Thursday 05/12/2013 Issue 15043 الخميس 01 صفر 1435 العدد
05-12-2013

صيانة المساجد .. وصيانة المقابر أيضاً

أولاً: صيانة المساجد:

ما أحسن أن نرى من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف اهتماماً مبرمجاً بصيانة المساجد على النحو الذي أكده معالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في الاجتماع الذي عقده مؤخراً مع مديري فروع الوزارة في المناطق..

يحمل البرنامج السنوي اسم (العناية بالمساجد فنياً)، وهدفه تحسين صورة المسجد.. يتضمن البرنامج أموراً عدة تتعلق بالنظافة الذاتية وترشيد استهلاك الماء والكهرباء وإنشاء مواضئ خارج دورات المياه وإنشاء إدارات في الفروع للمراقبة والمتابعة، إلا أن الناحية الصحية ليست أقل شأناً في تحسين صورة المسجد، ولعل القائمين على شؤون المساجد يُولونها الاهتمام نفسه.. وأرى أن مما يُؤثر على صورة المسجد عند كثيرٍ من المصلين النقاط التالية:

- ازدحام الجوامع بالمصلين وتشبُّع الهواء بأنفاسهم لا يقابله عناية كافية بتهوية المسجد، أي تجديد هوائه الذي يتنفسه المئات من المصلين، فلا المراوح - إن وجدت - ولا النوافذ القليلة بقادرة على تنقية الهواء.. وليس مستبعداً أن يسهِّل مثل هذا الجو انتقال العدوى.. ألا يكون الحل في تجهيز الجوامع بمراوح شفط ملائمة وكافية، أو بأي تقنية أخرى فعَّالة، لتعمل مع النوافذ والأبواب المفتوحة على جعل الهواء صحياً؟

- فرش المساجد، صغيرها وكبيرها، بالسجاد السميك وذي الأهداب وسيلة لتجميع الغبار وما يعلق بالأقدام من تراب وأوساخ، ويصعب تنظيفه وغسله.. فهل هناك مواصفات محددة لفرش المساجد تتحاشى هذه السلبيات؟

- الإسلام - وخصوصاً في الصلاة - لا يُفرِّق بين عامل وأستاذ أو فقير وغني.. ولكن هل يتعارض مع هذا الخلق الإسلامي لو طلبنا من عمال النظافة عدم الحضور إلى المسجد، وهم يرتدون ملابس العمل التي يرتدونها في أثناء حمل الزبالات وتنظيف الشوارع وشحن سيارات النظافة، إن كانت ملوثة وتسبب أضراراً صحية.. ومثل ذلك يُقال عن عمال التخلص من الفضلات في المستشفيات وغيرها.. إن المطلوب هو تغيير لباس العمل الملوث قبل الحضور للمسجد وليس إبعاد الشخص نفسه، وأظن في ذلك تطبيقاً لأخذ الزينة عند كل مسجد.

ثانياً: صيانة المقابر:

شاءت قدرة الله المحيي والمميت أن أكرر الزيارة لمقبرة أم الحمام أياماً متتالية في الشهر الفائت، للمشاركة في تشييع جنائر بعض المعارف الأخيار - رحمهم الله -.. كل هؤلاء كان أهلهم حريصين على دفنهم دون تأخير، إلا إن اضطروا لذلك كي يدرك الصلاة والدفن من كان خارج البلد من أقرب الأقربين، وذلك اتّباعاً للسنّة النبوية (إكرام الميت دفنه).. ومن أجل ذلك لا يحول هطول المطر ولا حر القائلة بين الأقارب وبين إتمام هذه السنَّة.. ولكن السؤال الذي لا يُفارق الذهن هو: هل نحن بهذا قد أدّينا الواجب نحو إكرام الميت وانتهينا؟.. هناك أمور لا تروق للكثيرين منا ولكننا نسكت عنها لأنها لا تمس المتوفى مباشرة، والبعض يظن أن معالجتها من البدع، وهي ليست كذلك في الواقع.. فإن مراعاة ذوي الميت ومشيعيه ليست بعيدة عن مفهوم إكرام الميت.. ألم يوصِ الرسول الكريم بأن يُصنع لأهل ميت طعام لأن لديهم ما يشغلهم؟.. هذه بعض الملاحظات التي خطرت على البال خلال زيارات مقبرة أم الحمام، وقد يكون هناك غيرها، كما أنها قد تُلاحظ على مقابر أخرى.

- صيانة المقابر مهمة تقع على عاتق البلديات.. وقد حظي موضوع تسوير المقابر باهتمام كبير من وزارة الشؤون البلدية والقروية - كما هو مُشَاهَد في مقابر الرياض.. ولكن ما هو الحال داخل هذه الأسوار؟

- في الأيام الممطرة كانت أرض المقبرة موحلة، وكان على المشيعين إما أن يخوضوا في المستنقعات، أو أن يمشوا بين القبور - خصوصاً أنه لا يُوجد إلا ممرٌ واحد يفضي إلى مكان الدفن.. كلا الأمرين لا يليق بإكرام الميت ولا حرمة القبور.. ولا أظنه صعباً على قيّم المقبرة العناية بهذا الأمر والحرص عموماً على تسوية الحفر وردم المستنقعات.

- كانت هناك قبور متهدمة بفعل المطر المنهمر، وأحسبه لا يليق بإكرام الميت تجاهل ذلك.. وليس هناك - فيما أظن - مانعٌ شرعي من ملء الثغرة التي أحدثها المطر بالتراب وشيء من الحصباء.

نعم، إن الأموات لا يضيرهم ولا ينفعهم مثل هذه الملاحظات، لكن علينا أن لا ننسى أننا نُسلِّم عليهم كلما زرنا المقبرة، فهي دار قوم مؤمنين - وإكرام الدار من إكرام ساكنيها.

- ما الذي يحول بيننا وبين أن نكون مثل إخواننا من منطقة الخليج في تنظيم تلقي العزاء في المقبرة، وهم مثلنا يهتدون بسنّة محمد عليه الصلاة والسلام؟

- لماذا لا نوفر مظلات متحركة، تخدم أقارب المتوفى الذين يقفون طويلاً لاستقبال العزاء، وتريحهم من بعض الإجهاد، فهي:

- تقي من حرارة الشمس في وقت الحر، وتقي من المطر عند هطوله، وتنظم اصطفاف المعزين بدلاً من التدافع كما هو الحال عندنا.

وهذه المظلات يضعها قيّمو المقبرة في أماكنها المناسبة قبل إحضار الجنائز التي يعرفون عددها غالباً.

- ولماذا لا نوفر كشافات متحركة في كل مقبرة، تسهل عملية الدفن واستقبال العزاء في وقت المغرب والعشاء، حتى يتعود الناس على ذلك، فيجدوا الوقت أوسع والزحام أقل.

- وأخيراً، لماذا لا تُرفع لافتة عليها اسم عائلة المتُوفى ويحملها أحد أقاربه، وذلك في حالة دفن عدد من الأموات في وقت راحد، من أجل إرشاد المشيعين.

غفرَ الله لموتانا، وجمعنا وإياهم في جنات النعيم.

مقالات أخرى للكاتب