Wednesday 04/12/2013 Issue 15042 الاربعاء 30 محرم 1435 العدد
04-12-2013

الطب البديل: لماذا يتهافتون عليه؟

سؤال المقال الواضح بالعنوان لماذا يتجه الناس للطب البديل ويروج له بعض الأطباء؟

السبب الأول هو فشل النظام الصحي، فحينما لا يجد المريض من يعالجه وفق الطرق الطبية المتعارف عليها في المؤسسات الصحية، فإنه يلجأ إلى طبيب ديني أو شعبي وقد يلجأ إلى مشعوذ يستغل حاجته، أو شخص ليس بالضرورة توجد لديه الخبرة الكافية في هذا المجال. إذا أردنا الاستدلال على مدى التقدم الطبي فعلينا متابعة مدى انتشار الطب الشعبي وطب الأعشاب والطب الديني، والطب الغير مصرح به، فكثرة التعامل مع هذه البدائل تعني تقهقر النظام الصحي الرسمي وتأخره عن الوفاء بمتطلبات الناس الصحية...

السبب الثاني هو عجز الطب الحديث على تفسير أو معالجة بعض الظواهر المرضية وبالتالي فإن لجوء المريض إلى الطب البديل يحدث حتى ضمن الأنظمة الطبية المتقدمة، وخصوصاً إذا ما علمنا تركيز الطب الحديث على الجوانب العضوية والبيولوجية وإهماله الجوانب الروحية والنفسية. غالبية الحالات التي يتعامل معها ما يسمى الطب البديل أو الشعبي مدخلها الرئيس أمراض روحية ونفسية واجتماعية…

السبب الثالث يعتبر ثقافيا حيث تسيطر الثقافة الشعبية والتراثية على الناس بتداولهم القصص الخارقة للمعالجين الشعبيين أو استحضارهم قصص آبائهم والآخرين، قبل حدوث تطورات الطب الحديثة. الفعل الأيدلوجي يسيطر على بعض المجتمعات ومنها مجتمعاتنا وهناك ترويج كبير للممارسات طبية تراثية بمسيات مختلفة بما فيها الدينية.

السبب الرابع - نلحظه على المستوى المحلي- هو الحماس المبالغ فيه من قبل مجموعة من الأطباء لتبني ودعم ما يعرف بالطب البديل ومحاولة ترويجه وتقنينه تحت مسميات مختلفة. بعضهم يبحث عن الأضواء والمكاسب المادية وبعضهم يهرب من تواضعه العلمي في الممارسات الحديثة. بعضهم يدفعه الحماس الأيدلوجي الديني يريد أن يكون طبيباً وشيخاً دينياً في نفس الوقت. وقليل منهم يبحث عن أسرار علمية بطرق منهجية واضحة. لاحظنا ذلك في خطبهم البلاغية وأبحاثهم السطحية وتبريراتهم الهلامية التي بثوها في مؤتمرهم الذي صنعوه وأحضروا له عشاق الإعلام والبروز ليشاركوا في ترويج تناقضاته المختلفة. ولم يجيبونا ماذا فعل مركزهم على مدى سنوات سوى (الجعجعة) الإعلامية التي لم تثمر أنظمة ولا تقنيناً كما يدعون؟ يقولون طب بديل مبني على البراهين، ولا يعلمون أن وجود البراهين تنفي عنه صفة البديل. اعتبروا تغيير المسمى من بديل إلى تكميلي هو الفتح المبين. خلطوا تخصصات ذات تراث علمي رصين ومعايير بحثية صارمة ضمن منظومة ما أسموه البديل لتوسيع شريحة مريديهم وللتعمية على هشاشة طبهم البديل!

ليست المرة الأولى التي أكتب عن موضوع الطب البديل ومن متابعتي له محلياً على مدى سنوات وجدت الأمر يتجه لمزيد من العبث، لذا أراه ضرورةً التركيز في تعليم أبنائنا الأطباء الممارسات العلمية الحديثة بعيداً عن دعاوى الأسلمة والأدلجة والشعبوية، رحمةً بمجتمعنا ومرضانا الذين أسهمنا في تشويش أذهانهم وحيرتهم بين خدمات صحية متواضعة وتجار يروجون لممارسات شعبية كثير منها خطر على صحة الإنسان و لا تستند إلى المعايير العلمية.

أخيراً أبث خشيتي من كون وزارة الصحة في بحثها عن الأضواء ورضوخها أو مجاملتها لبعض التوجهات الفردية تمنح هذا المجال أكثر مما يستحق وتروج للممارسات الشعبوية الخاطئة في المجال الصحي، بقصد أو بدون قصد.

malkhazim@hotmail.com

لمتابعة الكاتب على تويتر @alkhazimm

مقالات أخرى للكاتب