Wednesday 04/12/2013 Issue 15042 الاربعاء 30 محرم 1435 العدد
04-12-2013

الخطأ

1 - الخطأ لفظ مطاط متسع قد يبدأ بتعثر طفل صغير في بداية تعلّمه المشي.. وقد يصل إلى الخزي والعار بسبب الخيانة أو قتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق.. وهو معنى يطلق على الأفعال والأفكار والأشكال والسمات والصفات والروائح والأذواق.. فهو اسم لكل ما هو مختلف عمَّا تألفه أو تتوقّعه أو تتمناه أو تتصوَّره.. لذلك فهو يأتي في ألفاظ النصح والتهديد والاستهزاء والتحذير والوصف والحكم.

2 - ومع أن ارتكاب الأخطاء سمة بشرية ليس لها علاقة بالعقل أو بالفهم أو بالهوى.. كونها جزءاً أصيلاً في كياننا (كل ابن آدم خطاء) تماماً مثل العاطفة والتفاؤل والإبداع والقناعة والبسالة.. كما هي أيضاً المقابل لكل ذلك من جلافة أو تشاؤم أو برودة المشاعر وانغلاق الذهن والجبن واللا مبالاة والتخلّف.

3 - من نتائج الأخطاء الخطورة والتوتر والإحباط أو التعرّض للإهانة أو الضرر.. مع كل هذا فإنها وحسب قول الفلاسفة نافذة على العالم الحقيقي يَطَّلع من خلالها كل فرد على حدود الخيال الذي يعيش فيه وأبعاد الواقع الذي هو فيه.. ورغم أن الخطأ مرفوض في التصوّر العام إلا أن له وجهاً إيجابياً فهو وسيلة لاكتساب الخبرات وتطوير الذات من خلال التعلّم بالتجربة والخطأ.

4 - أن تفعل الخطأ غير أن ترى الخطأ.. وحكمك عليه مختلف ومشاعر الذعر أو الذل أو الانكسار أو الاندهاش أو الحيرة أو التشوق أو الإثارة أو الابتهاج تختلف باختلاف موقعك من الخطأ فاعلاً أو مفعولاً به أو مشاركاً أو مشاهداً عن قرب أو مراقباً عن بعد إلى غير ذلك.. الأكيد أن الخطأ يمكن أن يكون درساً مستفاداً أو وصمة عار يندى لها الجبين.. قد يكون مدهشاً ممتعاً وقد يكون مفزعاً مخسراً.

5 - أهم مسببات الأخطاء خداع الحواس.. فمثلاً حينما تقول بعد حوار: (آه الآن فهمت قصدك) أو (الأكاذيب أعمتني) أو (الآن اتضحت لي الرؤية) فهذا يعني أنك كنت على خطأ فأبصرت الحقيقة.. من هنا تجد الفروقات الشاسعة بين هؤلاء الذين وهبهم الله القدرة على رؤية الحقيقة بعين بصيرة وهم عادة يتمتعون بوعي داخلي ويتصفون بالفراسة وقوة الملاحظة والقدرة على الابتكار.. بعكس الذين لا يدرون أنهم لا يدرون فهؤلاء في ظلام دامس حتى يفيقوا على خطأ.

6 - أكثر ما يتضح فيه خداع الحواس هو رؤيتك للقمر صغيراً رغم أنه خمس الكرة الأرضية.. أو أن تتوهم بأنك تسمع هاتفك يرن إذا كنت في انتظار مكالمة مهمة أو أن تسمع الأم طفلها يصيح وهو بعيد عنها.. وفي كل الأحوال فإن الحقيقة ثابتة ذات وجه واحد بينما الخطأ متغيّر متقلّب له وجوه عدة.. أيضاً الحقيقة مقيّدة مملة بينما الأخطاء متنوّعة خيالية مثيرة.

مقالات أخرى للكاتب