Friday 29/11/2013 Issue 15037 الجمعة 25 محرم 1435 العدد

بصمة

ما أظلم الأقوياء من بني الإنسان، وما أقسى قلوبهم، ينام أحدهم ملء جفنيه على فراشة الوثير ولا يقلقه في مضجعه أنه يسمع أنين جاره وهو يرعد بردًا، ويجلس أمام مائدة حافلة بصنوف الطعام قديده وشوائه حلوه ومُرّه، ولا ينغص عليه شهوته علمه أن بين أقربائه وذوي رحمه من تثب أحشاؤه شوقًا إلى فتات تلك المائدة، ويسيل لعابه تلفها على فضلاتها، بل إن بينهم من لا تخالط الرحمة قلبه، ولا يعقد الحياء لسانه، فيظل يسرد على مسمع الفقير أحاديث نعمته، وربما استعان به على عدِّ ما تشتمل عليه خزائنه من الذهب وصناديقه من الجوهر، وغرفه من الفراش والرياش ليكسر قلبه وينغص عليه عيشه ويبغض إليه حياته، وكأنه في كل كلمة من كلماته وحركة من حركاته يقول له: أنا سعيد لأني غني وأنت شقي لأنك فقير.

«المنفلوطي»