Saturday 30/11/2013 Issue 15038 السبت 26 محرم 1435 العدد
30-11-2013

مصر والإرهاب

حرّم الإسلام على أتباعه التعرض بالأذى لمن نذر نفسه للعبادة من أهل الكتاب وكل أماكن العبادة للأديان السماوية، حتى في زمن الحرب، وقد نهى سيد البشرية جمعاء عن قتل الطفل والمرأة والشيخ، ونهى صلى الله عليه وسلم الجيوش التي تنوي الجهاد

نهياً مطلقاً عن هدم المنشآت المدنية وعن إفساد كل ما يعود بالفائدة على الحياة الإنسانية كالنبات وغيره، وكان يخاطب رجاله قائلاً “انطلقوا باسم الله وعلى ملة رسول الله، لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا تغدروا، ولا تمثلوا”؛ لأنه صلوات الله وسلامه عليه رحيم بأرواح الأبرياء، ولم تكن غزواته لجلب مطامع ولا لارتكاب فظائع ولا لسلب الحرية ولا انتهاكاً لكرامة الحياة الإنسانية، بل كانت لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى. لقد كان لنا في رسول الله أسوة حسنة. ورغم هذا فقد وصل الأمر بالعرب في هذا العصر إلى أن يتنكروا لكل وصايا نبي الرحمة، ويضربوا بها عرض الحائط غير مبالين بكل الخصائص الروحية والإيمانية التي كان يتمتع بها أسلافهم الصالحون، وأصبحت غزواتهم وحروبهم ضد بعضهم، وأصبحت العداوة تضرب في جذورها بين أبناء المجتمع الواحد، مع إدراكهم أن الحروب ليس لها هدف إلا القتل وسفك الدماء وترويع الآمنين وتحطيم إرادة الشعوب وحرمانها من العيش الكريم بأمن واستقرار ورخاء ومواصلة البناء.. ألا يتعظ من استخدموا الإرهاب والقتل والتدمير من أبناء مصر بوصايا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ويعودوا إلى الطريق الصحيح الذي يمثل الحق الذي يعلو ولا يُعلى عليه؟ ألم يكن قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير الممتلكات مخالفاً لأوامر الرسول الأعظم؟ إن ما تتعرض له مصر العروبة حالياً من اضطرابات شديدة وصراع ذاتي يستنزف إمكاناتها، ويجهض فاعليتها وقدراتها، ويزيد من تمزق شملها؛ ما ييسر لأعداء الإسلام تحقيق ما يريدون بهذا البلد العظيم من كيد ومكر وعداوة؛ لأن الشعب المصري الأبي يمثل الدرع الحصينة للإسلام والعروبة؛ لما لهذا البلد من مكانة تاريخية وثقافية وعلمية وأدبية وحضارة يفتخر بها التاريخ. إن مصر - وبكل أسف - تتعرض حالياً لموجة من موجات الإرهاب؛ ما تسبب في عواقب وخيمة، لن يقتصر تأثيرها على القتلى والمصابين، ولكن على المجتمع المصري والعربي بل حتى العالم؟ إن انتشار القتل والخوف في هذا البلد الشقيق حالياً أمرٌ خطير، ولا بد للعقلاء في أرض الكنانة من بذل أقصى جهد لإطفاء النار التي بدأت تشتعل وأضرمها من يريد لمصر الشر والفتنة والبُعد عن الاهتمام بقضايا الأمة العربية ووحدتها وتحقيق أهدافها، بل إن أعداء مصر الجدد يريدون لها التخلف والتفرق، ولا يريدون للشعب المصري أن ينعم بالأمن والاستقرار، ولا يريدون لجيشمصر القوة والهيبة وحماية الحدود والوجود، ولا يريدون لأمن مصر حماية الأرواح والممتلكات، إنهم يرتكبون حماقة، ويقتلون الأنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. إن ما يحدث من القتل والتفجير يهدف لأغراض دنيوية وحب السلطة، وأصبح هؤلاء القتلة يحملون سجلاً أسود كما كان يحمله أعداء أمة محمد، ونُزعت الرحمة من قلوبهم، يقتلون أبناء جلدتهم، ويمارسون الإرهاب في أبشع صوره.

مقالات أخرى للكاتب