Friday 06/12/2013 Issue 15044 الجمعة 02 صفر 1435 العدد

كيف تقرأ كتاباً؟

قواعد.. وأساليب

تأليف: الدكتور زيد بن محمد الرماني

قراءة: حنان بنت عبد العزيز آل سيف -بنت الأعشى-

إن الرحى المصنوعة لطحن الحبوب مهما كانت مُتقنة الصنع، لا تتحرك بدون هذه الحبوب، وكلما كان الحَب جيداً جاء الطحن متقناً مفيداً، وهذه الرحى تحكي قصة عقولنا، فالدماغ إذا ما لم يزوّد ويطعم بالمعرفة الملائمة، والحقيقة النافعة، فهو في المقابل لا يعطي علماً نافعاً، ولا أدباً راقياً، ولا فكراً متألقاً، ولله درّ أبي الطيب المتنبئ الذي أدرك بحكمته وعبقريته مكانة الكتاب، وذلك في بيته الذائع الرائع:

أعزّ مكان في الدنا سرج سابح

وخير جليس في الزمان كتاب

وأما أديب الأدباء الجاحظ، فماذا يقول عن الكتاب: (الكتاب نِعم الذخر والعقدة، ونِعم الجليس والعدة، ونِعم المشتغل والحرفة، ونِعم الأنيس ساعة الوحدة، ونِعم المعرفة ببلاد الغربة، والكتاب وعاء مليء علماً، وظرف حشي ظرفاً إن شئت كان أبين من سحبان وائل، وإن شئت كان أعيا من باقل، ولئن شئت ضحكت من نوادره، وعجبت من غرائب فوائده، ومن لك بمؤنس لا ينام إلا بما تهوى). يقول محمد بن زياد الأعرابي:

ولي جلساء ما أمل حديثهم

ألباءُ مأمونون غيباً ومشهداً

إذا ما اجتمعنا كان حسن حديثهم

معيناً على دفع الهموم مؤيداً

يفيدونني من علمهم علم ما مضى

وعقلاً وتأديباً ورأياً مسدداً

هذا وقد جاد الدكتور: زيد بن محمد الرماني، بكتاب صغير، ولكنه في فائدته كبير، وعنوانه سلف لك قبل قليل، وفي مقدمته إشارة إلى سبب التأليف في هذا الفن البحر، ثم الشكل الهندسي للكتاب حيث يقول: (هذا موضوع خطير، مفيد أساس لكل شاب وشابة أرادوا معرفة كيف يقرؤون الكتب على مختلف أشكالها وأحجامها وعلى مختلف فنونها وعلومها، ولذا رأيت أن أتطرق إلى جزئيات الموضوع من حيث:

1 - الكتاب.

2 - القراءة.

3 - الكيفية.

ثم أُبيّن الإجابة على السؤال كيف تقرأ كتاباً؟؟)

يقول أبو بكر القفال:

خليلي كتابي لا يعاف وصالياً

وإن قل لي مال وولى جمالياً

كتاب أب بر وأم شفيقة

هما هو إذ لا أم أو أبا ليا

كتابي جليس لا أخاف ملاله

محدث صدق لا يخاف ملاليا

محدث أخبار القرون التي مضت

كأني أرى تلك القرون الخواليا

كتابي بحر لا يفيض عطاؤه

يفيض عليّ المال إن غاض ماليا

كتابي دليل على خير غاية

فمن ثم إدلالي ومنه دلاليا

هذا وفي الكتاب أبيات شعرية رائعة متألقة وهي تنم عن نفس المؤلف - حرسه الله - في تتبع الفوائد الشعرية في مظانها، وفي جمعها من مصادر أدبية كبيرة، توحي لك أيها القارئ الكريم أن الكتاب الذي تقع قراءته بين يديك لم يأت من فيض الخاطر، بل هو حصيلة قراءة وتتبع وجمع وانتقاء، وكتاب الدكتور النابه محمد بن زيد الرماني يطرح موضوعات عديدة، وهي على سبيل المثال لا الحصر التالية: تتبع أقوال العلماء من أدباء محدثين، أو أدباء علميين، في فيض خواطرهم بفوائد وفرائد الكتب، وهؤلاء النابهون يأتون في كتابه على مقصدين: من أدباء عرب، ومن نبهاء غرب، ولا ريب فالحكمة ضالة المؤمن إن لقيها فهو أولى الناس بها.

تطرق إلى القراءة وطرق ماهيتها وقواعدها وعوائقها وأسباب الخطأ في القراءة، وطرح في تجواله لكتابه أسئلة عديدة: لماذا نقرأ؟ كيف تكون البدايات في القراءة صحيحة؟ وما أسباب اضطراب البدء في القراءة؟.. ثم سؤال عظيم في نسقه، كبير في فائدته وفحواه: لماذا تُؤلف الكتب؟.. ويحكى مقالة حاجي خليفة في كشف الظنون وأن التأليف على سبعة أقسام لا يُؤلف عاقل إلا فيها وهي:

إما شيء لم يسبق إليه فيخترعه، أو شيء ناقص يتممه، أو شيء مقلق يشرحه، أو شيء طويل يختصره، أو شيء متفرق يجمعه، أو شيء مختلط يرتبه، أو شيء أخطأ فيه مصنفه فيصلحه.

وأخيراً: فالكتاب نثر علمي وأدبي جميل، لا نستطيع أن نعطيه حقه إلا بقراءته، والتنزه بين خلجاته، وفي الكتاب محطات جلى فريدة منها كيف تكتب؟ كيف تقرأ؟ ومتى؟ وأين؟ والإجابات عليها ليست من استحلاب الخاطر، بل هي فيض استجلاب الناظر، تأتي مدعمة بالحجة والمحجة والعرفان من علماء بارزين، وأعلام نابغين، ونبلاء نابهين، طرقوا القراءة كفن، وحفظوها كعلم، فلله درهم من رجال، ولكل زمان دولة ورجال.

عنوان المراسلة:

ص. ب 54753 - الرياض: 11524 - فاكس: 2177739

hanan.al saif@hot mail.com