Saturday 30/11/2013 Issue 15038 السبت 26 محرم 1435 العدد
30-11-2013

جولة في سماء نجران

تستوقفني الأفكار الجديدة بالذات إذا كان فيها ما يستحق التأمل ثم الإفادة لحل مشكلات قائمة، ويعجبني المسؤول الذي يكسر الروتين المعتاد ويتخلى عن نمطية العمل و”البرستيج” وزفة المرافقين لتحقيق مصالح وطنية.

فكرة رائدة تلك التي طبّقها صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة نجران حين قام بجولة جوية في سماء المنطقة تفقد خلالها مخطط المدينة العمراني وسير المشاريع والمدينة الجامعية، وشاهد مجاري السيول التي تصب في وادي نجران وما تمت إزالته من تعديات تعرضت لها أجزاء منها في فترات سابقة.

الفكرة دون شك تستحق الإشادة، وهي فكرة حسب علمي جديدة على مستوى أمراء المناطق على أقل تقدير. رأيت في فكرة الأمير مشعل مزايا لا أظنها تغيب عن ذهن متأمل وقارىء جيد في خبايا التجارب والتطبيقات.. لعل أهم ميزاتها في نظري شمولية الجولة الجوية لكل المواقع التي كان سموه ينوي الاطلاع عليها وفي زمن قصير جداً قياساً بالزمن المهدر في حال قيامه بالجولة بواسطة السيارة، صحيح أن جولة السيارة ستمنحه خاصية التوقف عند كل موقع والاطلاع عن قرب وسرعة التوجيه والبت إلا أن إشكالية عدم توافر هذه الخاصية في الجولة الجوية يمكن التغلب عليها باستخدام أجهزة التقريب والتكبير وفي حال عدم وجودها يمكن لقائد الطائرة الطيران بوضع منخفض وبسرعات أقل بكثير من المعتاد.. أعتقد أن أنسب الطائرات الهيليوكبتر كونها توفر ميزات لا حصر لها من حيث الطيران المنخفض وإمكانية الهبوط في أي مكان واستخدام سرعات متفاوتة.

من مميزات هذه الفكرة التي شدَّتني كثيراً أن المسؤول وبخاصة في المدن الكبيرة المكتظة بالبشر يتخطى مشكلة الازدحامات والاختناقات وهي عادة ما تتسبب في إهدار الوقت وضآلة المردود من الجولة.. تصوروا لو أن أمير نجران الشاب قد استخدم السيارة في الجولة فكم من الوقت سيستغرق للمرور بكل المواقع، ومشاهدة المشاريع رغم أن نجران منطقة ذات كثافة متوسطة في أحسن الأحوال؟.. أعتقد أن أسبوعاً كاملاً قد لا يكفيه بينما بواسطة الطائرة تمت الجولة ربما في أقل من ساعتين عاد بعدها لممارسة أعماله دون أن تؤثر مدة الزيارة على برنامجه اليومي. الميزة الأجمل في نظري تخلص سموه كما بدا من صورته داخل الطائرة والمنشورة في جريدة عكاظ من بعض البروتوكولات المعتادة في زيارة بعض المسئولين، وزخم المرافقين لأن سموه قد حدد هدفاً عملياً بعيداً عن صخب الإعلام وضجيج مديري بعض الدوائر الحكومية حين يحاول بعضهم باستماتة حجب أنظار المسؤول عن مواطن الخلل ما يؤدي في نهاية الأمر إلى عودة المسؤول إلى مكتبه دون نتائج تستحق أن تذكر.

المسؤول العملي يتجاوز المألوف في محاولة لكسب مردود أفضل في زمن قياسي وجهد أقل وهو ما يركز عليه علم الإدارة المعاصرة.. انتشرت قبل أيام في مواقع التواصل الاجتماعي صورة لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد يستقل القطار في وسط زحام الناس دون مرافقين، وهو ما فسر بأن الشيخ يريد الاطلاع على المشروع بنفسه ودون أن ينتظر تقارير قد تكون مضللة.. في بضع دقائق تمت المهمة دون أن يسبب وجوده داخل القطار أي حالات مربكة.

أتمنى لو يطبق كل مسؤول حريص مثل هذه الأفكار ليطلع على الحقائق بنفسه دون تضليل وفي أقل زمن ممكن.

Shlash2010@hotmail.com

تويتر @abdulrahman_15

مقالات أخرى للكاتب