجيه أفكاره، كما يمكن توزيع الاستشراق بالنظر إلى الناحية الجغرافية إلى مجموعة مدارس رئيسة مع الإشارة إلى كل مدرسة بملامح ومميزات غالبة وليست قطعية، والمدارس التي تناولها البحث واستعرض كتاباتهم حول النبي -صلى الله عليه وسلم- هي مدرسة الاستشراق: الإنجليزي ، الألماني ،الفرنسي، الأمريكي، الروسي، النمساوي .

وفيما يتعلق بأصناف المستشرقين في كتاباتهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ظهر في هذا الموضوع من خلال البحث ما يلي : الأول : أن من يدرس نتاج المستشرقين وما كتبوه عن الإسلام كدين، وعن محمد -صلى الله عليه وسلم- الإنسان والنبي والرسول لهذا الدين الإلهي، يجد نفسه أمام ثلاثة أصناف من المستشرقين: الأول: صنف كتب بروح علمية صادقة, فدرس الشرق ونتاجه دراسة عميقة, ونظر إلى الإسلام كدين ودعوة ومنهج حياة ، ورأى في نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- الأنموذج الكامل الذي توافرت فيه صفات النبوة والرسالة الإلهية، حتى دعاه ذلك إلى الاهتداء للإسلام واعتناقه، بل وأصبح بعضهم في سبيل ذلك سيفاً من سيوفه، وصوتاً منافحاً عن جنابه، وهؤلاء هم المستشرقون المسلمون.

وقد تناول البحث نموذجين لهذا الصنف هما المستشرق الفرنسي إيتيان دينيه (نصر الدين دينيه)، والنمساوي ليوبولد فايس (محمد أسد) ، والثاني: صنف كتباً بروح علمية جادة محاولاً إفادة قومه بما يكتب عن حضارة الإسلام ونبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ، مبتعداً عن تأثير المتحاملين من بني جلدته قدر المستطاع، فصار له -رغم وقوعه في بعض الأخطاء- آراء منصفة وعبارات جيدة، ورغم إعجاب هؤلاء واقتناعهم بصحة هذا الدين وسمو ما يدعو إليه فإن ذلك لم يقدهم إلى إعلان إسلامهم، وهؤلاء هم المستشرقون المتعاطفون مع الإسلام . وقد تناول البحث ثلاثة نماذج لهذا الصنف هي: المستشرق الإنجليزي توماس كارليل والأمريكي مايكل هارت والإنجليزية كارين أرمسترونج، والثالث : صنف كتب بحقد وكراهية مبتعداً عن المنهج العلمي ومتأثراً بروح العصور الوسطى حتى أنتجت كتاباته وكلماته آراء متحاملة على الإسلام ونبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ، ورغم ادعاء بعض أصحاب هذا الاتجاه الإنصاف والعدل فإن كتاباتهم لا تحتمل في طياتها معنى صحيحاً أو تأويلاً حسناً يعتذر به لقائله، وهؤلاء هم المستشرقون المتحاملون على الإسلام .

ثم عرض الباحث أثر كتابات المستشرقين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الكتابات المعاصرة، ومصادر المستشرقين في كتاباتهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ومناهج المستشرقين في كتاباتهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومواقف المستشرقين من نبوته -صلى الله عليه وسلم-، ومواقف المستشرقين من سيرته -صلى الله عليه وسلم- .